290

فأنا تحت الرقابة المشددة بولاية «إسبارطة» منذ عشرِ سنين؛ وإنَّ رجلًا يعيش غريبًا وحيدًا، ولا يَرى من الناس أحدًا سوى واحدٍ أو اثنين يقومان على شؤونه، وسوى ضيفٍ أو ضيفين كلَّ عشرةِ أيام، قد سئِم الدنيا، ونَفَر من السياسة أشدَّ النفور، وشهِد عدة مراتٍ ما لحِق التجمعاتِ والتنظيماتِ السياسيَّةَ القويَّةَ المعارِضةَ من عظيم الضَّرر والعُقْم بانقلاب نتائج عملها إلى ضدِّ مبتغاها، ورفَضَ التيَّاراتِ والتجمُّعات السياسيَّة فلم يشارك فيها عندما سنحتْ له أهمُّ فرصةٍ بين قومه والآلافِ من مُواليه، واعتبر خدمةَ الإيمانِ التحقيقيِّ أمرًا في غايةِ القدسيَّة، لا يجوز أن تشوبها أيُّ شائبةٍ، فضلًا عن إفسادِها في أغراضٍ سياسيَّةٍ الذي هو جنايةٌ عظمى، ففرَّ من السياسة فرارَه من الشيطان، متَّخذًا لنفسه دستورًا منذ عشر سنين: «أعوذ بالله من الشيطان والسياسة»، وأنَّ الحيلةَ في عدم الحيلة، وكان مع هذا عصبيَّ المزاج يُفشي أسراره بلا تحفُّظ، ولم يُشعِر بهذا التنظيم موظَّفي ولاية «إسبارطةِ» الواسعةِ من الجواسيس والمخبرين مدَّة عشرِ سنين؛ أقول: إن رجلًا هذه حالُه، يأتيه مَن يقول له بعد هذا كلِّه: «إنَّ ثمة تنظيمًا تقف خلفه وتدير أنشطتَه»، ستُقابَل افتراءاتُه هذه بالمقت والازدراء لا مني فحسْب، بل من ولاية «إسبارطة» وجميعِ معارِفي، بل حتى من جميع أهل العقل والوجدان، وسيقولون له: إنك تتهمه بناءً على مخطَّطاتٍ مغرِضة.

ثانيًا: إنَّ قضيتَنا هي الإيمان، وإن لنا بأُخوَّةِ الإيمان رابطةً مع تسعةٍ وتسعين بالمئة من أهالي «إسبارطة» وأبناءِ الوطن؛ أما التنظيم فهو اتفاقُ أقليَّةٍ من بين أكثريَّة، فوجودُ ما نسبتُه تسعةٌ وتسعون في مقابل واحدٍ لا يُعدُّ تنظيمًا؛ وواقعُ الحالِ أن المُلحِد الجائر المتحامل يظن أن كلَّ الناس مُلحدون مثلَه، فيُشيع ذلك لإهانةِ هذا الشعب المتديِّن المبارك.

ثالثًا: إنَّ إنسانًا مثلي أحبَّ أمة التُّرْك صادقَ المحبَّة، وقدَّرَها بالِغَ التقدير، لِما حَظِيَتْ به من ثناءِ القرآن، ووالى هذه الأمة التي حملت لواء القرآن وواجهتِ الدنيا بأسرها منذ