292

الموقوفين الأبرياء؛ فلما انكشف كذبهم للعِيان اليوم، اختلقوا مزاعم كمزاعمِ الذئب للحَمَل، يريدون بها التلبيسَ على رجال القضاء؛ وإنني من جهةِ حقي المدنيِّ في الدفاع أذكِّر رجالَ القضاء بحاجتهم إلى التيقُّظ والحذر تجاه هذه المسائل.

والحقُّ أن أولئك هم مَن ينبغي أن يُتَّهَموا، فقد سبق أنْ تزلَّفوا لبعض رجال الحكومة، وافتعلوا بالحيلة حادثةً صغيرةً هيِّجوا بها بعضَ السذَّج الأبرياء المساكين، وورَّطوهم خلف قناع تنظيمٍ وهميٍّ، ثم ضلَّلوا الحكومة فجعلوا الحبَّة قبَّةً كما يفعل الشياطين، وتسبَّبوا بسحقِ كثيرٍ من الأبرياء، وألحقوا بالبلاد عظيمَ الأضرار، وحمَّلوا غيرَهم الأوزار، فقضيَّتُنا كهذه تمامًا.

المادة الثالثة: لا بـدَّ أن تكـون المحكمـةُ أكثـرَ دوائـرِ الحكومـةِ محافَظـةً على استقلاليَّتها، وأَولى مَن يُكلَّف بالنظر بحياديَّةٍ وتجرُّدٍ عن المشاعر تجاه المؤثِّرات الخارجية؛ واستنادًا إلى هذه الاستقلالية فإن لي حقَّ الدفاع بحرِّيَّةٍ عن حقوق حريَّتي.

أجل، ففي جميع المحاكم قضايا تتعلق بالأموال والأرواح، ولو أن قاضيًا غضِب من قاتلٍ ما، فأمَر لأجل ذلك بإعدامه، لأصبح هو الآخَر قاتلًا؛ ومعنى هذا أنه إنْ لم يتحرَّر موظَّفو القضاء ويتجرَّدوا تمامًا عن جميع المشاعر والمؤثرات الخارجية، فقد يرتكبون آثامًا مروِّعةً ضمن عدالةٍ صُوْريَّة.

ثم إن للجُناة والمعارضين ومَن لا وكيل لهم حقوقًا، وهم يطلبون لتحصيلها مرجعًا يكون بغايةِ الحياد.

وإن ثمة تعبيرًا يُوجَّه إليَّ، وهو من منظور العدالة يوحي بالتحيُّز، ويحوِّل ماهيَّة العدل إلى ظلم، وهو أنهم يخاطبونني أثناء بعض الاستجوابات هنا وفي «إسبارطة» في كلِّ مرةٍ بـ «سعيد الكردي»، أو: «هذا الكردي»، مع أنَّ اسمي سعيد النُّورْسِيّ؛ وهم بذلك يثيرون النعرة القوميَّة لدى أصحابي من إخوان الآخرة، ويهيجون المشاعر ضدي، ويُحوِّلون مجرى المحكمة وماهيَّةَ عدالتها إلى ضدِّه ونقيضِه بالكامل.