293

نعم، ومع وجودِ حوادثَ تاريخيَّةٍ كثيرةٍ تُبيِّن أن الشرط الأول للعدالة هو أن تنظر المحكمة والقاضي في القضايا بغايةِ الحِياد بدون أيِّ شائبةِ التحيُّز، كجلوسِ سيِّدِنا عليٍّ رضي الله عنه زمنَ خلافته في المحكمةِ سويًّا مع يهوديٍّ، [الخبر أخرجه أبو نعيم في الحلية 4/140، والبيهقي في السنن الكبرى برقم 18841؛ هـ ت] وتقاضي كثيرٍ من الأمراء مع أفرادٍ من عامَّة الناس في محاكم العدل، فإنني أقول لمن يريدون تضليل نظر العدالة وإثارة المشاعر تجاهي بكوني أجنبيًّا غريبًا:

أيُّها السادة.. أنا مسلمٌ قبل كلِّ شيءٍ، ولدتُ في «كردستان»، لكني خدمت الأتراك، وإليهم توجَّهتْ تسعٌ وتسعون بالمئة من خدماتي النافعة، وبينهم قضيتُ معظمَ حياتي، ومنهم كان أصدقُ إخواني وأخلصُهم.

وإنني أستطيع أن أُشهِد ألفًا من الشباب التركيِّ الحقيقيِّ الشَّهم على أنّني خدمتُ الأمَّة التركية أكثر مما خدمَها ألفٌ ممن يتظاهرون بأنهم عُشَّاقُ القوميَّة التركية ويصفونني بالكرديّ، فلقد أحببتُ الأتراك ومِلتُ إليهم أكثرَ من غيرهم، وذلك بمقتضى خدمتي القدسيَّة ومسلكي القرآني؛ إذْ كان التُّرْك أكثرَ جيوشِ الإسلام بطولةً.

كما أُشهِد على دعواي هذه ثلاثين بل أربعين كتابًا من كتبي الموجودة بأيدي هيئة المحكمة، خصوصًا رسائل «الاقتصاد» و«الشيوخ» و«المرضى»، التي تخدُم فئاتٍ من أهل المصائب الفقراء والمرضى والمتديِّنين الأتقياء الذين يشكِّلون أربعةَ أخماس الشعب التركي، خدمةً تعدِل خدمةَ ألفٍ من دعاة القوميَّة التركية، فهذه الكتب ليست بأيدي الأكراد، بل بأيدي الشباب التركي.

وأستأذن هيئة المحكمة لأقول لأولئك الملحدين الظلمة الذين أقحمونا في هذه المصيبة، واستغفلوا أشخاصًا رفيعي المستوى من رجال الحكومة، وحاكوا المؤامرات بذريعة القومية: