294

أيها السادة.. أمِنَ القوميَّة أن تَزجُّوا في هذه المصيبة أكثرَ من أربعين شخصًا هم من خيرةِ شبابِ التُّرك ومن أجَلِّ شيوخهم -كأنَّهم ارتكبوا جريمةً كبرى- بسببِ مادةٍ لم تَثبتْ بحقي، ولو ثبتت لم تكنْ جرمًا، ولو كانتْ جرمًا كنتُ وحديَ المسؤولَ عنها؟!

نعم، يوجد بين مَن طالَهم هذا التوقيف المتعسِّف الجائر رجالٌ أفاضل هم مَبعثُ فخرٍ للشباب التركي، [بعد أن قاسى هؤلاء شهرين من التوقيف الشاق المُضْني، أُخلي سبيلهم بناءً على قرارٍ بمنع المحاكمة؛ سعيد] أفيكون من القوميَّة أن يُعتَقَلوا من بين أهلهم وأبنائهم، ويُساقوا كالمجرمين، ويُزَجَّ بهم في هذه البَلِيّة، لمجرَّد أنني عرفتُ قَدْرَهم من غير أن ألقاهم، فبلَّغتُهم سلامًا أو بعثتُ إليهم برسالةٍ إيمانيَّةٍ؟!

إنني أقول -وأنا الذي أُعَدُّ في نظركم من أمَّةٍ غير متحضِّرة-: يوجد بين هؤلاء الموقوفين من شبابِ الترك الأماجد وشيوخِهم الموقَّرين مَن لا أستبدل بالواحد منهم مئةً من بني قومي؛ وإنَّ فيهم مَن لأجله تركتُ الدعاء منذ خمس سنين على المسؤولين الذين ما فتِئوا يظلمونني منذ عشر سنين؛ وإنَّ فيهم من الأصحاب الأكارم مَن رأيتُ فيهم بكمالِ التقدير والإعجاب أطهرَ نماذج السجايا العالية، وعرفتُ من خلالهم سرَّ تفوُّق الشعب التركي.

وإنني لأؤكد متعهِّدًا بوجداني وبأماراتٍ كثيرةٍ أنْ لو كانتْ لي أبدانٌ بعددِ أولئك الموقوفين الأبرياء الأفاضل، أو لو استطعتُ أن أتلقى جميعَ أنواع المشاقِّ النازلة بهم، لطلبتُ -واللهِ- أن أتحمَّلها بدلًا منهم بكل فخر.

وما كان شعوري هذا تجاههم إلا لقيمتهم الذاتية، لا لمنفعةٍ تنالني منهم؛ فبعضُهم أراهم الآن لأول مرة، وربما انتفع بعضُهم بي وتضرَّرتُ بسببه، لكني لو تضرَّرتُ بسبب هؤلاء آلاف الأضرار، ما نزلتْ قيمتُهم في نظري.

فيا أيها الملحدون الظَّلمة أدعياءُ القوميَّة.. أَمِنَ القوميَّة إهانةُ وإذلالُ هؤلاء الأكارم الذين هم مَبعَث فخرِ الشعب التركي استنادًا إلى مزاعم تافهةٍ مكرَّرة بسببِ