297

فهذه أمةٌ مباركةٌ نصبتْ مفاخرَها على وجه البسيطة بملايين المصادر الدينيَّة أمةً متديِّنةً تديُّنًا حقيقيًّا صادقًا، وخَطَّتْ تلك المفاخرَ بسيوفها جيشًا بطلًا للدين الحقِّ ألفَ سنة، فحين يتَّهمها الكذَبَة ممن لا دين لهم ولا انتماء بأنها ترفض الدين
أو أنها لادينيَّة، إنما يرتكبون جريمةً كبرى يَستحقُّون أن يَلقَوا جزاءَها في أسفل سافلي جهنَّم.

والحال أنَّ رسائل النور لا تتحدث عن دائرة الدين الواسعةِ التي تشمل حتى قوانين الحياة الاجتماعيَّة، وإنما أصلُ موضوعها وهدفُها الذي تتحدث عنه أركانُ الإيمان العظيمة التي هي أخصُّ وأسمى أقسام الدين.

ثم إنَّ أكثر مخاطَبِيَّ -بعد نفسي أولًا- هم فلاسفةُ أوروبا؛ وما دامت هذه المسائل القدسية صحيحة، فإني لا أتصوَّر أحدًا يمكنه أن يتوهَّم منها الضررَ سوى الشياطين.

وإنما كانت هنالك ثلاثُ أو أربع رسائل وُجِّهتْ إلى بعض المسؤولين بصورةِ شكوى ناقدة، غير أنها لم تكن لانتقاد الحكومة أو مناوأتِها، بل كانت ضدَّ بعض المسؤولين الذين ظلموني وأساؤوا استعمال وظيفتهم؛ وقد اعتبرتُها رسائلَ خصوصيَّةً ومنعتُ نشرَها لكيلا تكون مبعثًا لسوء الفهم.

وقد أُلِّفتْ أكثرُ الرسائل الأخرى قبل أربع أو خمسِ سنواتٍ، وأُلِّف بعضُها قبل ثماني سنوات، وأُلِّف بعضُها الآخر قبل ثلاث عشرة سنة، أما رسائل «الاقتصاد» و«الشيوخ» و«المرضى» فألِّفتْ في السنة الماضية؛ ومع هذا فكلُّ مَن له ذرَّةٌ من عقل إنْ دقق في الرسائل بحياد، سَلَّمَ أنها لا تعارض قوانين الحكومة، وليس فيها إخلالٌ بالأمن ولا إضلالٌ للشعب، بل ينبغي -على العكس من ذلك- أن تُقابَل بالتقدير من قِبَل الحكومة.

ولو فرضْنا جدلًا أن الكثير من نقاطها يعارض وجهة نظرِ الحكومة، فإنني بموجب قانون العفو المنشور مؤخَّرًا، والذي يعفو عن هذا النوع من الجرائم الواقعة