300

فإن قيل: أنت غير موظَّف، وليس لك أن تدرِّس الدين كالموظفين الرسميين فتحظى باحترام الناس؛ ثم إنه توجد دائرةٌ رسميَّةٌ تدرِّس الدين لا بدَّ من الحصول على موافقتها.

فالجواب:

أوَّلًا: ليس لديَّ مطبعةٌ ولا كُتَّاب ليقوموا بوظيفة النشر، وأما درسُنا فخصوصي، ودستور حريَّة الضمير والوجدان يكفل حريَّة الأمور الخاصة، لا سيما إن كانت إيمانيَّةً أو وجدانيَّة.

ثانيًا: إن اتفاق حكومة الاتحاد والترقي على توظيفي في «دار الحكمة الإسلاميَّة» وتكليفي بمهمة نشر العلم، وإثباتِ الحقائق الإسلاميَّة في مواجهة أوروبا، وتعييني واعظًا في «وان» من قِبَل رئاسة الشؤون الدينيَّة، وتداولَ ما يزيد على مئةٍ من رسائلي بأيدي العلماء حتى الآن من غير انتقاد، يُثبِت أن لي الحق في تدريس الناس وتعليمهم.

ثالثًا: لو أن باب القبر أُغلِق، وبقي الإنسان خالدًا في الدنيا لا يموت، لأصبحت الوظائف حينئذٍ عسكريَّةً وإداريَّةً ورسميَّةً فحسْب؛ لكن ما دام يوجد في كلِّ يومٍ ثلاثون ألف شاهدٍ على الأقل، يوقِّعون بجنائزهم على الدعوى القائلة: «الموتُ حق»، فلا بدَّ أنه توجد وظائفُ إيمانيَّةٌ أهمُّ من الوظائف المتعلِّقة بالدنيا؛ وها هي رسائل النور تؤدِّي هذه الوظائف بأمرِ القرآن.

وما دام القرآن -وهو آمرُ رسائلِ النور وحاكمُها- يَحكم بقيادته ثلاثمئةٍ وخمسين مليونًا ويُدرِّبهم، ويرفع أيدي أربعةِ أخماسهم إلى باب الحضرة الإلهية خمسَ مراتٍ في اليوم على الأقل، ويُقرِئُهم أوامرَه القدسيَّةَ السماويَّةَ باحترامٍ في جميعِ المساجد والجماعات والصلوات، فلا بد أنَّ رسائل النور -وهي تفسيرُه الحقيقي، ونورٌ من شمسِه، وأحدُ موظَّفيه- ستقوم بتلك الوظيفة الإيمانيَّة دون أن تتأثر بالصدمات أو تُعيقَها العقباتُ