305

بشخصها المعنوي من الاتهام بنظر الشعب، وتعودَ إلى ثقتها بأهل العلم، ويرتفعَ سوء الفهم هذا، ولكيلا يتكرر وقوعُ الخلاف أو وقوعُ أمثالِ هذه الحوادث التي تُلحِق عظيمَ الضرر بالحكومة والشعب والوطن.

…….

والحقُّ أن «الكلمة العاشرة» لما انتشرت منها ثمانُمئة نسخةٍ قبل تسع سنواتٍ من الآن، حصرَتْ إنكارَ الحشر في قلوب منكريه من أهل الضلالة، فلم تدع مجالًا لتصرِّح به ألسنتُهم، وسدَّت أفواههم، وأدخلتْ براهينَها الخارقة في أعينهم.

أجل، فهذه الرسالة التي تبيِّن ركنًا إيمانيًّا عظيمًا كالحشر أصبحت درعًا فولاذيًّا يحيطُ بالإيمان، وأسكتتْ أهلَ الضلالة؛ ولا شك أن حكومة الجمهوريَّة قد سُرَّتْ بها حتى تناقلتْها أيدي النوَّاب والولاة وكبار المسؤولين بحريَّةٍ تامَّة.

…….

وقد أوردتُ في لائحة الاعتراض حكايةً تُصوِّر حالي وأنا غريبٌ وحيدٌ، أواجه منذ أربعة شهورٍ قضيَّةً مصيريةً مآلها الموت أو الحياة، يُمنَع فيها السؤالُ أو الاطمئنان عن حالتي الأليمة ولو برسالةٍ من أيَّةِ جهةٍ كانت، ويُشهَّرُ بي بصورةٍ تُنفِّر الناسَ مني وتجلِب مقتَهم عليَّ، وأُحرَمُ من جميع أنواع العون والتسهيل.

والحكايةُ أن ملِكًا في سالِف الزمان ابتُلي بداءٍ لا دواء له إلا دمُ طفلٍ، فقدَّم أحدُ الآباء طفلَه للملِك مقابلَ مبلغٍ من المال بعد أن سوَّغَ له القاضي ذلك، فطفِق الطفل يضحَك في المجلس بدلًا من أن يبكي أو يشتكي، فسألوه: لِمَ لا تستغيث أو تشكو، بل تضحك؟! فأجابهم: إن الإنسان إذا ألمَّتْ به مصيبةٌ لجأ أولًا إلى أبيه، ثم إلى القاضي، ثم إلى الملِك؛ أما أنا فيبيعني أبي لأُذبَح، ويُصدِر القاضي قرارًا يسلبني حياتي، ويَطلُب الملكُ دمي، فأحرى بهذه الحالةِ الغريبةِ البشعةِ التي لم يُرَ مثلُها قطُّ أن تُقابَل بالضحك.