307

ولو علمتُ أنَّ رجال هذه المحكمة الذين يسعون للحفاظ التامِّ على الحرية، ولا يرضخون للضغوط أيًّا كانت، ويَحكُمون بحِسِّ العدالة الذي في ضمائرهم.. لو علِمتُ أنهم سيُصغون إلينا بخصوص شخص السيد «شكري قايا»، لكنا أولَ مَن يقيم الدعوى ضدَّ شخصِه؛ فهو منذ سنةٍ يطلُب التقارير بحقِّنا بشكلٍ دوريٍّ كلَّ يومٍ أو كلَّ أسبوع، يَلفِتُ بذلك انتباه الجواسيس ورجال الأمن ضدَّنا، ويُعِدُّنا للذبح كالأضاحي.

ومع أن واجب المحكمة يحتِّم عليها ألا تنشغل بشيءٍ سوى العدالة، ومع أن رجالها مرتبطون حقيقةً بالعدالة ارتباطًا تامًّا، إلا أنهم لعدم قدرتهم على مقاومة ضغوطِ شخصٍ رفيع المنصب كـ«شكري قايا»، لم يستطيعوا أن يُخلوا سبيلَنا، بل تركونا رهنَ المعاناة.

أما والي «إسبارطة» ورجالُ الأمن فيها وهم الحكومة المحلِّيَّة، فبينما كانت وظيفتهم الوجدانيَّة تستلزم أن يُعنَوا أكثر من غيرهم بحمايتنا وحماية أبناء مدينتهم الأبرياء المساكين الموقوفين، ويسعوا في تخليصهم، فإنهم على العكس من ذلك منعوا عنهم مخصَّصاتهم وأرزاقهم، لا سيما الفقراء والمحتاجين منهم، وتذرَّعوا لذلك بذرائع كثيرةٍ تافهةٍ باطلةٍ، وسعَوا في إذلالهم كي يُسقطوهم بالتجويع في حضيض البؤس.

ولسنا نقابل هذه الحالَ المريرة بالشكوى، بل نقابلها -كما فعل ذلك الطفل- بالضحك، رغم أنها تثير منتهى درجات البكاء، ونُحيل قضيَّتَنا إلى العزيز الجبار متوكِّلين عليه.

***