282

الدليل الثالث: اعترافُ كلٍّ من مكتب الوالي ومديرية الأمن العام بعدم العثور في كتبي على أيِّ محتوى أو مادَّةٍ تتعرَّضُ لسياسة الحكومة، وذلك بعد مداهمةِ مكان إقامتي بشكلٍ لا يخطر بالبال، وتفتيشِه تفتيشًا دقيقًا، ومصادرةِ أخصِّ أوراقي وكتبي التي كانت بحوزتي منذُ عشرِ سنين.

فيا ترى!! لو أن رجلًا مثلي نُفِيَ بدون سببٍ عشَرةَ أشهر لا عشرَ سنين، وتعرَّض لظلمٍ فادح، وقاسى صنوفًا من الاضطهاد والرقابة المقرونةِ بالأذى، ونُشِرَتْ أخصُّ أوراقِه الشخصية إلى العلن، أما كانت تَظهَر في هذه الأوراق عشرُ قضايا تُصفَع بها وجوهُ الظَّلَمة؟!

فإن قلتم: لقد وقفنا لك على أكثر من عشرين رسالةً راسَلتَ بها الآخرين؛ فإني أقول: لقد كُتِبتْ هذه الرسائل خلال سنين ممتدة، أفيُستَكثَرُ إن كَتبتُ إلى عشرةِ أصدقاء، خلال عشرِ سنين، عشرَ رسائل أو عشرين بل مئة؟! ألا ما دامت المراسلة مسموحاً بها ولم تَتعرَّض لدنياكم فليست جُرْمًا وإنْ بلغتْ ألفًا.

الدليل الرابع: أنكم تَرَون أن جميع كتبي المصادَرة قد ولَّتْ ظهرَها للسياسة، وتوجَّهت بكُلِّيَّتِها نحو الإيمان والقرآن والآخرة، سوى رسالتَين أو ثلاثٍ خرجَ فيها «سعيدٌ القديم» عن صمته، وثارتْ ثائرتُه على اضطهاد بعض المسؤولين القُساة؛ فهو لم يعترض على الحكومة، بل على أولئك المسؤولين الذين أساؤوا استعمال وظيفتِهم، فكتب شكواه متظلِّمًا؛ ومع هذا اعتبرْتُ هذه الرسائلَ خصوصيةً فلم أسمح بنشرها، وبقيتْ محصورةً بأيدي بعض خواصِّ أصحابي؛ وإنما شأن الحكومة أن تَرْقُب الظاهرَ وتنظر إلى الأفعال، وليس من حقها أن تنظر إلى القلوب ولا إلى الشؤون الخاصة الخفيَّة، فلكلِّ إنسانٍ أن يفعل بقلبه وفي بيته ما يشاء، فيستاءَ من الحكام ويَذُمَّهم.

فمن ذلك أنني كتبتُ رسالةً مختصرةً ردًّا على محاولةِ بعضِ المسؤولين التدخُّلَ في شأن عمامتي وعبادتي الخاصة على المذهب الشافعي، وذلك قبل سبع سنوات وقبل