286

وأقول لمساعدتكم في مهمة التحقيق: إن «رسالة الفهرست» فهرسٌ لقسمٍ من رسائلي التي لها من العمر عشرون عامًا، وأصولُ بعضِها تبدأ من «دار الحكمة»؛ والأرقامُ التي في «الفهرست» ليست على ترتيب التأليف، فـ«الكلمة الثانية والعشرون» مثلًا أُلِّفتْ قبل «الكلمة الأولى»، و«المكتوب الثاني والعشرون» كُتِبَ قبل «المكتوب الأول»، ومِثلُ هذا كثير.

ثالثًا: إنَّ أجزاء رسائل النُّور التي هي عبارةٌ عن عِلم الإيمان، تُحقِّق الأمن والاستقرار وتُرسيهما؛ أجل، فالإيمان الذي هو منشأ الأخلاق الحسنة ومنبع الخصال الحميدة، لا يُفسِد الأمنَ البتة، بل يُحقِّقه ويُعزِّزه، في حين أن انعدامَ الأخلاق الناجمَ عن عدمِ الإيمان هو ما يُخِلُّ بالأمن.

واعلموا أنني قرأتُ في صحيفةٍ قبل عشرين أو ثلاثين سنة كلمةً لأحدِ وزراء المستعمرات البريطانية يقول فيها: «لن نستطيع أن نُحكِم السيطرة على المسلمين ما دام هذا القرآنُ بأيديهم.. علينا أن نجتهد لانتزاعه من أيديهم، والتهوين من شأنه في نظرهم»، فحوَّلتْ كلمةُ هذا الكافرِ المعانِد نظري إلى فلاسفة أوروبا منذ ثلاثين سنة، فأنا أجاهدهم بعد جهادِ نفسي، ولا ألتفت كثيرًا إلى الأمور الداخلية، بل أقول: إن مساوئ الداخل هي مِن خطايا أوروبا وإفسادِها؛ فلهذا أشنُّ هجومي على فلاسفتها وأصبُّ عليهم جامَ غضبي؛ وحمدًا لله أن رسائل النور قد أفحمت الفلاسفةَ الماديين والطبائعيين، وحطَّمتْ أمنياتِ ذلك الكافر المعاند.

فليس في العالَم حكومةٌ مهما كان شكلُها تمنع نِتاج بلدها المباركَ، ومعدِنَ قوَّتِها المعنويَّة التي لا تتزعزع، أو تُدِين ناشرَها؛ وإن الحريَّة التي يتمتع بها الرهبان في أوروبا تُبيِّن أنْ ليس ثمةَ قانونٌ يتعرَّض لمن عزفوا عن الدنيا وفرَّغوا أنفسهم لإيمانهم وآخرتهم.

الحاصل: إنَّني على يقينٍ أنَّه لا يوجد في العالَم قانونٌ يمنع أو يستطيع أن يمنع رجلًا طاعنًا في السن، محكومًا بالنفي دون سبب منذ عشر سنوات، ممنوعًا في الغربة من