531

إخواني الأعزاء الأوفياء.. إن إحدى الحِكم من سَوقِ عدالةِ القدَر الإلهيِّ إيَّانا إلى مدرسة «دَنِزْلي» اليوسفية، هي حاجةُ سجنائها وأهلها، بل حتى موظفيها وعدليَّتها، إلى رسائل النور وتلاميذِها أكثر من حاجةِ أيِّ مكانٍ آخر، وبناءً على هذا فإننا دخلنا هذا الامتحان الشاقَّ لنؤدِّيَ وظيفةً إيمانيةً أُخروية.

أجل، فلم يكن يوجد بين عشرين أو ثلاثين سجينًا سوى واحدٍ أو اثنين يؤدُّون الصلاة مستوفاةَ الأركان، ولكن ما إنْ دخل أربعون أو خمسون من تلاميذ رسائل النور جميعُهم يؤدُّون الصلاةَ على وجهها الأكمل، حتى قدَّموا درسًا وإرشادًا فريدًا رائعًا بلسان الحال والأفعال تتلاشى معه هذه الشدة والضائقة، بل تغدو محبَّبة؛ وكما قدَّموا هذا الدرس بأفعالهم فإننا نرجو من رحمة الله وعنايته أنْ يجعلهم -بالإيمان التحقيقي الراسخ في قلوبهم- قلعةً فولاذيةً تحمي أهل الإيمان هنا من أوهام أهل الضلالة وشبهاتهم.

إن ما فعله أهل الدنيا بنا حين منعونا من اللقاء والتواصل مع الآخرين لن يضرَّنا شيئًا، فلسان الحال أبلغ وأقوى من لسان المقال؛ وإذا كانت الغاية من السجن التربية، وكانوا يحبون هذا الشعب حقًا، فليسمحوا بالتواصل بين تلاميذ النور وبين المساجين كي يُحصِّل هؤلاء من التربية في شهرٍ بل في يومٍ أكثر مما يحصِّلونه في سنة، وليكونوا أفرادًا ينفعون أنفسهم في مستقبلهم وآخرتهم، وينفعون كذلك أمتهم ووطنهم.

لو توفَّرتْ معنا «رسالةُ مرشد الشباب» لكانت عظيمةَ النفع.. عسى أن تَدخُل يومًا ما إلى هنا إن شاء الله.

سعيد النُّورْسِيّ

***