532

إخواني الأعزاء الأوفياء.. تذكرتُ اليوم الحوارَ الذي دار بيني وبين أخي الأكبر «المُلَّا عبد الله» بخصوص «الشيخ ضياء الدين» كما تعلمون، ثم فكرتُ فيكم وقلتُ بقلبي:

لو كُشِف حجاب الغيب عن هؤلاء المسلمين الملتزمين والمتدينين الصادقين الذين لم يتزعزعوا في هذه الظروف الملتهِبة المُستعِرة، والذين يُظهِرون ثباتًا عجيبًا في هذا الزمان الذي قلَّ فيه الثبات.. نعم، لو كُشِف حجاب الغيب عن هؤلاء، فظَهَرَ كلُّ واحدٍ منهم وليًّا بل قطبًا ما زاد ذلك في أهميتهم عندي ولا في علاقتي بهم إلا يسيرًا؛ أو لو ظَهَرَ كلُّ واحدٍ منهم إنسانًا عاديًّا من عامة الناس ما نقص ذلك شيئًا من أهميتهم عندي.

نعم، هكذا قَررتُ، لأن خدمة إنقاذ الإيمان في ظروفٍ شديدةِ الوطأةِ كهذه هي أسمى من كلِّ شيء؛ أما الشيوخ فلهم مزايا تُضْفيها عليهم المقاماتُ الشخصية وحُسْنُ ظنِّ أتباعهم، ومتى تَصدَّع حُسْن الظنِّ في مثل هذه الظروف المضطربة المتقلِّبة قَلَّتِ المحبة، فيجد صاحب المزية نفسَه مضطرًّا للتصنُّع والتكلُّف والوقار المصطنَع ليحافظ على مكانته عند أتباعه؛ فحمدًا لله بلا حدٍّ أنْ أغنانا عن مثل هذه التكلُّفات الباردة.

سعيد النُّورْسِيّ

***