535

إخواني الأعزاء الأوفياء..

إن لقاء الأحِبَّة والإخوان الصادقين هو مبعثُ سُلوانٍ عظيم إزاء ما يلقاه الإنسان من سرعةِ تبدُّلِ الحياة الدنيا وزوالها، ولذَّاتها الخسيسة الفانية، وما فيها من صفعات الفراق والافتراق.

أجل، فربما سافر المرء مسيرة عشرين يومًا وليلة، وأنفق المال الكثير، كي يلتقيَ بصديقه الحميم سُوَيعاتٍ معدودة؛ فكيف بلقاءِ أربعين أو خمسين صديقًا حميمًا دفعةً واحدةً في هذا الزمان العجيب الذي خلا من الأصدقاء، ومجالستِهم في الله ومبادلتِهم السُّلوان الحقيقي على مدى شهرٍ أو شهرين؟! لا شك أنه يجعل المشاقَّ التي نزلتْ بنا والخسارات المادية التي أصابتْنا تافهةً لا أهمية لها؛ وأنا شخصيًّا أرضى بهذه المشاق في سبيل أن ألتقيَ ولو بواحدٍ من إخواني الموجودين هنا بعد فراقٍ دام عشر سنين. [يقصد طلابَ النور الذين سِيقوا من «إسبارطة» إلى سجن «دَنِزْلي»؛ هـ ت]

الشكوى انتقادٌ للقدر، والشكر تسليمٌ له.

سعيد النُّورْسِيّ

***

إخواني الأعزاء الأوفياء..

ما دمتم قد ارتبطتم برسائل النور لأجل الخير والآخرة، ولأجل العبادة والثواب، ولأجل الإيمان والقرآن، فلا ريب أنه يلزمكم أن تشكروا الله على مجيئكم إلى هذا المكان تأخذون فيه مخصَّصاتكم ومقدَّراتكم التي حدَّدها لكم القدَر، وتأكلون ما قُدِّر لكم من رزق، وتفوزون بالأجر والثواب في مكانٍ تَعدِل كلُّ ساعةٍ فيه في هذه الظروف الصعبة عبادةَ عشرين ساعة، وتَعدِل هذه العشرون ساعةً مئةَ ساعةٍ بالنظر إلى الجهاد المعنوي في خدمة الإيمان والقرآن.