539

ثم إننا قد نواجَه ببعض المخدوعين أو المنخدعين من العلماء والشيوخ ومَن يُظهِرون التقوى، ولا بد لنا في هذه الحال أن نحافظ على وحدتنا وتَسانُدنا، ونجتنبَ الانشغال بهم والجدال معهم.

سعيد النُّورْسِيّ

***

إخواني الأعزاء الأوفياء..

عندما كنت في «قسطمونو» شكا لي رجلٌ من أهل التقوى الأفاضل حالَه قائلًا: لقد سقطتُ.. فَقدتُ حالي التي كنتُ عليها في سابق عهدي وما كان فيها من أذواقٍ وأنوار؛ فقلتُ له: بل ترقَّيتَ بحيث خلَّفتَ وراءك الأذواق والكشوفات التي تلاطف هوى النفس وتُذيق الثمرات الأخرويةَ في الدنيا وتُشعِر بالغرور، وحَلَّقتَ إلى مقامٍ أعلى بالفناء عن الذات وترك الأنانية والانصراف عن الأذواق الفانية.

أجل، إن من عظيم الإحسان الإلهي ألَّا يُشعِر بوجوده مَن لم يترك أنانيَّتَه، لئلا يقع في العُجْب والغرور.

وبناءً على هذه الحقيقة أيها الإخوة، فإن مَن يفكِّر كهذا الرجل أو يهتم بالمقامات الباهرة التي تتأتى من حُسْنِ ظنِّ الناس، عندما ينظر إليكم فيرى فيكم تلاميذ عليهم سيما التواضع والخدمة والفناء عن الذات، يحسبكم أناسًا عاديِّين من عامة الناس، فيقول: أهؤلاء هم أبطال الحقيقة؟! أهؤلاء مَن يَتَحَدَّون الدنيا؟! هيهات!! أين هم من مجاهدي هذه الخدمة القدسية التي عجَزَ عنها حتى الأولياء في هذا الزمان؟! فيَخيب ظنُّه إن كان ممن يوافقكم، ويرى نفسه مُحقًّا إن كان ممن يخالفكم.

سعيد النُّورْسِيّ

***