523

الكبرى»، فيجعل من هذه الرسالةِ ومنبعِها شفيعَين.. نعم؛ فالمصيبة التي وقعتْ بحجةِ طباعةِ «رسالة الآية الكبرى» قد صدَّقَتْ تمامًا ذلك الرمز الغيبي.

لا يعلم الغيب إلا الله

﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة:286]

***

باسمه سبحانه * وإن من شيءٍ إلا يسبِّح بحمده

إخواني الأعزاء الأوفياء.. أهنئكم من جميع كياني بليلةِ القدر التي انقضتْ، كما أهنئكم بالعيد القادم، وأستودعكم وحدانيَّةَ أرحمِ الراحمين ورحمتَه.

ومع أني أراكم غيرَ محتاجين للسُّلْوان، لأن مَن آمَن بالقدَر أَمِنَ من الكَدَر، إلا أنني أقول لكم: لقد رأيتُ السُّلْوانَ التام الذي تَبثُّه الآيةُ الكريمة بمعناها الإشاريِّ: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ [الطور:48].

وبيان ذلك أنني في الوقت الذي كنتُ أخطط فيه للانصراف عن الدنيا والإقبال على تقضيةِ شهر رمضان في سكينةٍ وراحةِ بال، إذْ وقعتْ هذه الحادثة التي لا تطاق ولا تخطر بالبال، فوجدتُها عينَ العناية لي ولكم ولأُخوَّتنا ولرسائل النور ولشهر رمضان؛ [وقعت حادثة السَّجن بتاريخ 20 رمضان 1362هـ، الموافق 20 أيلول/سبتمبر 1943م، واستمرت قرابة تسعة أشهر؛ هـ ت] فأما ما يتعلَّق منها بي فأبيِّن فائدتَين أو ثلاثًا من فوائدها الجمَّة الكثيرة.

فأُولاها: أنها دفعتني للجِدِّ والاجتهاد في رمضان بنشاطٍ شديدٍ وعزمٍ والتجاءٍ وتضرُّعٍ، مغالِبًا المرضَ الشديد الذي ألمَّ بي.