383

وأما من كانوا فوق سن الخامسة عشرة، وكانوا أبرياء مظلومين، فمكافأتهم كبيرةٌ كذلك، ولعلها تُنجيهم من عذاب جهنم؛ ذلك أنه ما دام الدين قد صار في آخر الزمان بدرجة الدين في زمان الفترة، وأُسدِل على دين محمدٍ (ص) ستار اللامبالاة، وما دام الدين الحق لسيدنا عيسى عليه السلام سيَحكم في آخر الزمان ويتكاتف مع الإسلام، فلا شك أنه يمكن القول بأن النكبات التي تعرض لها المظلومون من المنتسبين لسيدنا عيسى عليه السلام، الباقين في ظلماتٍ كظلمات الفترة، هي بالنسبة لهم نوعٌ من الشهادة، خصوصًا منهم الشيوخ وأهل المصائب والفقراء والضعفاء والواقعون تحت شدائد المستبدين الطغاة وجبرهم.

كما أُخبِرتُ من قِبَل الحقيقة بأن تلك المصيبة ربحٌ لهؤلاء بمئة ضعف، فضلًا عن أنها كفَّارةً لذنوبهم الناجمة عن رذائل المدنية وكفرانها، وضلال الفلسفة وكفرها.

فشكرتُ أرحم الرحمين شكرًا بلا حد، ووجدت السُّلوان إزاء تلك الشفقة والألم الأليم.

أما إن كان الذين أصيبوا بهذه النكبات من سَفَلَة شياطين الإنس، ومن الظَّلَمة المتوحشين صانعي مآسي البشر والأنانيين الذين لا يبالون بأن يضرموا النيران في عالم الإنسان لأجل منافعهم الشخصية، فقد استحقوها عدالةً ربانيةً محضة.

وأما إن كان الذين عانوا من هذه الفواجع ممن يهرعون لنجدة المظلوم، ويناضلون لسلام البشرية، والحفاظ على الأسس الدينية والمقدسات السماوية والحقوق الإنسانية، فلا شك أن النتائج المعنوية والأخروية المترتبة على تضحياتهم عظيمةٌ جدًّا، لدرجة أنها تجعل من تلك المصيبة مبعثَ شرفٍ لهم وتُحبِّبُها إليهم.

سعيد النُّورْسِيّ

***