409

ثمرةٌ من ثمراتِ «قره داغ»

[«قره داغ» كلمةٌ تركيةٌ معناها: الجبل الأسود، والمراد به هنا جبلٌ يقع بالقرب من «قسطمونو»؛ هـ ت]

باسمه سبحانه

إخواني الأعزاء الأوفياء.. نُرسل إليكم هذه الثمرة بدلًا من الرسالة هذه المرة.

إن مرحلة ما بين عهد الحرية إلى الآن هي فردٌ من أفراد كُلِّيةِ المعنى الإشاريِّ لإحدى آيات القرآن الكريم؛ فبينما كنت أصعد مرةً إلى قمة «قره داغ» في الثلاثين من تشرين الثاني سنة ألفٍ وثلاثمئة وثمانية وخمسين [التاريخ المذكور هنا هو بحسب التقويم الرومي، ويوافق أواخر العام 1942 م؛ هـ ت] إذْ خطر ببالي السؤال التالي:

منذ متى بدأتْ كوارثُ البشر وخساراتُهم المتوالية لا سيما المسلمين؟ وإلى متى؟ وإذ بالقرآن المُعجِزِ البيان الذي يَحُلُّ جميع مشكلاتي يُبرِزُ سورةَ العصر أمامي قائلًا: انظر.

نظرتُ، فإذا بآيةِ: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر:2] التي تخاطب كلَّ عصر، وتتوجه مزيدَ توجُّهٍ إلى عصرنا هذا، تكشِف عن لمعةٍ من لمعاتِ إعجازها، إذ يساوي مقامُها الجِفْرِيُّ ألفًا وثلاثمئةٍ وأربعةً وعشرين، [العام 1324 رومي يوافق العام 1908 م؛ هـ ت] موافقًا تاريخَ خسارات الإنسانية والمصائب السماوية والأرضية، كتبدُّل السلطنة الذي بدأ بثورة الحرية، وحروبِ البلقان والطليان، وهزائم الحربِ العالمية الأولى ومعاهداتها، واضطرابِ الشعائر الإسلامية، والزلازلِ والحرائق التي أصابتْ هذه البلاد، وعواصفِ الحرب العالمية الثانية على وجه الأرض، وبذلك يُشخِّص حقيقةً من حقائق: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ في هذا العصر.

وتُحسَبُ التاء التي في آخر: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ هاءً، وإذا حُسِبَتْ الشَّدَّة أظهر مقامُها الجِفْرِيُّ نفسَ تاريخ هذه السنة والسنة التي تليها، أي