309

أُخطِر ببالي فجأةً خاطرةٌ في اليوم الثالث من مرض الزُّكام الغريب الذي اشتدتْ وطأتُه عليَّ، حتى لم أتمكن من تناول شيءٍ سوى كوبٍ من اللبن وآخر من الحليب طَوالَ ثلاثة أيَّامٍ، فكتبتُها مقدِّمةً لدفاعي في المحكمة على سبيل التبرُّك، فإن كان فيها شدةٌ أو قصور فلِمَرضي.

أجل، لقد بذلت ما بوسعي لبيان الحقيقة كما هي على الوجه الصحيح، في وقتٍ أعاني فيه من إرهاقٍ ذهنيٍّ، وأحوالٍ شديدة الوطأة، وأوضاعٍ يُرثى لها، إذِ اضطُرِرتُ لأنْ أدافع بمفردي عن حقيقةٍ كان ينبغي أن يدافعَ عنها مئةُ رجل.

***

مقدِّمةٌ أُلحِقتْ مؤخَّرًا بالمدافعة الأخيرة لحكمةٍ

يكشف أسلوب إفادتي في جميع صفحات مدافعتي عن حالةِ مجابهةٍ ضدَّ منظَّمةٍ سريَّةٍ رهيبةٍ، ومقصِدي من هذا ما يلي:

مثلما قبِلتْ حكومةُ الجمهورية مبدأ «فصل الدين عن الدنيا، والبقاء على الحياد»، فلم تتعرَّض للملحدين بسبب إلحادهم، فإن من موجبات هذا المبدأ ألا تتعرَّض كذلك للمتديِّنين بسبب تديُّنهم.

وإنني أريد كذلك لحكومة الجمهوريَّة التي يَلزَم أن تكون حياديَّةً متمسِّكةً بالحريَّة، أن تبقى بعيدةً عن المنظَّمات السِّريَّة الهدَّامة التي تدعم الإلحاد، وتحيك المؤامرات، وتُضلِّل موظَّفي الحكومة.

فأنا إنما أُجابِه أولئك المتآمرين الذين يتسلَّلون من تلك المنظَّمات إلى وظائف الحكومة، حاملين بأيديهم تُهمتين ملفَّقتَين كأنهما خُطَّافتان، يتصيَّدون بهما المتديِّنين الصادقين بكل حقد، ويعملون على استغفال الحكومة وتضليلها.