314

ألا يعي القائلون بهذا كم اشتطُّوا في الحكم وبَعُدوا عن دائرةِ العقل والإنصاف والضمير؟!

لا شك أنَّ محكمةَ العدالة ستدفع هذه الأوهام والتُّهَم الباطلة فتُحِقُّ الحقَّ بشأننا.

ومع أن الجهل بالقوانين ليس عذرًا عند الأكثريَّة، إلا أنَّ مَن كان مضيَّقًا عليه بالمراقبة الدائمة، ومُرغَمًا على الإعراض عن الدنيا، ومنفيًّا ظلمًا إلى مكانٍ غريب، ومراقَبًا تحت إقامةٍ جبريَّة في قريةٍ نائيةٍ معزولةٍ، لا شك أن جهله بالقوانين عذرٌ عند أهل الإنصاف.

فأنا ذلكم الرجل، لم أكن أعلم أيَّةَ مادَّةٍ من الموادِّ القانونيَّة التي أخَذوني بها بناءً على توجُّسٍ خاطئ، بل لم أكن أستطيع التوقيع بالحروف اللاتينية الجديدة، وربَّما لم أقابل كلَّ عشرةِ أيامٍ أحدًا سوى شخصٍ يقوم على شؤوني، فالجميع يفرُّون من معاونتي، كما أنه ليس بمقدوري توكيلُ محامٍ، فاتخذتُ الحقَّ والحقيقةَ والصدقَ والصوابَ أساسًا في جميع مدافعاتي، إذْ كان دستوري في جميعِ حياتي: «أنفعُ الحِيَل وأحسنُها تركُ الحيلة»، وبناءً على هذه الحقيقة فإن من مقتضيات العدالة وموجَباتها أن يُنظَر بعين المسامحة إلى إفادتي التي لا تتوافق مع قوانين الوقت الحاضر وأصولِه الرسميَّة، سواءٌ في مدافعاتي أو بشكلٍ نادرٍ في رسالةٍ أو رسالتَين من رسائلي.

وإن النقاط التي ظلَّتْ مُجمَلةً في مدافعاتي موجودةٌ في لائحة اعتراضي المكتوبة ردًّا على لائحةِ الادعاء، وكذا النقاطُ التي ظلَّتْ مُجمَلةً في لائحة الاعتراض قد وُضِّحتْ في مدافعاتي، فكلٌّ منهما يُكمِّل الآخر.

وبناءً على المعنى الذي تضمَّنتْه المادة (163)، بالإضافة إلى القيود الاحترازيَّة، والمقصِدِ الذي ابتغاه واضعُ القانون منها، وهو عدم التسبب بالإخلال بالأمن؛ ومع إثباتي أنه لم يُرَ مني ولا من رسائل النور أيَّةُ أمارةٍ أو بادِرةٍ تشير أو تدلُّ على الإخلال بالأمن، وإثباتي عشرين مرةً بصورةٍ قطعيَّةٍ في مدافعاتي المحرَّرة في ضبطكم أنه لا علاقة لقضيَّتنا بهذا القانون، وأنه لا توجد فيها قطعًا أيَّة جهةٍ تستلزم العقوبة؛ ولأنه لا يليق بمقامِ العدالة بأيِّ وجهٍ تقديمُ المادة المذكورة كي نؤاخَذَ بها من حيث لا ندري بتأثيرِ المخاوف والهواجس المذكورة في مستهل المحاكمة، فإن كلمتي الأخيرة التي أقولها مطالِبًا ببراءتي:

حسبنا الله ونِعم الوكيلُ * فإن تولَّوا فقل حسبي الله لا إله إلاَّ هو
عليه توكَّلتُ وهو ربُّ العرش العظيمِ.

***