318

الدكتور «عبد الله جودت» [هو عبد الله جودت كارلي داغ، أحد أشهر رموز التغريب في أواخر عهود الدولة العثمانية، ترجم إلى التركية بعض كتب المستشرق «دوزي» المعروفة بتهجُّمها على الإسلام وشعائره؛ هـ ت] الكُفرية؛ وكذا رسالتان صغيرتان كتبتُهما بصورةِ شكوى ضدَّ التعدِّيات القاسية المتحاملة التي يمارسها بعض المسؤولين تجاهي، وقد ذكرتُهما في مدافعتي الأخيرة.

ثم إني بعد مُضيِّ زمنٍ على تأليف هذه الرسائل الأربع مَنعتُ نشرَها، لئلا تَمَسَّ بأيِّ شكلٍ من الأشكال القوانينَ التحرُّريَّة أو شؤونَ الحكومة، وقلتُ: «إنها رسائل خاصة»، فظلَّتْ مخصوصةً بواحدٍ أو اثنين من أخصِّ إخواني؛ ودليلي على هذا عدمُ العثور على أيٍّ من هذه الرسائل في أيِّ مكان رغم كل هذا التفتيش الدقيق، وإنما وقع بأيديكم فهرسُ عمومِ الرسائل، فلزِم بموجَبه توضيحُ هذه النقاط، وقد أجبت، وحُرِّر الجواب في ضبطِكم.

وتَرِدُ في لائحة ادعائكم أسماءُ مناطق متعدِّدة، وأني سعيتُ بواسطةِ بعض الرجال لنشرِ رسائل النور وتعميمِها؛ فأقول جوابًا: لقد أرسلت خواطر إيمانيَّةً إلى أربعةٍ أو خمسةٍ من أحبّائي على سبيل الذكرى، وذلك حين كنت أعيش في قريةٍ، وفي غربةٍ، وحيدًا تحت رقابةٍ صارمة، وأنا مع هذا لا أُحسِن الخط، ويُحجِم كلُّ شخصٍ عن معاونتي؛ فما أبعده عن الحقيقة أن يُقال: «إنك بهذا تسعى للنشر والتعميم»!! لا بد أنكم تقدِّرون ذلك.

ولقد اشتغلتُ بالتدريس في «وان» مدةَ خمسَ عشرة سنة، وصرتُ مَظهَرَ توجُّه العامَّة بما يَفوق حدي كثيرًا، فكيف يقال إنْ بعثتُ برسالةٍ أو رسالتين إيمانيَّتَين إلى أحد أصدقائي: «إنك توزع منشورات»؟!

إنني بلا شكَّ لا أستطع القيام بالنشر، إذْ ليس لديَّ مطبعةٌ ولا كُتَّاب، وأنا فوق هذا رديءُ الخط، ما يعني أن لرسائل النور جاذبيةً تجعلها تنتشر من تلقاء نفسها؛ غير أن هنالك أمرًا، وهو أننا طبعنا «رسالة الحشر» المسمَّاةَ «الكلمة العاشرة» قبل ظهور الأحرف