632

ولا يليق برجلٍ مؤمنٍ فاضلٍ عميقِ النظر ينهض بوظيفةٍ قدسيةٍ أن ينصرف عمن يستحقون فعلًا آلاف اللعنات والكُره، أعني مَن يشنون على الإسلام هجماتٍ شرسةً في هذا الزمان، ويذهبَ إلى ذلك الزمان الماضي، ويدقق في تلك الأحوال رغم أن الشريعة لم تأمر بذلك، ولم يستلزمه مسلتزم، بل هو ضارٌّ لا محالة.

ولا أُخفيك أن جدالك المحدود مع «صبري» قد أضرَّ إضرارًا بالغًا برسائل النور وبانتشار حقائقها الإيمانية، ولقد شعرتُ بهذا في حينه وأنا هنا، فتأثرتُ لذلك وتألمت.

ثم إنني كنت أتوقع ممن هو عالِمٌ من أهل التحقيق مثلك، ومن «صبري» الذي أتاك ليكون وسيلةَ خدمةٍ مهمةٍ لتلك المنطقة.. كنت أتوقع منكما أنتما الاثنين خدمةً نوريةً جليلة، فإذا بي على العكس من ذلك أشعر بل أرى كيف تضرَّر النورُ من ثلاث جهات!! وبينما كنتُ أسأل نفسي: مِمَّ حصل الضرر يا تُرى؟ إذْ تلقَّيتُ الخبر بعد أيامٍ قليلة بأن «صبري» قد خاض معك في نقاشٍ لا لزوم له ولا جدوى منه، وأنك قد أخذتْ منك الحِدَّةُ مأخذَها!! فأسِفْتُ لهذا ودعوتُ ربي قائلًا: اللهم إن هذين الرجلين قد هَبَّا لمساعدتي من «أرضروم»، فبدِّلهما بخلافهما مصالحةً.

إن الواجب على أهل الإيمان اليوم -كما سبق ذكره في «لمعات الإخلاص» في رسائل النور- أن يعقِدوا أواصر الاتفاق لا مع إخوتهم المسلمين فحسب، بل حتى مع الشخصيات الدينية الروحية من المسيحيين، وأن يتركوا النزاع والمسائل الخلافية جانبًا، لأن الكفر المطلق ما فَتِئ يشنُّ هجماته، وإنني لأرجو منك بما لَكَ من حَمِيَّةٍ دينية وخبرةٍ علمية، وعلاقةٍ برسائل النور أن تعمل على نسيان ما جرى بينك وبين «صبري»، وأن تصفح عنه وتسامحه، لأنه لم يتكلم من عنديَّاته، بل ردَّد ما سمعه من المشايخ سابقًا في صورة نقاشٍ لا داعي له.

وأنت تعلم أن حسنةً جليلةً واحدةً تُكفِّر سيئاتٍ كثيرة؛ أجل، والحق أن ابن بلدنا «صبري» قد خدم النورَ وخدم الإيمان بواسطة رسائل النور خدمةً جليلةً تدفع للصفح عن آلافٍ من أخطائه، واللازم من مقامكم الرفيع أن تُراعوا خدماته النُّورية هذه، فتعدُّوه صديقًا من أبناء البلد، وأخًا في خدمة النور.