687

فإن السُّلوانَ الذي يجده مَن ألمَّت بهم هذه المحنة في هذه المدرسة اليوسفية الثالثة، [يقصد سجن «أفيون»، فقد كان سجن «أسكي شَهِر» أوَّلَ المدارس اليوسفية، وسجنُ «دَنِزْلي» ثانيَها؛ هـ ت] والفائدةَ التي يجنونها من الأنوار، ستدفئ هذا البرد، وستُحيل معاناتَك القاسيةَ أفراحًا بإذن الله؛ أما الذين تشعر تجاههم بالغضب، فإنهم إن كانوا مضلَّلين فإنما يظلمونك بغير علم، فلا يستحقون منك أن تغضب منهم، وإن كانوا يؤذونك ويسيئُون إليك بحقدٍ عالِمين يعملون لحساب الضلالة، فعَمَّا قريبٍ سيَنزل بهم إعدامُ الموت الأبديُّ، وسيدخلون سجنَ القبر الانفراديَّ، وسيقاسون العذاب الشديد الدائم، وإنك -بظلمهم لك- تنال الأجرَ واللذائذ المعنوية، وتجعل ساعاتك الفانية باقيةً، وتفوز بتأدية وظيفتك العلمية والدينية بإخلاص».

فحمدتُ الله من أعماق روحي، ورَثَيتُ بمشاعر الإنسانية لأولئك الظَّلَمة، وسألتُ ربي أن يصلحهم.

أما بخصوص هذه الحادثة الجديدة، [يقصد اعتقاله إلى «أفيون» وسَجنه فيها؛ هـ ت] فإنها هي الأخرى تخالف القانون بعشرةِ أوجهٍ كالتي سبق أن بيَّنتُها في عريضتي إلى وزارة الداخلية، [ورَدَتْ هذه العريضة في قسم «أميرداغ» السابق؛ هـ ت] وإن هؤلاء الظَّلَمة الذين يخالفون القانون باسم القانون، هم المجرمون في الحقيقة، فإنهم بحثوا عن ذرائع يتعلَّلون بها، فاختلقوا افتراءاتٍ وأكاذيب تُضحِك السامعين وتُبكي المُنصفين، وأظهروا بهذا التخبُّط عجزَهم عن التعرُّض لرسائل النور وتلاميذها بوجهٍ قانونيٍّ، لقد فقدوا صوابَهم وتَرَدَّوا في مهاوي الجنون!!

فمن ذلك أن المخبرين لما فشلوا في العثور على شيءٍ يصلح أن يكون ذريعة، رغم مرور شهرٍ من مراقبتنا، كتبوا في تقريرٍ لهم «أن خادمَ سعيدٍ اشترى خمرًا من أحد المحلات وأتى به إليه»؛ ثم بحثوا عمَّن يوقِّع لهم على هذا التقرير، فلم يجدوا أحدًا سوى رجلٍ سِكِّيرٍ غريب الأطوار، فقالوا له تحت طائلة التهديد: وقِّع هنا؛ فقال الرجل: حاشا لله!! ومن يمكن أن يوقِّع على مثل هذا الافتراء العجيب؟! فاضطروا لتمزيق التقرير.