566

وعليه، فإننا سنقصر الحديثَ في هذا القسم على مرحلة إقامته الأولى بـ«أميرداغ»، وهي الإقامة الجبرية التي امتدت إلى وقت سجنه بـ«أفيون»، ثم يتلوه قسمٌ آخر يتحدث عن حياته في سجن «أفيون»، ثم عودتِه ثانيةً إلى «أميرداغ» وما كان فيها من خدمةٍ نورية.

تُعَدُّ حياةُ الأستاذ في «أميرداغ» بالمقارنة مع ما سبقها أكثر لفتًا للأنظار وإثارةً للاهتمام، وفضلًا عن كونه تحت المراقبة الدائمة، فإنه قد بات أكثر عُرضةً للتُّهَم والمِحَن، حتى لقد وصل الأمر إلى محاولة تصفيته نهائيًّا؛ وبموازاة ذلك كانت رسائل النور تشهد انتشارًا واسع النطاق إذْ صارتْ تُقرَأُ في أوساط الجامعيين والعاملين في السلك الحكومي وأهل السياسة.

وعلى ذكر التُّهَم الباطلة التي أُلصِقَت بالأستاذ بعد نفيه إلى «أميرداغ»، والافتراءات الظالمة التي رُوِّجت ضدَّه، وبمناسبة الحديث عن الانتشار الهائل لرسائل النور، فإننا نرى لِزامًا علينا أن نبين حقيقةً مهمةً في هذه المقدمة، فنقول:

إن مرادنا من ذكر الأمور العجيبة التي تُشاهَد حقًّا وعِيانًا في أحوال الأستاذ النُّورْسِيّ ونشاطه وخدمته، ليس لفتَ أنظار الإعجاب نحوه أو استجلابَ استحسان الناس إلى شخصه الفاني، كلا، وإنما نذكر الإكرامات التي نالَها باعتباره عبدًا من عباد الله وفردًا من أفراد أمة محمدٍ (ص) وتلميذًا للقرآن الكريم، لنبيِّن ما تقوم به رسائل النور من خدمةٍ بالغةِ التأثير تنشر السعادة والنور، ونردَّ على من يريدون تشويهَ صورته والحطَّ من خدمته بافتراءاتٍ وأكاذيب باطلة، يبتغون بها صرْفَ الناس عن الخدمة الإيمانية التي تؤديها الرسائل.

ونحن بهذا العمل إنما نصدُّ هجماتِ أعداء الدين الظالمة وتعدياتِهم الباطلة، ونبيِّن براءةَ هذا الرجل؛ حتى إنه لَيمكننا القول: إنه قَلَّ أن نجد في التاريخ رجلًا تعرَّض لاتهاماتٍ وافتراءاتٍ مبطِلةٍ تتعارض تمامًا مع أفكاره ومبادئه وخدمته وغايته كما حصل لبديع الزمان.