586

هذا الأمر منها تسعةَ أشهرٍ، أصدرتْ قرارَها الذي ينص على براءتنا وإخلاء سبيلنا، إلا أن منظمةً سرِّيةً تخدم المصالح الأجنبية وتُلحِق عظيم الضرر بهذا البلد وأهله، سعى أفرادها بكل وسيلةٍ ليُفسِدوا قرارَ البراءة هذا، فراحوا يثيرون هواجس بعض المسؤولين تجاهي ويحرِّضونهم عليَّ جاعلين من الحبة قبة، ومرادهم من ذلك أن يَنفَد صبري فأقول: كفى كفى!!

على أن أحد أسباب انزعاجهم مني في الوقت الحالي هو صمتي وعدم تدخُّلي في أمور دنياهم، وكأنهم يقولون: لماذا لا يتدخل؟! فليتدخَّلْ حتى يتحقق مقصدُنا!

وأبين لكم بعض الحيل التي استعملوها لإثارةِ هواجسِ بعض مسؤولي الحكومة تجاهي، فإنهم قالوا لهم: إن لسعيدٍ نفوذًا، وإن مؤلفاته كثيرةٌ وذات تأثيرٍ قوي، وإن كلَّ مَن يتواصل معه يُواليه، وما دام الأمر كذلك فينبغي تحطيم نفوذه بتجريده من كلِّ شيء، وتشويه سمعته وإهماله، وتنفير الناس منه، وتخويف مَن يوالونه؛ وبهذا تنطلي حيلتهم على الحكومة ويُشدَّد الخناق علي.

وأنا أقول: أيها الإخوة المحبون لهذا البلد وأهلِه.. أجل، يوجد نفوذٌ كما قال أولئك المنافقون، لكنه ليس نفوذي، بل هو نفوذ رسائل النور، وهذا النفوذ لا يُحطَّم، بل يزداد قوةً كلما تَعرَّض له متعرِّض؛ وهو نفوذٌ لم يُستعمَل قطُّ ضد هذا البلد وأبنائه، بل لا يجوز ذلك، بل لا يمكن.

لقد دقَّقتْ محكمتان في أوراقي التي كتبتُها على مدى عشرين سنة تدقيقًا شديدًا صارمًا، وكان بين تدقيق إحداهما وتدقيق الأخرى عشرُ سنين، فلم تَعثُر أيٌّ منهما على سببٍ حقيقيٍّ واحدٍ يستوجب العقوبة، وهذا إنما يمثِّل شاهدًا لدعوانا لا يقبل الجرح.

وأقول كذلك: أجل، إن للمؤلَّفات تأثيرًا بالغًا، لكنه تأثيرٌ يصبُّ في مصلحة الشعب والوطن، ويَخدُم السعادة والحياة الأبديَّتَين لمئةِ ألفِ شخص، إذْ تُلقِّنهم هذه المؤلَّفات الإيمانَ التحقيقي المتين من غير إلحاق ضرر.