643

القرار الذي اتخذته واتخذناه وفق الدرس الذي تعلمناه من القرآن، هو البقاء هنا لخدمةِ إيمانِ هذا الشعب وسعادته.

وثانيًا: تذكرون في رسالتكم ما أُقابَل به من إساءةٍ بدلًا من الاحترام، وتقولون: لو كنتم في مصر أو في أمريكا لذُكِرتم بإجلالٍ واحترامٍ على مرِّ التاريخ.

أخي العزيز الفطن.. إننا بمقتضى مسلكنا نفِرُّ أشدَّ الفرار من احترام الناس وتوقيرهم، ومن حسن ظنهم وإعجابهم بنا وإكرامهم لنا، لا سيما حبِّ الشهرة الذي ما هو إلا رياءٌ عجيب، ودخولِ التاريخ بجلالٍ وإبهار وما هو إلا غرورٌ جذاب، فهذا منافٍ ومضادٌّ للإخلاص الذي هو مسلكُ النور وأساسٌ من أُسسه؛ وأنا شخصيًّا أنفِر من مثل هذه الأمور، ناهيك عن الرغبة فيها.

أما رسائل النور النابعةُ من فيض القرآن الكريم، والتي هي لمعةٌ من لمعات إعجازه المعنوي، وتفسيرٌ لحقائقه، ومفتاحٌ لأسراره، فإننا نرجو لها الرواج، ونريد لكلِّ شخصٍ أن يشعر بالحاجة إليها، ويقدِّر رفعةَ قيمتها، ونطلبُ لكراماتها المعنوية الظاهرة أن تُعرَف، ولانتصاراتها الإيمانية على إلحاد الزندقة أن تستبين وتظهر، فهذا ما نؤمِّله من الرحمة الإلهية.

وأبين نقطةً جزئيةً تافهةً تتعلق بشخصي، وأجعلها حاشيةً فأقول:

ما دام السيد «رجب» [يقصد «رجب بكر»، وهو الذي تولى منصب وزير الداخلية خلفًا لـ«حلمي أوران» الذي سبق ذكره قبل قليل؛ هـ ت] و«قره كاظم» [«كاظم قره بكر» أحد الرجال العسكريين في أواخر عهد الدولة العثمانية، ومن سياسيي حزب الشعب الجمهوري في عهد الجمهورية، عمل نائبًا في البرلمان لعدة دورات، وتولى رئاستَه في المرحلة التي كتب الأستاذ فيها رسالته هذه؛ هـ ت] صديقَين لك، ولهما فيما أظن علاقةٌ بـ«سعيدٍ القديم»، فليس المطلوب منهما إسداءَ معروفٍ لي، وإنما حسبُهما ألَّا يفعلا ما فعل أسلافهما بي من ظلمٍ ومضايقاتٍ لا داعي لهما ولا جدوى منهما.