660

وكان ثمة رجلٌ فاضلٌ دأبَ على إرسال صحيفةٍ إلى هنا منذ نحو خمسة أشهر، لكني لم أعلم بأمرها إلا مؤخرًا، فقد كان أصحابي هنا يعرفون عادتي، ويعرفون أنني لا أقبل كتابًا ولا مجلةً -فضلًا عن الصُّحُف- باستثناء النور، كما أنني لا أعرف حرفًا من الكتابة اللاتينية الجديدة، ولهذا تخوفوا ولم يبلغوني بها ولم يطلعوني عليها.

وقد أراني اليوم أحد الأشخاص رسالةً من هذا الصحفيِّ الصديق الذي انعقدت بيننا وبينه أواصر الصداقة أيام كنا في اسطنبول، وتتضمن رسالتُه صفحةً يتحدث فيها إلي، فقال لي أصحابي: إنه كان يرسل إليك صحيفةً منذ وقتٍ طويل، لكننا تهيَّبنا فلم نخبرك؛ فقلت لهم: بلغوه سلامي الحار، وأخبروه أن «سعيدًا القديم» الذي تعرفه قد تغير، وأنه قطع علاقته بالدنيا، وأنني مريضٌ ولا أستطيع أن أكتب رسالةً شخصيةً ولو لأخي الشقيق، فلا يَسْتأْ مني؛ ونبلغ سلامنا لعموم أصدقائنا هناك، خصوصًا إخواننا من أمثال «الحافظ أمين» و«الحافظ فخر الدين»، ونهنئهم مجددًا بالعيد المبارك.

وحمدًا لله بلا حدٍّ أن رسائل النور نالت قبولًا في الحرمين الشريفين، وعلامة قبولها أن نُسَخ «عصا موسى»، و«ذو الفقار»، و«سراج النور» التي اصطحبها من اسطنبول بطلُ دَنِزْلي «الحافظ مصطفى» ليرسلها إلى علماء الهند، قد أقرأها في الطريق بعضَ الحجاج، ثم لما بلغ المدينة المنورة سلَّمها لعالِمٍ شهيرٍ من أبناء «كشمير» يجيد اللغة التركية، فتلقاها بتقديرٍ بالغ، وأكد له أنه سيرسلها إلى مركز علماء الهند، كما أن النُّسَخ الأخرى المخصصة للمدينة المنورة ولغيرها من الأماكن قد وصلت إلى محلها المطلوب؛ وقد حمل إلينا هذه الأخبار المبشرة اثنان من النوريين الشباب من أبناء «أفيون»، كانا قد صاحَبا «الحافظ مصطفى» وكانوا يقرؤون الأنوار في الطريق، كما أخبرنا بذلك حُجَّاجٌ آخرون، وبشَّروا بقَبول رسائل النور وانتشارها المهم خارج البلاد.

سعيد النُّورْسِيّ

***