665

فبأيِّ قانونٍ يا ترى يُحمَّل هذا الرجلُ المسكينُ المريضُ الهَرِمُ الغريبُ المنزوي المسؤوليةَ، فيَقتحم المفتشون غرفتَه، ويَكسِروا قفل بابه، وكأنه ارتكب جريمةً عظمى، لمجرد أن بعض أصحابه المقيمين في مكانٍ بعيدٍ منحوه حُسْنَ ظنٍّ فوقَ حدِّه، فمدحوه وأَولَوه مقامًا بغير رضاه، أو لأن واعظًا من مدينة «كوتاهْية» [مدينةٌ تقع في شمال غرب الأناضول، وتمثل مركز ولايةٍ في الجمهوية التركية؛ هـ ت] لا يعرفه هو أثنى عليه ببضع كلمات؟!

على أن المفتشين لم يعثروا على حجَّةٍ يبرِّرون بها فَعلتهم سوى أورادِ هذا الرجل ولوحتَين مُعلَّقتَين عند رأسه، فأيُّ قانونٍ وأيَّةُ سياسةٍ في الدنيا يسمحان بمثل هذا الاعتداء؟!

سابعُها: في الوقت الذي تعجُّ فيه البلاد اليومَ بكلِّ هذه التيارات الحزبية المحمومة، الداخليةِ منها والخارجية، ومع أن الأجواء مواتيةٌ لأنْ ينتهِز هذا الرجل الفرصة، فيَكسب إلى صفِّه آلاف السياسيين بدلًا من ثلةٍ محدودةٍ من أصحابه، فإنه كتب إلى أصحابه قائلًا: «حَذارِ حَذار.. لا تنجرفوا في التيارات.. لا تدخلوا في السياسة.. لا تمسُّوا الأمن والاستقرار»!! ولم يوصِهم بهذا إلا تجنُّبًا للتدخل في السياسة، وصونًا للإخلاص أن يصيبه ضرر، وتفاديًا للفتِ أنظار الحكومة، وتحاشيًا للانشغال بالدنيا، فألحق به تياران الضررَ من جرَّاء انسحابه هذا، وضَيَّقا عليه تضييقًا شديدًا، وتذرَّع القديم منهما بمخاوفه وهواجسه، بينما تذرَّع الجديدُ بأن هذا الرجل لا يساعدنا، فأيُّ قانونٍ بعد هذا يجيز التعرُّض لآخرةِ هذا الرجل المسكين المنشغل بآخرته، والذي ما تعرَّض قطُّ لدنيا أهل الدنيا؟!

ثم إنه -بناءً على قانون الحريات- لم يُتعرَّض لنشر كتب الملحدين ومنشورات الشيوعيين بالرغم من عظيم ضررها على الوطن والشعب والأخلاق، بينما عُمِدَ إلى رسائل النور التي لم تعثر فيها ثلاث محاكم على مادةٍ تكون محلَّ مسؤولية؛ والتي تعمل