595

وإحدى الذرائع التي تذرَّع بها خصومي الذين زَجُّوا بي في السجن، والتي نِلتُ بسببها البراءة من المحكمة أيضًا، هي «الطُّرُقية»، [كان الانتساب إلى أيِّ طريقةٍ صوفيةٍ يُعَدُّ جريمةً يعاقب عليها القانون في تركيا؛ هـ ت] والحال أني ما فَتِئْتُ أُعلِن في رسائل النور «أن الزمان ليس زمان الطريقة، وإنما هو زمان إنقاذ الإيمان، فالذين يدخلون الجنة بغير الطريقة كثير، لكن لا أحد يدخلها بغير إيمان»؛ ولهذا عمِلنا بكلِّ قوتنا لأجل الإيمان.

إنني عالِمٌ ولستُ بشيخِ طريقة؛ ليس لي في الدنيا بيتٌ أصلًا حتى تكون لي زاوية، ولا يوجد شخصٌ واحدٌ في هذه العشرين سنةً التي خَلَتْ قال إني لَقَّنتُه طريقة؛ ولم تعثر المحاكم ولا الشرطة على شيءٍ من ذلك.. نعم لا توجد سوى «رسالة التلويحات» التي كتبتُها قديمًا، والتي تبيِّن حقيقة الطُّرُق بيانًا علميًّا، وما هي إلا درسٌ علميٌّ رفيع المستوى.. إنها درسُ حقيقةٍ لا درسُ طريقة.

وإن ثمة وظيفةً مهمةً تقع على عاتق حكومة الجمهورية، ألا وهي حمايةُ المؤلَّف الذي أثبتَ الإيمان التحقيقي وانتصر على الفلسفة، وأثبتَ حقيقةً ارتبطت بها أرواح المليارات من أجداد هذا الشعب وتحدَّوا بها العالَم بأسره.. فحمايةُ هذا المؤلَّف وحمايةُ القائمين على خدمته هي من أهم وظائف هذه الحكومة التي اتخذت من حرية الضمير أساسًا لها، وإن لم تفعل فلا تسمحْ قوانين هذه الجمهورية بتكبيل ذلك الخادم الضعيف وجعلِه عرضةً لهجوم آلاف الخصوم.

كتبتُ شكواي معتقدًا أن الجمهورية ستستمع إليِّ؛ نعم، وأقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.

***