601

إخواني الأعزاء..

كنت قد قلتُ في دفاعي ردًّا عليهم: إن تلك الكرامات لا تعود إليَّ، وليس من حدِّي أن أكون صاحبَها، وإنما هي ترشُّحاتٌ ولمعاتٌ من معجزة القرآن المعنوية، ظهرتْ على هيئةِ كراماتٍ في رسائل النور التي هي تفسيرٌ حقيقيٌّ للقرآن الحكيم؛ وهي كذلك نوعٌ من الإكرامات الإلهية جاءتْ تعزيزًا للقوة المعنوية لتلاميذ رسائل النور؛ وإظهارُ الإكرام شكرٌ، وهو أمرٌ جائزٌ مقبول.

وسأبين لكم جزءًا من هذا الرد لسببٍ مهم، فلقد سُئلتُ: لماذا تُظهِر هذه الإكرامات؟ ولماذا تَحشُد الأدلة حول هذه النقطة بالذات؟

والجواب: لقد كان ينبغي أن يوجد في مقابل آلافِ الهدَّامين في هذا الزمان مئاتُ آلافِ البُناة يعملون في الخدمة الإيمانية التي تنهض بها رسائل النور؛ وكان ثمة حاجةٌ ماسَّةٌ لأن يكون إلى جانبي مئةُ كاتبٍ ومساعدٍ على الأقل؛ وكان الواجب على إدارة البلد وأبنائه أن يوثِّقوا صلتهم بهذه الخدمة ويكونوا عونًا لها بالتقدير والتشجيع بدلًا من أن يجتنبوها ويبتعدوا عنها؛ وكان ينبغي على أهلِ الإيمان أن يقدِّموا هذه الخدمةَ على مشاغل الحياة الفانية ومكاسبها، إذْ هي خدمةٌ تتعلق بالحياة الباقية..

لكنني -وأجعل من نفسي مثالًا- حُرِمتُ من كلِّ شيء، ومُنِعتُ من الاتصال بالناس ومن الأعوان والمساعدين، بل سعى القوم جاهدين لإضعاف قوة إخواني المعنوية، وتنفيرهم مني ومن رسائل النور، لتُحَمَّلَ مهمةٌ جليلةٌ لا ينهض بها إلا الآلاف على عاتق رجلٍ عجوزٍ مريضٍ ضعيفٍ غريبٍ وحيدٍ لا حول له مثلي، واضطررتُ للابتعاد عن مخالطة الناس والتواصل معهم كنوعٍ من المرض الناجم عن هذا التضييق والسجن الانفرادي، فضلًا عن تخويفِ الناس مني بشكلٍ رهيبٍ، حتى أصبح بعض أصحابي المقرَّبين يتحاشَون السلام عليَّ، بل صار بعضهم يجتنب أداء الصلوات..!! فكلُّ هذه كانت أسبابًا دفعتني لبيان الإكرامات الإلهية التي جاءت تُعزِّز القوة المعنوية