723

فهذا الرجل الذي لم يقبل -فكرًا وعلمًا- بعضَ القوانين الأجنبية التي عُمِل بها مؤقتًا لبعضِ ضرورات هذا الزمان، وتَرك السياسة، وانسحب من الحياة الاجتماعية، ألا يَنتجُ من تجريمه لتفسيره تلك الآيات إنكارٌ للإسلام نفسه، وإهانةٌ لمليارٍ من أسلافنا الأبطال المتمسكين بالدين، واتهامٌ لملايين التفاسير؟!

الثالثة: أحد الأسباب التي تذرَّعوا بها لسَجني هو الإخلال بالأمن وإفساد الاستقرار.

والحال أنهم مَوَّهوا بما هو بعيدٌ عن الإمكان أشد البُعد فجعلوه واقعًا، وعمدوا إلى رسائلي الخصوصية ومراسلاتي الشخصية، وإلى رسائل النور بِطولها، فاستخرجوا من ألفِ جملةٍ وجملةٍ فيها أربعين أو خمسين كلمة، وأضفَوا عليها معنًى مغلوطًا، ثم جعلوا منها مستنَدًا يتهموننا به ويعاقبوننا عليه.

وإنني أقول مُشهِدًا مَن يعرفون حياتي خلال الأربعين سنةً خَلَت، ومُشهِدًا الآلاف من خواصِّ تلاميذ النور:

إن الرجل الذي أفشل الخطةَ الخبيثةَ التي دبرها القائدُ العام للجيش الإنكليزي الذي احتل اسطنبول، وهي خطةٌ كانت تقضي ببثِّ الخلاف بين المسلمين، حتى لقد أوقع هذا القائدُ بين شيخ الإسلام وبعض المشايخ، وحرَّض بعضهم على بعض، وشَغَلَ الاتحاديين والائتلافيين بعضَهم ببعض، [أما الاتحاديون فهم أعضاء جمعية الاتحاد والترقي المشهورة ومن يوالونها، وأما الائتلافيون فهم أعضاء جمعية الائتلاف والحرية ومن يوالونها، وهي جمعيةٌ ضمت أعراقًا مختلفةً في الدولة العثمانية، ونادت بالحرية واللامركزية، كانت أقوى جمعيةٍ تناوئ جمعية الاتحاد والترقي؛ هـ ت] ممهدًا بذلك السبيل أمام انتصار اليونانيين