708

ثم إن مما يثير الحيرةَ والعَجَب أن القوم عادوا إلى مزاعم وجود التنظيم من جديدٍ!! والحال أنه فضلًا عن وجود ثلاث محاكم دققت في هذه المزاعم وبرَّأتنا منها، فإنه لم تفلح أيَّةُ محكمةٍ أو شرطةٍ أو لجنة خبراء في العثور على أيَّةِ أمارةٍ تومئ إلى وجود تنظيمٍ بيننا يكون مدارَ اتهامٍ ما؛ كلُّ ما في الأمر أن بين طلاب رسائل النور أُخوَّةً أخرويةً مثلها مثلُ الأخوة التي تكون بين تلاميذِ معلِّمٍ، أو تربط بين طلابِ جامعةٍ، أو تجمع بين حفاظ القرآن لدى مقرئ، فمَن يصف هؤلاء بأنهم تنظيمٌ ويتهمهم بها، يلزمه أن ينظر إلى الحِرْفِيِّين وخريجي الجامعات والوعاظ على أنهم تنظيماتٌ سياسيةٌ كذلك.

ولهذا فلست أرى داعيًا للدفاع عن الإخوة الذين سُجِنوا هنا بسبب مثل هذه الاتهامات السخيفة التي لا أصل لها؛ غير أننا كما دافعنا ثلاث مراتٍ عن رسائل النور التي لها وثيقُ الصلة بهذا البلد وبالعالَم الإسلامي، والتي تَحقَّقت منافعُها الجمَّة وبركاتُها الغزيرة لهذا الوطن والشعب ماديًّا ومعنويًّا، فإنه لا يوجد أيُّ مانعٍ يمنعني من الدفاع عنها للسبب ذاته، ولا يوجد قانونٌ ولا سياسةٌ يمنعان من ذلك، بل ليس بمقدورهما ذلك.

أجل، نحن تنظيم.. وإنه لَتنظيمٌ عظيمٌ فريدٌ له في كلِّ قرنٍ ثلاثمئةٍ وخمسون مليون فردٍ ينضوون تحت لوائه، ويُعلنون بصلواتهم الخمس كلَّ يومٍ عن ارتباطهم به وخدمتهم له مع كمال الاحترام لمبادئه، ويسارعون لمساعدة بعضهم بعضًا بالأدعية والمكاسب المعنوية عملًا بالبرنامج القدسي: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحُجُرات:10].

فنحن من أفراد هذا التنظيم القدسي العظيم، ووظيفتُنا الخاصةُ فيه أن نبلِّغ أهلَ الإيمان حقائقَ القرآن الإيمانيةَ بصورةٍ تحقيقية، فننقذَهم وننقذَ أنفسَنا من الإعدام الأبدي، ومن السجن البرزخي المؤبَّد الانفرادي؛ وليس لنا أيَّةُ علاقةٍ أو مناسبةٍ مع التنظيمات السريَّة الباطلة التي تتهموننا بها، ولا بغيرها من الجمعيات والمنظمات السياسية الدنيوية التي تحيك المؤامرات والمكائد، بل لا نتنزَّل لهذا أصلًا؛ وهذا أمرٌ دققتْ فيه أربع محاكم وأشبعتْه تمحيصًا، ثم حكمتْ ببراءتنا منه.