709

أجل، يعلم تلاميذ النور -وهو أمرٌ سبق أن بيَّنتُ الدلائل عليه في المحاكم- أنني أسعى وأجتهد لا لكسبِ مقامٍ أو شهرةٍ أو جاهٍ وسمعة، ولا لأنال مرتبةً أخرويةً أو معنويةً، بل لأُؤَدِّيَ خدمةً إيمانيةً لأهل الإيمان؛ وأنني في سبيل هذه الخدمة مستعدٌّ بكلِّ قناعتي وقوتي للتضحية لا بحياتي الدنيا ومقاماتي الفانية فحسب، بل حتى بحياتي الآخرة إن لزم الأمر، وبالمراتب الأخروية الباقية التي يطلبها كلُّ إنسان، بل أقبل -إن لزم الأمر- أن أترك الجنة وأدخل جهنم لأكون وسيلةً لإنقاذ بعض أهل الإيمان المساكين منها.

ومع أن هذا أمرٌ يعرفه إخواني الحقيقيون، وسبق أن أثبتُّه في المحاكم، إلا أن القوم باتهامهم إياي بهذه التهمة، [يقصد اتهامهم إياه بأنه يسعى وراء شهرةٍ وجاهٍ وسمعة؛ هـ ت] وإسنادهم ما ينافي الإخلاص إلى خدمتي للنور والإيمان، وحطِّهم من قيمة الأنوار، يحرمون أبناء هذا الوطن من الحقائق الجليلة التي تنطوي عليها رسائل النور.

فيا عجبًا لهؤلاء الأشقياء الذين يظنون أن الدنيا أبديةٌ، ويحسَبون أن كل الناس مثلهم يتخذون الدين والإيمان أداةً للدنيا!! كيف ساغ لهم أن يجرِّموا رجلًا تحدى أهل الضلالة في العالَم، وضحى في سبيل الخدمة الإيمانية بحياته الدنيوية وبالأخروية إن لزم الأمر، ولم يستبدل بحقيقةٍ إيمانيةٍ واحدةٍ مُلكَ الدنيا بأسرها كما أعلن أمام المحاكم، وفرَّ بكل قوته من السياسة ومن المراتب المادية والمعنوية التي يُشَمُّ منها معنى السياسة مراعاةً لسر الإخلاص، وترفَّع عن السياسة بمقتضى مسلكه الإيماني متحملًا صنوفًا من الأذى لا مثيل لها على مدى عشرين سنةً، ومن يعدُّ نفسَه -من حيث هي نفسٌ- دون طلابه بكثيرٍ، ويطلب منهم العون والدعاء على الدوام، ويرى نفسَه مسكينًا لا حول له ولا أهمية.. أجل، كيف ساغ لهؤلاء أن يجرِّموا رجلًا هذه حاله، لمجرد أن بعضًا من خُلَّص إخوانه نسبوا إليه في مراسلاتهم الخاصة بعضَ فضائل رسائل النور، في مقابل ما حصَّلوا