777

كانت محكمة التمييز قد أبطلت قرار محكمة «أفيون» القاضي بمصادرة رسائل النور، وكان أحد الأسباب التي دعتها لذلك هو أن الرسائل التي قُدِّمت في لائحة القرار على أنها عنصر إدانةٍ لم يوضَّح ما إذا كانت هي نفس الرسائل التي برَّأتها محكمة «دَنِزْلي» أم سواها، فإنْ كانت هي نفس الرسائل التي صدر القرار ببراءتها وردِّها لأصحابها فإن قرار محكمة «أفيون» يُعدُّ باطلًا، ثم إنه من المخالف للقانون إعادة النظر في دعوَى سبق أن نالت صفة «القضية المُحكمة» بتصديقٍ من محكمة التمييز.

إلا أنه برغم قرار الإبطال الصادر من محكمة التمييز استمرت جلسات المحاكمة بـ«أفيون»، ولم تتوقف إلا بعد أن تولى الحزب الديمقراطي مقاليد الأمور، حيث أصدر عفوًا عامًّا شمل قرارَ محكمة «أفيون»، وأغلق مِلَفُّه. [لكن هيئة المحكمة لم تصدر قراراً ببراءة رسائل النور، بل أصدرت قراراً بمصادرتها، وظل هذا القرار سارياً حتى العام 1956م؛ لقد أصدرت المحكمة قرار المصادرة مرتين، وأبطلته محكمة التمييز في كلِّ مرة، ثم رضخت محكمة «أفيون» لمحكمة التمييز وأصدرت قرار البراءة، إلا أن محكمة التمييز أبطلت القرار هذه المرة لوجود نقصٍ أصولاً، وطالبت بمراجعة الرسائل من قِبَل رئاسة الشؤون الدينية، فقامت الأخيرة بمراجعتها كاملةً عبر لجنةٍ من الخبراء، وأصدرت تقريراً يُعَرِّف على نحوٍ ما بمكانة رسائل النور؛ واستناداً إلى هذا التقرير أصدرت محكمة «أفيون» في حزيران 1956م قراراً بالإجماع يقضي ببراءة رسائل النور ورفْع الحظر عنها، واكتسب القرار صفة القطعية، وبدأ من حينها طبع مجلدات الرسائل في المطابع بما في ذلك مطابع العاصمة نفسها؛ المُعِدُّون]

***