778

كان رئيس الشؤون الدينية «أحمد حمدي» قد طلب من الأستاذ النُّورْسِيّ -قبل وقوع حادثة سجن «أفيون»- نسختين من مجموعة رسائل النور، إحداهما لمكتبة رئاسة الشؤون الدينية، والأخرى للاقتناء الشخصي، إلا أن حادثة السجن حالت دون إرسالهما، فلما أُفرِج عن الأستاذ وقدِم إلى «أميرداغ»، صحَّح نسختين من مجموعة رسائل النور أُعِدَّتا مسبقًا، وبعث بهما إليه مرفِقًا الرسالة التالية:

السيد أحمد حمدي المحترم..

أذكر لك حادثةً روحيةً جرت لي، وهي أنني منذ زمنٍ بعيدٍ لم تكن أفكاري توافق أفكارَك وأفكارَ مَن في مسلكك من المشايخ التاركين للعزائم الآخذين بالرُّخَص بناءً على الضرورات، فكنت أغضب منك ومنهم وأقول: لماذا يتركون العزائم ويتَّبِعون الرُّخَص؟ ولأجل هذا كنتُ أمتنع عن إرسال رسائل النور إليكم بشكلٍ مباشر.

ثم إنه قبل سنواتٍ قليلةٍ وَرَدَ إلى القلب شعورٌ بالأسف تجاهكم، وأُخطِرَ خاطرُ انتقادٍ يقول: إن هؤلاء الأفاضل من إخوانك في طلب العلم قديمًا -وفي مقدمتهم أحمد حمدي- قد واجهوا تخريباتٍ رهيبةً شديدةً آخذين بقاعدة اختيار أهون الشَّرَّين، وصرفوا جزءًا من وظيفتهم العلمية في سبيل الحفاظ على المقدسات، فخففوا الخطر الداهم إلى الربع، وعسى أن يكون هذا كفارةً لما وقع منهم من تقصيراتٍ وأخذٍ بالرُّخَص تحت الاضطرار.

أجل، هذا ما أُخطِرَه القلبُ بشدة، ومن حينها أخذت أنظر إليكم وإلى أمثالكم نظرَ الأُخُوَّة الحقيقية باعتباركم إخواني القدامى في طلب العلم ورفاقي في التحصيل؛ ولأجل هذا، فإني حين كنت قبل ثلاث سنواتٍ تحت احتمال أن يفضي تسممي الشديد إلى وفاتي، نويت أن أقدم لكم نسخةً من مجموعة رسائل النور بناءً على طلبكم المُلِحِّ،