844

هذه المدينة وتجول في أماكن شتى منها شهرين اثنين، فما تعرض له شرطيٌّ واحدٌ بهذا الخصوص!!

وفضلًا عن أن محكمة التمييز قَضَتْ بأن القبعات الصوفية غيرُ محظورة، فإنه لا يُجبَر على ارتداء القبعة الإفرنجية أيٌّ من النساء أو أفراد الجيش أو الموظفين أو سواهم ممن يحسرون عن رؤوسهم، ولا مصلحةَ تترتب على ارتدائها، ولا مساءلةَ لمن يرتدي قبعةً سواها!!

ثم إن هذا الرجل ليس له وظيفةٌ رسميةٌ حتى يكون له لباسٌ رسمي، بل هو منزوٍ لا يخالط الناس لا سيما في شهر رمضان المبارك، إذِ امتنع عن اللقاء بأخص أصحابه لئلا يستذكر الدنيا أو يَشغَل روحَه بشيءٍ من هذه القضايا المزعجة التي تُعدُّ مخالِفةً للقانون، حتى إنه برغم شدة مرضه لم يتعاط دواءً ولم يستدعِ طبيبًا لئلا يشغل قلبَه وروحَه بشؤون بدنه!!

إلا أنه برغم هذا كلِّه يُطالَب بارتداء القبعة الإفرنجية تشبُّهًا بالرهبانِ الأجانب، ويُهَدَّد بالإحالة إلى القضاء إن هو خالَف!! فما أشنعه من تصرُّفٍ يشمئزُّ منه مَن له ذرَّةُ ضمير!!

ومما يتصل بهذا الموضوع أن الشخص الذي طالبه بارتداء القبعة قال له: إنما أنا عبدٌ مأمور.

وهل يجوز أصلًا أن يؤمَر بامتثال قانونٍ جبريٍّ تعسفيٍّ حتى يقول القائل: إنما أنا عبدٌ مأمور؟!

كلا، فكما أن القرآن يدعو لطاعة أولي الأمر في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء:59]، فإنه كذلك يدعو لعدم التشبُّه باليهود والنصارى؛ فهو يأمر بطاعة أولي الأمر شريطة ألا تنافيَ طاعةَ الله ورسوله،