864

في هذه الخطبة أسباب تخلف العالَم الإسلامي، ووضَّح السبيل لنهضته، وأكَّد على ضرورة اتحاده، وكان لهذه الخطبة أثرٌ بالغ إذ تلقَّاها الناس بإعجابٍ وتقدير، وكانت سببًا في ذيوع اسمه في مجالس العلم؛ وفضلًا عن هذا فإن ثمة الكثير ممن عرفوا سيرته واطلعوا على جهاده ونضاله، وقرؤوا مؤلفاته، فعقدوا معه أواصر صلةٍ معنويةٍ لا تنفصم.

وقد حصل ذات مرةٍ أن بعث إليه بعض طلاب الأزهر بسؤالٍ يتعلق بحديثٍ مُشكِل، فتولى طلابه الأمر نظرًا لاعتلال صحته حينها، وأرسلوا بجوابٍ سَبَق أن كتبه الأستاذ ردًّا على ما قد يرِدُ على هذا الحديث من إشكالات، وأردفوه بفقراتٍ جمعوها من رسائل النور تتعلق بالموضوع نفسه، فكان جوابًا بليغًا شافيًا قوبل بكل استحسان.

وحين زار وكيل وزير المعارف الباكستاني تركيا -وهو اليوم عميد جامعة السِّنْد، السيد «علي أكبر شاه»- التقى بالأستاذ بديع الزمان، وألقى كلمةً قبل مغادرته البلادَ تحدث فيها للشباب عن الأستاذ ومؤلفاته، وبعد عودته إلى بلده كَلَّفَ بترجمتها إلى الأوردية، وقرر بعضها في الجامعات الرسمية، وتولَّت الصحف والمجلات المنشورة بالعربية والإنكليزية بباكستان التعريفَ بالأستاذ النُّورْسِيّ وكُتُبه، وتحدثتْ عن الدور الكبير الذي اضطلعت به رسائل النور في بعث الإسلام في تركيا، وعرَّفت بالأستاذ كأحدِ أبرز القادة المعنويين في العالَم الإسلامي، وأبرزت العديدُ من المقالات جهادَه ونضالَه بكل تقدير، واعتبرت رسائلَ النور سدًّا قرآنيًّا يصدُّ الهجمات التي يتعرض لها العالَم الإسلامي اليوم.

وعلى صعيدٍ آخر فقد لقيت رسائل النور قبولًا طيبًا في أوروبا وأمريكا وإفريقيا، وحَظِيَتْ بقرَّاء ومهتمِّين في بلادٍ عدةٍ خصوصًا في ألمانيا وفنلندا، ونظرًا لأهميتها وُضِعت نسخةٌ منها بمسجد جامعة برلين التقنية، وعُقِد مؤتمرٌ حولها في قسم اللاهوت بكلية الدراسات الشرقية، ويعترف الكثيرون بدورها في تحقيق فتوحاتٍ للدعوة إلى الإسلام بألمانيا.