807

لأبناء العالَم الإسلامي وللإنسانية عامةً؛ وإنه لجديرٌ بأبناء هذا البلد أن يفتخروا بأن وطنهم كان مهدًا لهذا الإنسان النقي الطاهر صاحب الذكاء الرباني النادر والشخصية الفريدة.

بالأمس جرت محاكمةٌ لهذا الرجل، وقد كشفت لنا هذه المحاكمة عن أمرين:

أحدهما: أنها كشفت عن معدن الشباب التركي الأصيل الذي يُكِنُّ عميق الاحترام والتقدير للأخلاق العالية والإيمان السامي وللفضيلة والإرادة؛ والآخر: أنها كشفت عن حقيقة تلك الفئة الوضيعة التي لا يُعرَف لها حسَبٌ ولا نسَبٌ، والتي تبحث عن الثراء والرفاهية والمناصب على حساب إذلال الشعب التركي وإبقائه متخلفًا، وتتلقى التعليمات والتوجيهات والدعم من المنظمات العالمية السرية الهدامة التي تعادي هذا الشعب؛ ولقد استشعرتْ هذه الفئةُ الخوفَ والخطرَ على نفسها من جموع الشباب التركي المثقف، فراحت تهاجمهم بأقلامٍ تقطر خبثًا ولؤمًا، وتعمل على الحط من شأنهم وتشويه صورتهم بأساليب ملتويةٍ بان عوارُها وانفضح كذبها.

يمكننا أن نجري مقارنة بين أستاذنا الجليل وبين معاصره «المهاتما غاندي»، ذلك الرجل العظيم الذي قاد استقلال الهند، فلقد ثار هذا الأخيرُ على جبروت الإنكليز وإمبراطوريتهم واحتلالهم الذي نهب بلاده وأذل شعبها، وثَبَت هذا الرجل على قضيته يومًا بعد يوم ولم يتراجع عنها قيد أنملة، حتى أجبر بريطانيا بعظَمَتها وجبروتها أن ترضخ خاضعةً ذليلةً لإرادته العظيمة.

إن ابن وطننا هذا -أعني أستاذَنا النُّورْسِيّ- لَيشبه ذلك الرجل في كفاحه ونضاله وأسلوب حياته إلى حدٍّ بعيد، ويفوقه في الإسلام والإيمان الذي شرَّفه الله به، وأنارَ به روحَه كالشمس فطاف به في أنحاء العالم الإسلامي؛ إلا أن بين الرجلين فرقًا عظيمًا يبعث على الحسرة والأسف، وهو أن الأول لقي الدعم والثقة والاحترام والالتفاف حولَه من أربعمئة مليون شخصٍ من أبناء مجتمعه، بينما لقي صاحبنا الحطَّ والطعن والإزراء من زمرةٍ وضيعةٍ عديمة الأصل.

حنانَيك ربي.. كيف هَوَينا إلى هذا الدَّرْك الذي يجعلنا نستحقر أثمن ما لدينا ونستخِفُّ به؟! إننا نُقِرُّ بين يديك بفداحة جُرمنا، فحسبُنا هذا السقوط.. حسبُنا.

جواد رفعت أتيلخان

***