831

وآمُلُ أن يكون لدى محكمتكم الموقرة قناعةٌ تامةٌ بهذا الأمر فتقضي ببراءته؛ أما إن كان ثمة احتمالٌ ولو واحدٌ بالألف لأن تقضي بخلاف ذلك، فإني أعدُّ نفسي مُقصِّرًا ومهملًا إنْ تهاونتُ في الدفاع عن موكِّلي البريء.

يجب أن نأخذ بعين الاعتبار وجهةَ نظرِ محكمة التمييز العليا والقناعةَ التي توصلتْ إليها، مراعاةً لأصولِ سيرِ المحكمة، وتجنُّبًا لوقوع أيِّ نقصٍ أو خللٍ في إجراءاتها، ومن هنا أطلب من محكمتكم الموقرة السماح بالإدلاء بدفاعي.

هيئة المحكمة: حسنًا سيد عبد الرحمن.. تفضل بدفاعك الأخير، فنحن نستمع.

المحامي «شرف لاج»: بما أن الكتاب المسمَّى «مرشد الشباب» هو عبارةٌ عن تفسيرٍ للقرآن الكريم وأوامره؛ وبما أنه يحتوي على نصائح وتوجيهاتٍ دينيةٍ مستقاةٍ من تعاليم الإسلام؛ وبما أن المادة السبعين من الدستور تنص على أن الحصانةَ الشخصية، وحريةَ الفكر والضمير، وحقَّ التعبير والنشر، هي من الحقوق الطبيعية للمواطن التركي؛ وبما أن المادة الخامسة والسبعين من الدستور تنص على أنه لا يجوز محاسبة المرء على دينه أو مذهبه الذي ينتسب إليه؛ فإن حرمانَ موكِّلي من حرية الدين والنشر التي كَفَلها له الدستور وإبقاءَه تحت الملاحقة القانونية أمرٌ يخالف صريح الدستور.

…….

وإذا فرضنا أنه لم يؤخذ بعين الاعتبار شيءٌ من الوجوه القانونية التي أوردناها آنفًا، وجازت ملاحقةُ موكِّلي وَفقًا لتلك المادة التي تصادم الديمقراطية صراحةً، أعني المادة (163) من قانون العقوبات التركي، فإننا حينئذٍ سنُبرِّر الجرم المنسوب إليه ونقول:

كان ثمة رجلٌ مسلمٌ كبيرُ السن.. نقيٌّ وضَّاء القسَمات.. كلَّل الشيبُ هامتَه، وجلَّل السَّنا مُحَيّاه، وغمر نورُ الله كيانَه.. وَقَف حياتَه التي أنعم الله بها عليه خالصةً لصلاح أبناء هذا الوطن وسعادتهم الحقيقية.. وعزم أن يسير في دربه الذي اختاره فلا