824

دفاع الأستاذ:

أرجو أن تُرعوا سمعًا لما سأسرده بإيجازٍ شديدٍ من ظلمٍ طويلِ الأمد تعرضتُ له خلال حياتي.

(أفسحت المحكمة المجال للأستاذ ليتكلم بحريةٍ وراحةٍ، فشرع يسرد مدافعته بتفصيلٍ ورَويَّةٍ).

السادة القضاة..

لقد تعرضت خلال ثمانٍ وعشرين سنةً لصنوفٍ لا مثيل لها من الإهانة والإيذاء والمراقبة والسَّجن، كلُّ ذلك كان يجري بناءً على افتراءاتٍ واتهاماتٍ باطلةٍ تستند إلى بضع نقاط:

الاتهام الأول: يعتبرونني معارضًا للنظام؛ ومعلومٌ أن لكل حكومةٍ معارضين، وأنه لا يحاسَب أحدٌ على فكره ومنهجه الذي يتبناه بقلبه وضميره ما دام لا يمس الأمن والاستقرار، وهذا حقٌّ متعارفٌ عليه.

فها هم الإنكليز الذين عُرِفوا بتعصُّبهم لدينهم وسطوتهم في حكمهم، يعيش أكثرُ من مئةِ مليون مسلمٍ تحت حكمهم منذ مئة عام، [في الهند؛ هـ ت] ويرفضون نظام حكمهم الكافر، ويردُّونه بمقتضى القرآن، ومع هذا لا تتعرض لهم محاكم الإنكليز بشيءٍ في هذا الخصوص.

وها هم اليهود والنصارى عاشوا منذ زمنٍ بعيدٍ في ظل حكوماتٍ إسلاميةٍ سواءٌ هنا أو في أماكن أخرى، وكانوا معارضين لدين البلاد التي يَتْبعون لها، مُضادِّين لنظام حكمها القدسي، ومع هذا لم تتعرض لهم تلك الحكومات يومًا ما، ولم تمسَّهم قوانينُها بشيء.