811

لقد فَعَلتْها زمرةٌ من أعداء الشعب وخَوَنة الوطن احترفتِ العملَ بأيدٍ خفيةٍ من وراء الكواليس لتدمير هذا الشعب وخداعه وتضليله بالأكاذيب والحِيل، فضيَّقتْ على هذه الشخصية النزيهة سنين طويلة؛ وإننا لَنسأل: كيف يُعقل أن يعيش كُبراء البطاركة في القصور الفخمة المهيبة، وهم الذين أثبتوا عبر تاريخنا أنهم ما إن تسنح لهم الفرصة حتى يكونوا أخطر عدوٍ، بينما رجلٌ -كبديع الزمان- هو ابنُ هذه الأرض الطيبة كابرًا عن كابر، ويحمل في عقله وقلبه حبَّها ومكانتها.. يُحرَم من حق الحياة الذي يتمتع به مَن يعمل بوَّابًا في تلك القصور التي تعج بالفساد؟! نعم.. إننا نسأل، لكن مَن نسأل؟ وما جدوى السؤال؟!

مَن منا يقبل أن تُنتَهَكَ حرمات بيته المصونة، وتُقتَحَمَ غرفته الخاصة على حين غِرَّة، وتُنتَزَعَ من بين يديه كتبُه التي أودعها خلاصةَ سياحته الفكرية وتجربته الروحية؟! إن هذه التصرفات التي تَحسبون أنكم تقلدون بها المجتمعات المتمدنة المعاصرة لا تقع حتى في إسبانيا التي تُعَدُّ أشدَّها تخلُّفًا، بل حتى لو وقعت فإنه يستحيل أن تتكرر بحال؛ وإننا بهذا الخصوص نرفض وندين هذه المعاملة المُشينة التي عومل بها رجلٌ نزيهٌ رفيع القدر يتحلى بالعلم والأخلاق والفضيلة كبديع الزمان، لا سيما المعاملة التي عومل بها في المدّة الأخيرة.

إننا في هذه الأيام المُظلمة الحالكة التي خيَّمتْ على الشعب التركي، وزحف فيها التحلل والانحطاط والرذيلة من كلِّ حدبٍ وصوبٍ كأنه الطوفان لِيَلْتهِم كلَّ فضيلةٍ.. نرى فيض بديع الزمان ينتقل من قلبٍ إلى قلبٍ كَسِرٍّ دفَّاقٍ لا يُقاوَم، فنجد فيه السُّلوان وأيُّ سُلوان.

لقد أظلمت ليالينا كثيرًا.. ومتى اشتدت حُلكة الليالي كان بزوغ فجرها وشيكًا.. وإن الله مع الصابرين.

جودت سيزار

***