925

ويخدم القرآن والإسلام خدمةً كُليَّةً جادةً مؤثِّرة، ولا ينحني للكفر والإلحاد والزندقة، لا يرائي ولا يتزلف، ولولا ذلك لما لقي كلَّ هذا الظلم والأذى.

ومن هنا يمكننا القول بأن عبارات الثناء والتقدير التي تقال بحق الأستاذ وتتردد على ألسنة رجالٍ أفاضل ليست عبارات مدحٍ وثناء تُزجى، بل هي وصفٌ لواقعٍ مشهود، وتعبيرٌ قاصرٌ عن جزءٍ يسيرٍ من العمل العظيم الذي نهض به بديع الزمان؛ وكذلك الأمر بخصوص ما يكتبه طلاب رسائل النور من مقالاتٍ ورسائل، فليست هذه مديحًا يُدبَّج، بل هي دفاعٌ رصينٌ يجابِه أعداءَ الدين الذين لا ضمير لهم ولا إنصاف، ويقارعهم في مسعاهم لضرب خدمة الأستاذ الإيمانية والتعرُّض لشخصه. [إحدى الدسائس التي يُردِّدها الملاحدة وشياطين الإنس والجن، ويبثونها على ألسنة مخدوعيهم هي قولُهم: إن أستاذَكم لا يولي أهميةً لشخصه، لكنكم تخالفون منهجه وتكتبون بحقه رسائل تقديرٍ وإجلال!!

   والحق أن هذا هو أحد أساليبهم في خداع طلاب النور وتشويشهم، إذ يغالطونهم بمثل هذه الأفكار التي تلقى رواجًا لدى البسطاء لمنعهم من الدفاع عن الأستاذ والرسائل دفاعًا عادلًا نزيهًا؛ ونحن نقول: أجل، إن إحدى سجايا أستاذنا العالية الرفيعةِ النابعةِ من إخلاصه هي أنه لا يولي أهميةً لشخصه، لكنَّ هذا لا ينبغي أن يدفعنا لإغفال قيمته ومكانته السامية، بل إن إبرازها والاعتراف بها لَـمِن مقتضى البصيرة والإنسانية؛ ذلك أنَّ من لُطف الله بنا أن قيَّض لنا هذا الرجل الفذَّ الذي قدَّم لنا تفسيرًا قرآنيًّا بديعًا كرسائل النور التي تُعنى بالقضايا الجوهرية المصيرية، وهي قضايا لا تخص أبناء العالَم الإسلامي اليومَ فحسب، ولا المجتمع الإنساني المعاصر فحسب، بل يمتد أثرها ودورها لأجيال المستقبل؛ المُعِدّون]

وبالرغم من أن عبارات التقدير والثناء هذه لا تجافي الحقيقة، إلا أن الأستاذ لا يتردد في إبداء انزعاجه منها وإنْ جرَحَ بذلك مشاعر قائليها، بل كثيرًا ما يؤكِّد أن الزمان ليس زمان الشخص الفرد، بل هو زمان الشخصية المعنوية.. وليس في رسائل النور شخصٌ فرد، بل فيها شخصيةٌ معنوية.. أنا لا شيء.. فالرسائل بضاعةُ القرآن، منه ترشَّحتْ، وإليه يعود الحسن والشرف.. لقد وقع الخلط بيني وبين رسائل النور، وإنما المزية لها وليست لي.. أما التوفيق العجيب في نشرها فيعود لطلابها.. وإنما القضية أن الله جلَّ شأنه قد تفضَّل عليَّ لشدة حاجتي، وأنعم عليَّ بأدويةٍ من القرآن الحكيم