917

عليه، وإذا به لم يعد كسابق عهده؛ غير أن ما تمتاز به رسائل النور هو أنها تبدد الظلمات بنشر النور، وتدفع المرء لترك القبائح والابتعادِ عن الشر بتعليمه الخير، وتُلقِّن قارئَها الحقيقةَ فتُنقذه من الباطل وتحميه منه.

خلاصة الكلام أننا مشغولون بالأنوار.. نشتغل بالمجوهرات القرآنية، ونعمل بحقائق القرآن الألماسية التي تستوعب الكون بأجمعه.. نخدم ما يبقى، ولا نكُدُّ لخدمة ما يفنى.. قد استغنينا بخدمتنا الإيمانية في رسائل النور فلم تَدَع لنا حاجةً للاشتغال بسواها بعد أن كَفَتنا كلَّ شيء.

إن أعداء الدين العاملين في الخفاء ما فَتِئوا يحاربون رسائل النور ومؤلِّفها، لكنهم لن يَجنوا من حربهم هذه سوى الهزيمة، وسيكون النصر والتوفيق حليفَ الرسائل ومؤلِّفها بإذن الله، على أن الطعن والتجريح الشخصي لن يَضرَّا رسائلَ النور شيئًا، إذْ هي بذاتها حجةٌ وبرهان، بل إن الذين حملوا على عاتقهم مهمة الطعن والتشويه إنما حكموا على أنفسهم بها، والتاريخ شاهدٌ على هذا، وإن ما انطوت عليه رسائل النور من حقائق سامية سيُخلِّدها على مرِّ الزمان بإذن الله.

يومًا ما أعلن طلاب النور في محكمة الجنايات قائلين: «لا توجد قوةٌ بشريةٌ يمكنها أن تُفرِّق صفَّنا أو تُبعِدنا عن أستاذنا أو عن رسائل النور»؛ والأمر كذلك حقًّا، ولن ينجح المنافقون في تحقيق ذلك ولو استخدموا أعتى الأسلحة، بل حتى لو قتَّلونا وتفارقت أبداننا فإن أرواحنا ستمضي بسلامةٍ وسعادةٍ إلى عالَم الخلود؛ وإننا نقول كما قال أستاذنا في «المكتوبات»: «حتى لو فرَّقتنا الأماكن فكان أحدُنا في الدنيا والآخَر في الآخرة.. أو كان أحدُنا في الشرق والآخَر في الغرب.. أو كان أحدنا في الشمال والآخَر في الجنوب.. فإننا برغم ذلك نبقى معًا».

إن أستاذنا لا يدَّعي لنفسه مقامًا معنويًّا، بل يرفض حتى ما يُنسَب إليه من مكانةٍ رفيعةٍ ووصفٍ استثنائي، إلا أن أحواله ومواقفه وسيرته كافيةٌ في التعريف به والبرهنة