ﺑِﺎﺳْﻤِﻪِ ﺳُﺒﺤَﺎﻧَﻪُ

 ﴿ﻭَﺍِﻥْ ﻣِﻦْ ﺷَﻲﺀٍ ﺍِلا ﻳُﺴَﺒِّﺢُ ﺑِﺤَﻤْﺪِﻩِ﴾

   (ﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻌﺜﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻃﺎﻟﺒﻪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ) 

    ……….

ﺧﺎﻣﺴﺎً: ﻛﻨﺖَ ﻗﺪ ﻛﺘﺒﺖَ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺭﺳﺎﺋﻠﻚ، ﺭﻏﺒﺘَﻚ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺗﺸﺎﺭﻛﻨﻲ ﻣﺎ ﺗﺠﻴﺶ ﺑﻪ ﻣﺸﺎﻋﺮﻱ ﻭﺃﺣﺎﺳﻴﺴﻲ ﻫﻨﺎ. ﻓﺎﺳﺘﻤﻊْ ﺇﺫﻥ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﺣﺪﺓٍ ﻣﻦ ﺃﻟﻒٍ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﻫﻮ:

ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ، ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﻋﻈﻴﻢ، ﻓﻲ ﻭﻛﺮ ﻣﻨﺼﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ ﺷﺠﺮﺓ «ﺍﻟﻘﻄﺮﺍﻥ» ﺍﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ ﻣﻦ ﻗﻤﻢ ﺟﺒﻞ «ﭼﺎﻡ». ﻧﻈﺮﺕ ﻣﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍلأﻧﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﺍﻟﻤﺰﻳّﻦ ﺑﻤﺼﺎﺑﻴﺢ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ، ﻓﺮﺃﻳﺖ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘَﺴَﻢ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻓﻲ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ﴾ (ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﺮ:15-16) ﻧﻮﺭﺍً ﺳﺎﻣﻴﺎً ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺍلإﻋﺠﺎﺯ، ﻭﺷﺎﻫﺪﺕُ ﻓﻴﻪ ﺳﺮﺍً ﺑﻠﻴﻐﺎً لاﻣﻌﺎً ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺒـلاﻏﺔ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺘﺎﺭﺗﻬﺎ ﻭﺍﻧﺘﺸﺎﺭﻫﺎ. ﻓﺘﻌﺮﺽ ﺍلآﻳﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫِﺪ ﻧﻘﺸﺎً ﺑﺪﻳﻌﺎً ﻣﺘﻘﻦ ﺍﻟﺼﻨﻊ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻭﺗﺮﺳﻢ ﻟﻮﺣﺔ ﺭﺍﺋﻌﺔ ﺗﻠﻘﻦ ﺍﻟﻌﺒﺮﺓ ﻭﺍﻟﺪﺭﺱ.

ﻧﻌﻢ، ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻣﺎ ﺇﻥ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﻗﺎﺋﺪﻫﺎ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺇﻟّﺎ ﻭﺗَﻌﺮِﺽ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺭﻭﺍﺋﻊَ ﺍﻟﻨﻘﺶ ﺍﻟﻤﺘﺠﺪﺩ، ﻭﺑﺪﺍﺋﻊَ ﺍلإﺗﻘﺎﻥ ﺗﺘﺠﺪﺩ ﺣﻴﻨﺎً ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ.. ﻓﻘﺪ ﺗﺘﻜﺎﺗﻒ ﺇﺣﺪﺍﻫﺎ ﻣﻊ ﻣﺜﻴﻠﺘﻬﺎ، ﻭﺗُﻈﻬﺮﺍﻥ ﻣﻌﺎً ﺁﻳﺔ ﺑﺎﻫﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ.. ﻭﻗﺪ ﺗﺪﺧﻞ ﺇﺣﺪﺍﻫﺎ ﺑﻴﻦ ﺻﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻓﺘﻘﻮﺩﻫﺎ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻟﻠﺼﻐﻴﺮﺍﺕ.. ﻭلا ﺳﻴﻤﺎ ﻧﺠﻢ ﺍﻟﺰُﻫَﺮﺓ ﺍﻟـلاﻣﻌﺔ ﻓﻲ ﺍلأﻓﻖ، ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻐﺮﻭﺏ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺳﻢ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﻣﺜﻴﻠﺘﻬﺎ ﺗﺴﻄﻊ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻔﺠﺮ.. ﻓﻴﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻝ ﺯﺍﻫﺮ ﻳﻀﻔﻴﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍلأﻓﻖ!.

ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﺇﻧﻬﺎﺀ ﻛﻞ ﻧﺠﻢ ﻭﻇﻴﻔﺘَﻪ، ﻭﺇﺷﺮﺍﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﺍلأﺧﺮﻳﺎﺕ، ﻭﺇﻳﻔﺎﺀ ﺧﺪﻣﺎﺗﻪ ﻛﺎﻟﻤﻜﻮﻙ ﻓﻲ ﻧﺴﺞ ﻧﻘﻮﺵ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ، ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ ﺍﻟﻤﻬﻴﺒﺔ، ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﻓﻴﺘﺴﺮﺑﻞ ﺑﺎﻟﻨﻮﺭ، ﻭﻳﺘﺴﺘﺮ، ﻭﻳﺨﺘﻔﻲ ﻋﻦ ﺍلأﻧﻈﺎﺭ.

ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺒّﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥُ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑـ «ﺍﻟﺨُﻨّﺲ» «ﺍﻟﻜُﻨّﺲ» ﻳﺠﺮﻳﻬﺎ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻊ ﺃﺭﺿﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺟﺮﻳﺎﻥَ ﺳﻔﻴﻨﺔٍ ﺗﻤﺨﺮ ﻋﺒﺎﺏَ ﺍﻟﻜﻮﻥ، ﻭﻳﺴﻴّﺮﻫﺎ ﻃﻴﺮﺍﻥَ ﺍﻟﻄﻴﺮ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻳﺴﻴﺢ ﺑﻬﺎ ﺳﻴﺎﺣﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ، ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﻡ ﻛﺎﻣﻞ. ﺩﺍلا ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻈﻤﺔ ﺭﺑﻮﺑﻴﺘﻪ ﻭﺃُﺑّﻬﺔ ﺃﻟﻮﻫﻴﺘﻪ ﺟﻞ ﺟـلاﻟﻪ، ﻛﺎﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﻭﺿﺢ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ.

ﻓﻴﺎ لأﺑّﻬﺔ ﻣﻠﻴﻚٍ ﻣﻘﺘﺪﺭ، ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺳﻔﺎﺋﻨﻪ ﻭﻃﺎﺋﺮﺍﺗﻪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻛﺒﺮُ ﺟﺴﺎﻣﺔً ﻣﻦ ﺍلأﺭﺽ ﺃﻟﻒَ ﻣﺮﺓ، ﻭﺗﻘﻄﻊ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻓﻲ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ! ﻗﺲ ﺑﻨﻔﺴﻚ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ، ﻭﻣﺪﻯ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻠﻴﻚ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ، ﻭﺍلاﻧﺘﺴﺎﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎلإﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻀﻴﺎﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪﺓ ﺇﻛﺮﺍﻣﻪ ﻭﺃﻓﻀﺎﻟﻪ.

ﺛﻢ ﻧﻈﺮﺕُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻤﺮ، ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺃﻥ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾ (ﻳﺲ:39) ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﻧﻮﺭ ﻣﺸﺮﻕ ﻣﻦ ﺍلإﻋﺠﺎﺯ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﺗﻘﺪﻳﺮﺍً ﺩﻗﻴﻘﺎً ﺟﺪﺍً، ﻭﺗﺪﻭﻳﺮَﻩ ﺣﻮﻝ ﺍلأﺭﺽ ﻭﺗﺪﺑﻴﺮَﻩ ﻭﺗﻨﻮﻳﺮﻩ، ﻭﺇﻋﻄﺎﺀﻩ ﺃﻭﺿﺎﻋﺎً ﺇﺯﺍﺀ ﺍلأﺭﺽ ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ، ﻣﺤﺴﻮﺑﺔً ﺑﺤﺴﺎﺏ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺪﻗﺔ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ، ﺗﺘﺤﻴﺮ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ، ﻳُﺮﺷﺪ ﻛﻞَّ ﺫﻱ ﺷﻌﻮﺭ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻈﻢ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻣﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺎﻛﻠﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﻗﺔ ﻭﻳﻘﺪّﺭﻫﺎ ﺗﻘﺪﻳﺮﺍً ﺩﻗﻴﻘﺎً، لا ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻲﺀ. ﻣﻤﺎ ﻳﻮﺣﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻳﻌﻘﺐ ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺐ ﻣﻘﺪّﺭ ﺣﺴﺎﺑُﻪ، لا ﻳﺨﻄﺊ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭلا ﻳﺘﺒﺎﻃﺄ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻪ ﻗﻴﺪَ ﺃﻧﻤﻠﺔ، ﻣﻤﺎ ﻳﺪﻓﻊ ﻛﻞ ﻣﺘﺄﻣﻞ ﻓﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ: ﺳﺒﺤﺎﻥ ﻣﻦ ﺗﺤﻴّﺮ ﻓﻲ ﺻﻨﻌﻪ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ. ﺇﺫ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﺷﻜﻞَ ﻫـلاﻝ ﺭﻗﻴﻖ، ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺷﻬﺮ ﺁﻳﺎﺭ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺃﺣﻴﺎﻥ ﺃﺧﺮﻯ. ﻭﻳﺘﺨﺬ ﺷﻜﻞ ﻋﺮﺟﻮﻥ ﻗﺪﻳﻢ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺩﺧﻮﻟﻪ ﻣﻨـﺰﻝ ﺍﻟﺜﺮﻳﺎ. ﺣﺘﻰ ﻟﻜﺄﻥ ﺍﻟﺜﺮﻳﺎ ﻋﻨﻘﻮﺩ ﻳﺘﺪﻟﻰ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﺮﺟﻮﻥ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺳﺘﺎﺭ ﺍﻟﺨﻀﺮﺍﺀ ﺍﻟﻘﺎﺗﻤﺔ، ﻣﻤﺎ ﻳﻮﺣﻲ ﻟﻠﺨﻴﺎﻝ ﻭﺟﻮﺩ ﺷﺠﺮﺓ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻧﻮﺭﺍﻧﻴﺔ ﻭﻛﺄﻥ ﻏﺼﻨﺎً ﺩﻗﻴﻘﺎً ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﻗﺪ ﺧﺮﻕ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﺘﺎﺭ ﻭﺃﺧﺮﺝ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ﻣﻊ ﻋﻨﻘﻮﺩ ﻫﻨﺎﻙ، ﻭﺻﺎﺭﺍ ﺍﻟﺜﺮﻳﺎ ﻭﺍﻟﻬـلاﻝ.

ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﺔ ﺗﻠﻘﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍلأﺧﺮﻯ ﺛﻤﺮﺍﺕُ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ. ﻓﺸﺎﻫﺪ ﻟﻄﺎﻓﺔَ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾ ﻭﺫﻕ ﺣـلاﻭﺓ ﺑـلاﻏﺘﻬﺎ.

ﺛﻢ ﺧﻄﺮﺕ ﺑﺎﻟﺒﺎﻝ ﺍلآﻳﺔُ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ (ﺍﻟﻤﻠﻚ:15) ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍلأﺭﺽ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻣﺴﺨّﺮﺓ ﻭﺩﺍﺑّﺔ ﻣﺄﻣﻮﺭﺓ. ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍلإﺷﺎﺭﺓ ﺭﺃﻳﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ ﺭﻓﻴﻊ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮﺓ ﺳﺮﻳﻌﺎً ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀ ﺍﻟﻜﻮﻥ، ﻓﻘﺮﺃﺕ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾ (ﺍﻟﺰﺧﺮﻑ:13) ﺍﻟﺘﻲ ﻳُﺴﻦّ ﻗﺮﺍﺀﺗﻬﺎ ﺣﻴﻦ ﺭﻛﻮﺏ ﺍﻟﺪﺍﺑﺔ ﻣﻦ ﻓﺮﺱ ﻭﺳﻔﻴﻨﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ.

ﻭﻛﺬﺍ ﺭﺃﻳﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺮﺓ ﺍلأﺭﺿﻴﺔ، ﻗﺪ ﺃﺧﺬﺕ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻃﻮﺭ ﻣﺎﻛﻴﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻴﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻭﺗﻌﺮﺿُﻬﺎ، ﻓﺤﺮّﻛﺖْ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻣﻦ ﻧﺠﻮﻡ، ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺗﺴﻮﻗﻬﺎ ﺳﻮﻕَ ﺍﻟﺠﻴﺶ، ﻋﺎﺭﺿﺔً ﻣﻨﺎﻇﺮ ﺟﺬﺍﺑﺔ ﻭﻣﺸﺎﻫﺪَ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﺗُﻮﻗﻊ ﺃﻫﻞَ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ ﺣﻴﺮﺓ ﻭﺇﻋﺠﺎﺏ، ﻭﺗﺠﻌﻠﻬﻢ ﻓﻲ ﻧﺸﻮﺓ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻬﺎ. ﻓﻘﻠﺖ: ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ… ﻣﺎ ﺃﻗﻞَّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺩﻯ ﺑﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻭﺍﻟﺮﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ؟

ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺧﻄﺮﺕ ﺑﺎﻟﺒﺎﻝ ﻧﻜﺘﺘﺎﻥ ﺇﻳﻤﺎﻧﻴﺘﺎﻥ:

ﺃﻭلاﻫﺎ: ﻗﺒﻞ ﺑﻀﻌﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺳﺄﻟﻨﻲ ﺃﺣﺪ ﺿﻴﻮﻓﻲ ﺳﺆﺍلا، ﺃﺳﺎﺱ ﺳﺆﺍﻟﻪ ﺍﻟﻤﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺷﺒﻬﺔ ﻫﻮ: ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺟﻬﻨﻢ ﺑﻌﻴﺪﺗﺎﻥ ﺟﺪﺍً، ﻫﺐ ﺃﻥ ﺃﻫﻞَ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻳﻤﺮﻭﻥ ﻭﻳﻄﻴﺮﻭﻥ ﻛﺎﻟﺒَﺮﻕ ﻭﺍﻟﺒُﺮﺍﻕ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺸﺮ ﻭﻳﺪﺧﻠﻮﻥ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺑﻠﻄﻒ ﺇﻟﻬﻲ. ﻭﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻳﺬﻫﺐ ﺃﻫﻞُ ﺟﻬﻨﻢ ﺇﻟﻰ ﺟﻬﻨﻢ ﻭﻫﻢ ﻳﺮﺯﺣﻮﻥ ﺗﺤﺖ ﺃﺛﻘﺎﻝ ﺃﺟﺴﺎﺩﻫﻢ ﻭﺃﺣﻤﺎﻝ ﺫﻧﻮﺑﻬﻢ ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺔ؟ ﻭﺑﺄﻳﺔ ﻭﺳﺎﻃﺔ ﻳﺬﻫﺒﻮﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ؟

ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻭﺭﺩ ﺑﺎﻟﺒﺎﻝ ﻫﻮ: ﻟﻮ ﺩُﻋﻴﺖ ﺍلأﻣﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺇﻟﻰ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﻋﺎﻡ ﻳُﻌﻘﺪ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﺜـلا. ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﺃﻣﺔ ﺗﺮﻛﺐ ﺳﻔﻴﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻭﺗﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺍلأﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻋﺘﺎﺩﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ ﻣﺤﻴﻂ ﺍﻟﻜﻮﻥ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻄﻊ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺗﺒﻠﻎ ﺧﻤﺴﺎً ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ، ﻫﺬﻩ ﺍلأﺭﺽ ﺗﺄﺧﺬ ﺃﻫﻠﻴﻬﺎ ﻭﺗﺤﻤﻠﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﻭﺗُﻔﺮﻏﻬﻢ ﻫﻨﺎﻙ. ﻭﻛﺬﺍ ﺗُﻔﺮﻍ ﻧﺎﺭ ﺟﻬﻨﻢ ﺍﻟﺼﻐﺮﻯ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺟﻮﻓﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻠﻎ ﺩﺭﺟﺔُ ﺣﺮﺍﺭﺗﻬﺎ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﺃﻟﻒ ﺩﺭﺟﺔ -ﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻘﺔ ﻟﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ- ﺑﺪلاﻟﺔ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﻛﻞ ﺛـلاﺙ ﻭﺛـلاﺛﻴﻦ ﻣﺘﺮﺍً، ﺩﺭﺟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ. ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺩﻱ ﺑﻌﺾ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﺟﻬﻨﻢ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﺒﺮﺯﺥ -ﺣﺴﺐ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ- ﻭﺗﻔﺮﻏﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺤﺸﺮ. ﺛﻢ ﺗﺘﺒﺪﻝ ﺍلأﺭﺽ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺽ ﺑﺎﻗﻴﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﺗﺼﺒﺢ ﻣﻨـﺰلا ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﻋﺎﻟﻢ ﺍلآﺧﺮﺓ.

ﺍﻟﻨﻜﺘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺩﺕ ﺑﺎﻟﺒﺎﻝ:

ﺇﻥَّ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ، ﺍﻟﻔﺎﻃﺮ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ، ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍلأﺣﺪ، ﻗﺪ ﺳﻦّ ﺳﻨﺔً، ﻭﺃﺟﺮﻯ ﻋﺎﺩﺓً، ﻭﻫﻲ ﺃﺩﺍﺀ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﺑﺸﻲﺀ ﻗﻠﻴﻞ ﺟﺪﺍً، ﻭﺇﻧﺠﺎﺯ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﺟﻠﻴﻠﺔ ﺟﺪﺍً ﺑﺸﻲﺀ ﻳﺴﻴﺮ ﺟﺪﺍً، ﺇﻇﻬﺎﺭﺍً ﻟﻜﻤﺎﻝ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻭﺟﻤﺎﻝ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﻭﺩﻟﻴـلا ﻋﻠﻰ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺘﻪ ﺟﻞ ﺟـلاﻟﻪ.

ﻭﻟﻘﺪ ﺫﻛﺮﺕ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﺃﻧﻪ:

ﺇﺫﺍ ﺃُﺳﻨﺪﺕ ﺍلأﺷﻴﺎﺀُ ﻛﻠُّﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﺣﺪ، ﺗﺤﺼﻞ ﺳﻬﻮﻟﺔٌ ﻭﻳﺴﺮٌ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ، ﻭﺇﻥ ﺃُﺳﻨﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﺒﺎﺏٍ ﻋﺪﺓ ﻭﺻﻨّﺎﻉ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻭﻋﻮﺍﺋﻖ ﻭﺻﻌﻮﺑﺎﺕ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﺍلاﻣﺘﻨﺎﻉ. لأﻥ ﺷﺨﺼﺎً ﻭﺍﺣﺪﺍً، ﻭﻟﻴﻜﻦ ﺿﺎﺑﻄﺎً ﺃﻭ ﺑﻨّﺎﺀً، ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪﻫﺎ، ﻭﻳﻌﻄﻰ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ، ﻟﻜﺜﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ، ﺃﻭ ﻛﺜﺮﺓ ﻣﻦ ﺍلأﺣﺠﺎﺭ ﻭﻟﻮﺍﺯﻡ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ، ﺑﺤﺮﻛﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺗﺎﻣﺔ، ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻮ ﺃُﺣﻴﻞ ﺫﻟﻚ ﺍلأﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺠﺎﺭ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻟﺘﻌﺴّﺮ ﺍﺳﺘﺤﺼﺎﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺑﻞ لا ﻳﻤﻜﻦ ﻗﻄﻌﺎً ﺇﻟّﺎ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ.

ﻓﻤﺎ ﻳُﺸﺎﻫﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﻭﺍﻟﺠﻮلاﻥ ﻭﺍلاﻧﺠﺬﺍﺏ ﻭﺍﻟﺪﻭﺭﺍﻥ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮ ﺍﻟﻠﻄﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻤﻌﺒّﺮﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺴﺒﻴﺢ، ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﺍلأﺭﺑﻌﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﺧﺘـلاﻑ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ.. ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻮ ﺃُﺳﻨﺪﺕ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻓﻌﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﻓﺈﻥ ﻭﺍﺣﺪﺍً ﺃﺣﺪﺍً ﺑﺄﻣﺮ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻪ ﺇﻟﻰ ﻛﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ ﻳﺴﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺭﻓﻴﻌﺔ ﻭﻧﺘﺎﺋﺞ ﺛﻤﻴﻨﺔ ﻛﺈﻇﻬﺎﺭ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﻓﻲ ﺗﺒﺪﻝ ﺍﻟﻤﻮﺍﺳﻢ ﻭﻏﺮﺍﺋﺐ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﺧﺘـلاﻑ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻭﻟﻮﺣﺎﺕ ﺭﺍﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟِﻬﺎ ﻣﻦ ﺍلأﻓﻌﺎﻝ، ﺗﺤﺼﻞ ﻛﻠﻬﺎ لأﻥ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻛﻠﻬﺎ ﺟﻨﻮﺩﻩ، ﻓﻴﻌﻴّﻦ ﺟﻨﺪﻳﺎً ﺑﺴﻴﻄﺎً ﻛﺎلأﺭﺽ ﺣﺴﺐ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﻭﻳﺠﻌﻠﻪ ﻗﺎﺋﺪﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ، ﻭﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﺳﺮﺍﺟﺎً لإﻋﻄﺎﺀ ﺃﻫﻞ ﺍلأﺭﺽ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﻭﺍﻟﻨﻮﺭ، ﻭﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝَ ﺍلأﺭﺑﻌﺔ -ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﻟﻮﺍﺡ ﻧﻘﻮﺵ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ- ﻣﻜﻮﻛﺎً، ﻭﺍﻟﻠﻴﻞَ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻫﻤﺎ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻧﺎﺑﻀﺎً، ﻭﻳﻘﺪّﺭ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻴﺖ، ﻭﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡَ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺼﺎﺑﻴﺢ ﻣﻀﻴﺌﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﻣﺘﻸ ﻟﺌﺔ ﺑﺄﻳﺪﻱ ﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ ﺍﻟﻤﻨﺠﺬﺑﻴﻦ ﺑﻨﺸﻮﺓ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻭﺍﻟﻔﺮﺡ.. ﻫﻜﺬﺍ ﻳُﻈﻬِﺮ ﺣِﻜَﻤﺎً ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﺨﺺ ﺍلأﺭﺽ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ.

ﻓﻬﺬﻩ ﺍلأﻭﺿﺎﻉ ﺇﻥْ ﻟﻢ ﺗُﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺫﺍﺕٍ ﺟﻠﻴﻠﺔ ﻳﻨﻔﺬ ﺣﻜﻤُﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻛﻠِّﻬﺎ ﻭﻳﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﺑﻨﻈﺎﻣﻪ ﻭﻗﺎﻧﻮﻧﻪ ﻭﺗﺪﺑﻴﺮﻩ، ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﺗﻘﻄﻊ ﺍﻟﺸﻤﻮﺱ ﻭﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺴﺎﻓﺎﺕ لا ﺣﺪّ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺑﺤﺮﻛﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ، ﻭﺑﺴﺮﻋﺔ لا ﺣﺪّ ﻟﻬﺎ!.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﺑـلا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺑـلا ﻧﻬﺎﻳﺔ. ﻭلأﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻄﻲ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﻤﻬﻦ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺣﺪﺓً ﻟﻠﻜﺜﺮﺓ، ﺃﻱ ﻳﺸﻜﻠﻮﻥ ﺷﺮﻛﺎﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺗﺴﻬﻴـلا ﻟﻸ ﻣﻮﺭ ﻭﺗﻴﺴﻴﺮﺍً ﻟﻬﺎ.

ﺣﺎﺻﻞ ﺍﻟﻜـلاﻡ: ﺇﻥ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻀـلاﻝ ﻣﺸﻜـلاﺕ لا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﺎ، ﻭﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﺳﻬﻮﻟﺔ لا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﺎ.

 ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ

 ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻨﻮﺭﺳﻲ