تضحيات بديع الزمان سعيد النُّورْسِيّ للأمة والوطن
بصفته قائدًا لكتيبةٍ من المتطوِّعين

أدَّى بديعُ الزمان على «جبهة القفقاس» واجباتٍ جهاديةً نالت إعجابَ وتقديرَ قائد الفرقة والقائد العام للجبهة أنور باشا، ثم رجع إلى «وان» بسبب زحفِ القوات الروسية نحوها؛ ومع إخلاءِ المدينة تحصَّن بديع الزمان مع قسمٍ من طلابه في قلعتها مصمِّمين على الدفاع عن المدينة حتى الشهادة، إلا أن واليها «جودت بك» أصرَّ عليهم أن ينسحبوا إلى قصبة «وَسْطان» لتأمين عمليَّة النزوح، فانسحبوا إليها.
وبينما كان الوالي ومدير المنطقة والأهالي والجنود في طريق النزوح من «وان» إلى نواحي «بِتْليس» مرورًا بـ«وسْطان» إذْ شنَّتْ كتيبةٌ من فرسان القُوزاق [القوزاق قواتٌ عسكريةٌ روسيةٌ فائقة التدريب، مثَّلتْ عِماد القوة العسكرية للإمبراطورية الروسية؛ هـ ت] الروسية هجومًا على «وَسْطان»، فتصدَّى لها المُلَّا سعيد مع مجموعةٍ من طلابه وحوالي أربعين عنصرًا من الجنود المستبسلين الصامدين، فحالوا بذلك دون وقوع النازحين في قبضة الأعداء، وأمَّنوا لهم طريق النجاة؛ وكان من جملة التصدي للأعداء أنه تحرَّك مع طلابه ليلًا على هيئةِ هجومٍ نحو تلٍّ مرتفعٍ يُشرِف على القُوزاق ليبث الرعب في صفوفهم، وأوهمهم بوصول تعزيزاتٍ كبيرةٍ، فأشغلهم وأعاق تقدمهم، وحالَ دون وقوع «وَسْطان» تحت الاحتلال الروسي.
وفي خضمِّ تلك المعارك شرع بتأليف تفسيره المسمَّى «إشارات الإعجاز» بصحبةِ تلميذه النجيب «المُلَّا حبيب»؛ فقد كان يُمليه عليه إملاءً وهو على خطِّ النار، أو على صهوة الجواد أحيانًا، أو في الخندق أحيانًا أخرى، حتى أُلِّف قسمٌ كبيرٌ منه على هذه الهيئة.