بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ (ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ:87)

﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ:83)

﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ (ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ:129)

﴿حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ (ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ:173)

 (ﻻ ﺣﻮﻝَ ﻭﻻ ﻗﻮﺓَ ﺇﻟّﺎ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌَﻠﻲِّ ﺍﻟﻌَﻈﻴﻢِ)

(ﻳﺎ ﺑَﺎﻗﻲ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﺒَﺎﻗﻲ.. ﻳﺎ ﺑَﺎﻗﻲ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ)

 ﴿لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ (ﻓﺼﻠﺖ:٤٤)

    ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻦ» ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺳﺖ ﻟﻤﻌﺎﺕ ﺗﺒﻴﻦ ﻛﻞٌّ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻮﺭﺍً ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﺭٍ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻟﻠﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻘﺮﺍﺀﺗﻬﺎ ﺛﻼﺛﺎً ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ ﻣﺮﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻭﻗﺖ ﻓﻀﺎﺋﻞُ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﻻﺳﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺀ.

   ﺍﻟﻠﻤﻌﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ

ﺇﻥَّ ﻣﻨﺎﺟﺎﺓ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻳﻮﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺘّﻰ -ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ- ﻫﻲ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ ﻭﺃﺭﻭﻋِﻬﺎ، ﻭﻣﻦ ﺃﺑﻠﻎِ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻭﻗﺒﻮﻟﻪ.

ﺗﺘﻠﺨﺺ ﻗﺼﺘُﻪ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﺓ ﺑﺄﻧﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻗﺪ ﺃُﻟﻘﻲَ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ، ﻓﺎﻟﺘﻘﻤﻪ ﺍﻟﺤﻮﺕُ، ﻭﻏﺸﻴَﺘْﻪ ﺃﻣﻮﺍﺝُ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻬﺎﺋﺠﺔُ، ﻭﺃﺳﺪﻝ ﺍﻟﻠﻴﻞُ ﺍﻟﺒﻬﻴﻢ ﺳﺘﺎﺭَﻩ ﺍﻟﻤﻈﻠﻢَ ﻋﻠﻴﻪ. ﻓﺪﺍﻫَﻤَﺘﻪ ﺍﻟﺮﻫﺒﺔُ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻭﺍﻧﻘﻄﻌﺖ ﺃﻣﺎﻣَﻪ ﺃﺳﺒﺎﺏُ ﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ﻭﺍﻧﺴﺪﺕ ﺃﺑﻮﺍﺏُ ﺍﻷﻣﻞ.. ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻤﻨﺎﺟﺎﺗﻪ ﺍﻟﺮﻗﻴﻘﺔ ﻭﺗﻀﺮﻋﻪ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ ﺍﻟﺰﻛﻲ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ (ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ:87) ﻳُﺼﺒﺢ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻭﺍﺳﻄﺔَ ﻧﺠﺎﺓ ﻭﻭﺳﻴﻠﺔ ﺧﻼﺹ.

ﻭﺳﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻫﻮ ﺃﻥَّ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻗﺪ ﻫَﻮﺕ ﻛﻠﻴﺎً ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻤﺮﻋﺐ، ﻭﺳﻘﻄﺖ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎً ﻓﻠﻢ ﺗﺤﺮّﻙ ﺳﺎﻛﻨﺎً ﻭﻟﻢ ﺗﺘﺮﻙ ﺃﺛﺮﺍً، ﺫﻟﻚ ﻷﻥَّ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﺬﻩ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ، ﻟﻴﺲ ﺇﻟّﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﻔُﺬُ ﻗﺪﺭﺗُﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺕ، ﻭﺗﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﺗﺴﺘﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺟﻮّ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ؛ ﺣﻴﺚ ﺇﻥَّ ﻛﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺍﻟﺤﺎﻟﻚ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻬﺎﺋﺞ ﻭﺍﻟﺤﻮﺕ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ ﻗﺪ ﺍﺗﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﻘﻀﺎﺽ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻼ ﻳُﻨﺠﻴﻪ ﺳﺒﺐٌ، ﻭﻻ ﻳﺨﻠّﺼﻪ ﺃﺣﺪٌ، ﻭﻻ ﻳﻮﺻﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺳﺎﺣﻞ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﺑﺄﻣﺎﻥ، ﺇﻟّﺎ ﻣَﻦ ﺑﻴﺪﻩ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺯﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﺍﻟﺤﻮﺕ ﻣﻌﺎً، ﻭﻣَﻦ ﻳﺴﺨّﺮ ﻛﻞَّ ﺷﻲﺀ ﺗﺤﺖ ﺃﻣﺮﻩ.. ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻠﻖُ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ ﺗﺤﺖ ﺧﺪﻣﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺭﻫﻦ ﺇﺷﺎﺭﺗﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺮﻫﻴﺐ، ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻨﻔﻌﻮﻧﻪ ﺑﺸﻲﺀ!.

ﺃﺟﻞ ﻻ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻟﻸﺳﺒﺎﺏ ﻗﻂ.. ﻓﻤﺎ ﺇﻥ ﺭﺃﻯ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺃﻟّﺎ ﻣﻠﺠﺄ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺇﻟّﺎ ﺍﻟﻠﻮﺍﺫ ﺇﻟﻰ ﻛﻨﻒ ﻣﺴﺒّﺐ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ، ﺍﻧﻜﺸﻒ ﻟﻪ ﺳﺮُّ ﺍﻷﺣﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺴﺎﻃﻊ، ﺣﺘﻰ ﺳﺨّﺮﺕْ ﻟﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓُ ﺍﻟﺨﺎﻟﺼﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞَ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮَ ﻭﺍﻟﺤﻮﺕَ ﻣﻌﺎً، ﺑﻞ ﺗﺤﻮّﻝ ﻟﻪ ﺑﻨﻮﺭ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ ﺑﻄﻦُ ﺍﻟﺤﻮﺕ ﺍﻟﻤﻈﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﺟﻮﻑَ ﻏﻮﺍﺻﺔ ﺃﻣﻴﻨﺔ ﻫﺎﺩﺋﺔ ﺗﺴﻴﺮ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺒﺤﺮ، ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺒﺤﺮُ ﺍﻟﻬﺎﺋﺞ ﺑﺎﻷﻣﻮﺍﺝ ﺍﻟﻤﺘﻼﻃﻤﺔ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﻤﺘﻨﺰّﻩ ﺍﻵﻣﻦ ﺍﻟﻬﺎﺩﺉ، ﻭﺍﻧﻘﺸﻌﺖ ﺍﻟﻐﻴﻮﻡُ ﻋﻦ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ -ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ- ﻭﻛﺸﻒ ﺍﻟﻘﻤﺮُ ﻋﻦ ﻭﺟﻬﻪ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮ ﻛﺄﻧﻪ ﻣﺼﺒﺎﺡ ﻭﺿﻲﺀ ﻳﺘﺪﻟﻰ ﻓﻮﻕ ﺭﺃﺳﻪ..

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻏﺪﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕُ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻬﺪّﺩﻩ ﻭﺗُﺮﻋﺒﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺻﻮﺏٍ ﻭﺗﻀﻴّﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺨﻨﺎﻕ، ﻏﺪﺕ ﺍﻵﻥ ﺗُﺴﻔﺮ ﻟﻪ ﻋﻦ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ، ﻭﺗﺘﻘﺮﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﻮﺩّ ﻭﺍﻟﺤﻨﺎﻥ، ﺣﺘﻰ ﺧﺮﺝ ﺇﻟﻰ ﺷﺎﻃﺊ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻭﺷﺎﻫﺪَ ﻟُﻄﻒ ﺍﻟﺮﺏ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺗﺤﺖ ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﻴَﻘﻄﻴﻦ.

ﻓﻠﻨﻨﻈﺮ ﺑﻨﻮﺭ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ.. ﻓﻨﺤﻦ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﻣﺨﻴﻒ ﻭﻣﺮﻋﺐ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﺣﻴﺚ ﺇﻥ:

ﻟﻴﻠَﻨﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﻴّﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ.. ﻓﻤﺴﺘﻘﺒﻠُﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻨﻈﺮ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻳﺒﺪﻭ ﻣﻈﻠﻤﺎً ﻣﺨﻴﻔﺎً، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺃﺣﻠﻚ ﻇﻼﻣﺎً ﻭﺃﺷﺪ ﻋﺘﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﻤﺎﺋﺔ ﻣﺮﺓ.

ﻭﺑﺤﺮَﻧﺎ، ﻫﻮ ﺑﺤﺮ ﺍﻟﻜﺮﺓ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ، ﻓﻜﻞ ﻣﻮﺟﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺍﺝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺘﻼﻃﻢ ﺗﺤﻤﻞ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﺰ، ﻓﻬﻮ ﺇﺫﻥ ﺑﺤﺮ ﻣﺮﻋﺐ ﺭﻫﻴﺐ ﺑﻤﺎﺋﺔ ﺿﻌﻒ ﺭﻫﺒﺔ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃُﻟﻘﻲ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ.

ﻭﺣﻮﺗَﻨﺎ، ﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺃﻣﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ، ﻓﻬﻲ ﺣﻮﺕ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻠﺘﻘﻢ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻷﺑﺪﻳﺔ ﻭﻳَﻤﺤَﻘَﻬﺎ. ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻮﺕُ ﺃﺷﺪ ﺿﺮﺍﻭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻮﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺑﺘﻠﻊ ﺳﻴﺪَﻧﺎ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ؛ ﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺃﻣﺪُﻫﺎ ﻣﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺣﻮﺗُﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺇﻓﻨﺎﺀ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ ﺳﻨﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺧﺎﻟﺪﺓ ﻫﻨﻴﺌﺔ ﺭﻏﻴﺪﺓ.

ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﻫﺬﻩ ﺣﻘﻴﻘﺔَ ﻭﺿﻌﻨﺎ، ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﺫﻥ ﺇﻟّﺎ ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀ ﺑﺴﻴﺪﻧﺎ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺪﻳﻪ، ﻣُﻌﺮﺿﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺟﻤﻴﻌﺎً، ﻣُﻘﺒﻠﻴﻦ ﻛﻠﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﺭﺑﻨﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﺴﺒّﺐ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻣﺘﻮﺟﻬﻴﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻘﻠﻮﺑﻨﺎ ﻭﺟﻮﺍﺭﺣﻨﺎ، ﻣﻠﺘﺠﺌﻴﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻗﺎﺋﻠﻴﻦ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ ﻣﺪﺭﻛﻴﻦ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺃﻥْ ﻗﺪ ﺍﺋﺘﻤﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ -ﺑﺴﺒﺐ ﻏﻔﻠﺘﻨﺎ ﻭﺿﻼﻟﻨﺎ- ﻣﺴﺘﻘﺒﻠُﻨﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺗﻘﺒﻨﺎ، ﻭﺩﻧﻴﺎﻧﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﻨﺎ، ﻭﻧﻔﻮﺳُﻨﺎ ﺍﻷﻣّﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻴﻦ ﺟﻨﺒﻴﻨﺎ، ﻣﻮﻗﻨﻴﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﻋﻨﺎ ﻣﺨﺎﻭﻑَ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﺃﻭﻫﺎﻣﻪ، ﻭﻻ ﻳﺰﻳﻞ ﻋﻨﺎ ﺃﻫﻮﺍﻝ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺼﺎﺋﺒﻬﺎ، ﻭﻻ ﻳُﺒﻌﺪ ﻋﻨﺎ ﺃﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻷﻣّﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ ﻭﺩﺳﺎﺋﺴﻬﺎ، ﺇﻟّﺎ ﻣَﻦ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞُ ﺗﺤﺖ ﺃﻣﺮﻩ، ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﺤﺖ ﺣُﻜﻤﻪ، ﻭﺃﻧﻔﺴُﻨﺎ ﺗﺤﺖ ﺇﺩﺍﺭﺗﻪ.

ﺗُﺮﻯ ﻣَﻦ ﻏﻴﺮُ ﺧﺎﻟﻖ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺿﻴﻦ ﻳﻌﺮﻑ ﺧﻠﺠﺎﺕ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ، ﻭﻣَﻦ ﻏَﻴﺮُﻩ ﻳﻌﻠﻢ ﺧﻔﺎﻳﺎ ﺻﺪﻭﺭﻧﺎ، ﻭﻣَﻦ ﻏَﻴﺮُﻩ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﻨﺎ ﺑﺨﻠﻖ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﻣَﻦ ﻏﻴﺮُﻩ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﺬﻧﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻟﻮﻑ ﺃﻣﻮﺍﺝ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻤﺘﻼﻃﻤﺔ ﺑﺎﻷﺣﺪﺍﺙ؟!. ﺣﺎﺵَ ﻟﻠﻪ ﻭﻛﻠّﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻨﺎ ﻣﻨﺞٍ ﻏﻴﺮُﻩ ﻭﻣﺨﻠّﺺٌ ﺳﻮﺍﻩ، ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻮﻻ ﺇﺭﺍﺩﺗُﻪ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﻭﻟﻮﻻ ﺃﻣﺮُﻩ ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻦ ﻟَﻤﺎ ﺗﻤﻜّﻦ ﺷﻲﺀٌ ﺃﻳﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻭﻛﻴﻔﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻤﺪ ﻳﺪَﻩ ﻟﻴﻐﻴﺚ ﺃﺣﺪﺍً ﺑﺸﻲﺀ!.

ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﻫﺬﻩ ﺣﻘﻴﻘﺔَ ﻭﺿﻌﻨﺎ ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﻟّﺎ ﺃﻥ ﻧﺮﻓﻊ ﺃﻛﻒّ ﺍﻟﻀﺮﺍﻋﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﺘﻮﺳﻠﻴﻦ، ﻣﺴﺘﻌﻄﻔﻴﻦ ﻧﻈﺮَ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﻴﻨﺎ، ﺇﻗﺘﺪﺍﺀً ﺑﺴﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺨّﺮﺕ ﺍﻟﺤﻮﺕَ ﻟﺴﻴﺪﻧﺎ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻛﺄﻧﻪ ﻏﻮﺍﺻﺔ ﺗﺴﻴﺮ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺒﺤﺮ، ﻭﺣﻮّﻟﺖ ﺍﻟﺒﺤﺮَ ﻣﺘﻨﺰّﻩٍ ﺟﻤﻴﻞٍ، ﻭﺃﻟﺒَﺴﺖ ﺍﻟﻠﻴﻞَ ﺟﻠﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﻮﺿﻲﺀ ﺑﺎﻟﺒﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﻃﻊ. ﻓﻨﻘﻮﻝ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾.. ﻓﻨﻠﻔﺖ ﺑﻬﺎ ﻧﻈﺮَ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻨﺎ ﺑﻘﻮﻟﻨﺎ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ﴾ ﻭﻧﻠﻔﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﻧﻴﺎﻧﺎ ﺑﻜﻠﻤﺔ: ﴿ﺳُﺒْﺤﺎﻧَﻚَ﴾ ﻭﻧﺮﺟﻮﻫﺎ ﺃﻥ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﻨﻈﺮ ﺍﻟﺮﺃﻓﺔ ﻭﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﺑﺠﻤﻠﺔ: ﴿إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. ﻛﻲ ﻳﻌﻢّ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻨﺎ ﻧﻮﺭ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺿﻴﺎﺀ ﺑﺪﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻳﻨﻘﻠﺐ ﺭﻋﺐُ ﻟﻴﻠﻨﺎ ﻭﺩﻫﺸﺘُﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻦ ﺍﻷﻧﺲ ﻭﻃﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ. ﻭﻟﺘﻨﺘﻬﻲ ﻣﻬﻤﺔُ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻭﻧﺨﺘﺘﻢ ﻭﻇﻴﻔﺘَﻬﺎ ﺑﺎﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺷﺎﻃﺊ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﺍﻷﻣﺎﻥ ﺩﺧﻮﻻ ﻓﻲ ﺭﺣﺎﺏ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﺃﻋﺪّﻫﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﻓﻨﺒﺤﺮ ﺑﻬﺎ ﻋﺒﺎﺏ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻓﻮﻕ ﺃﻣﻮﺍﺝ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﺤﺎﻣﻠﺔ ﻟﺠﻨﺎﺋﺰ ﻻ ﻳﺤﺼﺮﻫﺎ ﺍﻟﻌﺪ، ﻭﻳﻘﺬﻓﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﺑﺘﺒﺪﻝ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺗﻨﺎﻭﺑﻬﻤﺎ ﺍﻟﺪﺍﺋﺒﻴﻦ ﻓﻲ ﺩﻧﻴﺎﻧﺎ ﻭﺃﺭﺿﻨﺎ. ﻓﻨﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺮﻫﻴﺐ ﺑﻤﻨﻈﺎﺭ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮ، ﻭﺇﺫﺍ ﻫﻮ ﻣﻨﺎﻇﺮ ﻣﺘﺒﺪّﻟﺔ، ﻣﺘﺠﺪﺩﺓ، ﻳُﺤَﻮِّﻝ ﺗﺠﺪُّﺩُﻫﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺣﺸﺔ ﺍﻟﺮﻫﻴﺒﺔ ﺍﻟﻨﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻫﺒﻮﺏ ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻒ ﻭﺣﺪﻭﺙ ﺍﻟﺰﻻﺯﻝ ﻟﻠﺒﺤﺮ ﺇﻟﻰ ﻧﻈﺮٍ ﺗﻘْﻄﺮ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻌﺒﺮﺓُ، ﻭﻳﺒﻌﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ. ﻓﺘﺴﺘﻀﻲﺀ ﻭﺗﺘﺄﻟﻖ ﺑﺒﻬﺠﺔِ ﺍﻟﺘﺠﺪﺩ ﻭﻟﻄﺎﻓﺔِ ﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪ. ﻓﻼ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻧﻔﻮﺳُﻨﺎ ﺍﻷﻣّﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻗﻬﺮﻧﺎ، ﺑﻞ ﻧﻜﻮﻥ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﻘﻬﺮُﻫﺎ ﺑﻤﺎ ﻣﻨَﺤﻨﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﺮ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ، ﺑﻞ ﻧﻤﺘﻄﻴﻬﺎ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺒﺜﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ. ﻓﺘُﺼﺒِﺢ ﺍﻟﻨﻔﺲُ ﺍﻷﻣّﺎﺭﺓ ﻃﻮﻉَ ﺇﺭﺍﺩﺗﻨﺎ، ﻭﺗﻐﺪﻭ ﻭﺳﻴﻠﺔً ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻭﻭﺳﺎﻃﺔَ ﺧﻴﺮ ﻟﻠﻔﻮﺯ ﺑﺤﻴﺎﺓ ﺧﺎﻟﺪﺓ.

  اﻟﺨﻼﺻﺔ: ﺇﻥَّ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﻦ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﺘﺄﻟﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻤّﻰ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﺄﻟﻢ ﻣﻦ ﺯﻟﺰﻟﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻫﺰّﺍﺗﻬﺎ، ﻭﻳﺘﺄﻟﻢ ﻣﻦ ﺯﻟﺰﺍﻝ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻋﻨﺪ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ. ﻭﻳﺨﺎﻑ ﻣﻦ ﺟﺮﺛﻮﻣﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻛﻤﺎ ﻳﺨﺎﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺬﻧﺒﺎﺕ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻷﺟﺮﺍﻡ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ. ﻭﻳﺤﺐ ﺑﻴﺘَﻪ ﻭﻳﺄﻧﺲ ﺑﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ. ﻭﻳﻬﻮﻯ ﺣﺪﻳﻘﺘﻪ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻭﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺘﺎﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ ﻭﻳﺘﻮﻕ ﺇﻟﻴﻬﺎ.

ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺃﻣﺮُ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻫﻜﺬﺍ، ﻓﻼ ﻣﻌﺒﻮﺩَ ﻟﻪ ﻭﻻ ﺭﺏَّ ﻭﻻ ﻣﻮﻟﻰ ﻭﻻ ﻣﻨﺠﻰً ﻭﻻ ﻣﻠﺠﺄ ﺇﻟّﺎ ﻣَﻦ ﺑﻴﺪﻩ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪُ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﺯﻣﺎﻡ ﺍﻟﺬﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺠﺮﺍﺕ، ﻭﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺗﺤﺖ ﺣُﻜﻤﻪ، ﻃﻮﻉَ ﺃﻣﺮﻩ.. ﻓﻼﺑﺪ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻮﺟّﻪ ﺇﻟﻰ ﺑﺎﺭﺋﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﻀﺮﻉ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻗﺘﺪﺍﺀً ﺑﺴﻴﺪﻧﺎ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ. ﻓﻴﻘﻮﻝ:

﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾

 ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾