ﺑِﺎﺳْﻤِﻪِ ﺳُﺒْﺤَﺎﻧَﻪُ

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾

ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ

ﺇﺧﻮﺗﻲ ﺍﻷﻋﺰﺍﺀ ﺍﻟﺼﺪّﻳﻘﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺻﺒﺮﻱ، ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻲ، ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻮﻥ، ﺧﺴﺮﻭ، ﺭﺃﻓﺖ، ﺑﻜﺮ ﺑﻚ، ﺭﺷﺪﻱ، ﻟﻄﻔﻴﻮﻥ، ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺃﺣﻤﺪ، ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ.

ﻟﻘﺪ ﺃﺣﺴﺴﺖ ﺇﺣﺴﺎﺳﺎً ﻗﻠﺒﻴﺎً ﺃﻥ ﺃُﺑﻴّﻦ ﻟﻜﻢ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﺃﺭﺑﻊَ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻬﻤﺔ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﻮﺿﻊَ ﺗﺴﺎﺅﻝ.. ﺃُﺑﻴّﻨﻬﺎ ﻟﻜﻢ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﻭﺍﻻﻃﻼﻉ.

ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮ:

ﺃﺧﺒﺮ ﺃﺣﺪُ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﻭﻫﻮ «ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﭼﺎﺑﺮﺍ ﺯﺍﺩﺓ» ﻛﻤﺎ ﺃَﺧﺒﺮ ﺃُﻧﺎﺱ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﺃﻳﻀﺎً: ﺃَﻥَّ ﺃَﻫﻞَ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻗﺪ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺑﺤﺪﻭﺙ ﺑﺸﺎﺭﺍﺕٍ ﻭﻓﺘﻮﺡ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻭﺗﻜﺸَﻒ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﻟﻐﻤﺔُ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺒﻴﻞ.

ﻓﺴﺄﻟﻮﻧﻲ: ﻛﻴﻒ ﻳُﺨﺒﺮ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻﺀ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻤﺎ ﻫﻮ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ؟

ﻭﺧﻼﺻﺔ ﻣﺎ ﺃﺟﺒﺘﻬﻢ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓً ، ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺳﻮﺍﻧﺢ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻫﻲ:

ﺃﻧﻪ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﺎﻩ: ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﻳﻨﺰﻝ ﻭﺗﻘﺎﺑﻠﻪ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ﻓﺘﺮﺩّﻩ.

ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ: ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺪَّﺭﺍﺕ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻟﻠﻮﻗﻮﻉ، ﺗﺄﺗﻲ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔً ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ، ﻓﺘﺘﺄﺧﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉِ ﺑﺘﺄﺧﺮ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ. ﻓﺘﺘﺄﺧﺮ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﻟﻤﻘﺪَّﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻃﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀُ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻜﺸﻒ؛ ﺇﺫ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻘﺪّﺭﺍﺕٍ ﻣﻄﻠﻘﺔً، ﺑﻞ ﻣﻘﻴﺪﺓً ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ، ﻓﻠﻌﺪﻡ ﺣﺪﻭﺙِ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻻ ﺗﻘﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔُ؛ ﺇﺫ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻛﺎﻷﺟﻞ ﺍﻟﻤﻌﻠّﻖ، ﻗﺪ ﻛﺘﺒﺖ ﻓﻲ ﻟﻮﺡ ﺍﻟﻤﺤﻮ ﻭﺍﻹﺛﺒﺎﺕ، ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻧﻮﻉٌ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺳﺠﻞ ﺍﻟﻠﻮﺡ ﺍﻷﺯﻟﻲ. ﻓﺎﻟﻜﺸﻒ ﻗﻠّﻤﺎ ﻳﺮﻗﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻮﺡ ﺍﻷﺯﻟﻲ، ﺑﻞ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻌﻈﻢُ ﺍﻟﻜﺸﻮﻑ ﺍﻟﺮﻗﻲ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ. ﻓﺒﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ:

ﺇﻥَّ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺃُﺧﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﺋﺖ ﻭﻋﻴﺪ ﺍﻷﺿﺤﻰ ﻭﻓﻲ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺃﻭ ﺑﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺸﻔﻴﺎﺕ، ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﺷﺮﻭﻃَﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﻠّﻘﺔ ﺑﻬﺎ، ﻟﺬﺍ ﻟﻢ ﺗﺄﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ. ﻓﺎﻟﻤﺨﺒﺮﻭﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﻻ ﻳُﻜﺬَّﺑﻮﻥ، ﻷﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻮﺍﺩﺙ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺪَّﺭﺓ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻘﻊ ﺇﻟّﺎ ﺑﻤﺠﻲﺀ ﺷﺮﻭﻃﻬﺎ، ﻭﺇﺫ ﻟﻢ ﺗﺄﺕ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁُ ﻓﻼ ﺗﻘﻊ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻓﻌﻪ ﻣﻌﻈﻢُ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﺩﻓﻌﺎً ﻟﻠﺒﺪﻉ، ﻛﺎﻥ ﺷﺮﻃﺎً ﻭﺳﺒﺒﺎً ﻣﻬﻤﺎً ﻟﻪ، ﻭﻟﻜﻦ ﺩﺧﻮﻝَ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﺍﻣﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﻣﻊ ﺍﻷﺳﻒ ﺣﺠﺒﺖ ﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔَ ﻭﺍﻟﻘﺒﻮﻝ، ﻓﻠﻢ ﺗﻔﺮّﺝ ﺍﻟﻜﺮﺑﺔُ ﻭﻟﻢ ﺗُﻜﺸَﻒ ﺍﻟﻐﻤّﺔ؛ ﺇﺫ ﻛﻤﺎ ﺗﺪﻓﻊ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔُ ﺍﻟﺒﻼﺀَ -ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ- ﻓﺎﻟﺪﻋﺎﺀُ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ ﻣﻦ ﺍﻷﻛﺜﺮﻳﻦ ﻳﺠﺬﺏ ﺍﻟﻔﺮﺝَ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ. ﻭﻟﻜﻦ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﻮﺓَ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﺔ ﻟﻢ ﺗﺄﺕِ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻓﻠﻢ ﺗﻮﻫﺐ ﺍﻟﻔَﺮَﺝَ ﻭﺍﻟﻔﺘﺢَ.

ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮ:

ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡُ ﺑﻤﺤﺎﻭﻟﺔ، ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﻉُ ﺑﺘﺪﺑﻴﺮ، ﺇﺯﺍﺀ ﻭﺿﻊ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻣﻬﻴّﺞ، ﻓﻲ ﻏﻀﻮﻥ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺸﻬﺮﻳﻦ، ﺇﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺆﺩﻱ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ -ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﻝ ﻗﻮﻱ- ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻔﺮّﺣﻨﻲ ﻭﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﺒﻬﺠﺔَ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺇﺧﻮﺗﻲ ﺍﻟﻤﻘﺮّﺑﻴﻦ؛ ﻟﻢ ﺃَﻋﺒﺄْ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻮﺿﻊ، ﺑﻞ ﻗﻤﺖُ ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻪ ﺃَﺣﻤﻞ ﻓﻜﺮﺍً ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺢ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻀﺎﻳﻘﻮﻧﻨﻲ ﻓﻈﻞّ ﺍﻟﺒﻌﺾُ ﻓﻲ ﺣﻴﺮﺓ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﻣﻦ ﺃَﻣﺮﻱ، ﺇﺫ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺇﻥَّ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﺿﺪَّﻙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺒﺘﺪﻉُ ﻭﺛُﻠَّﺔٌ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ، ﻛﻴﻒ ﺗﺠﺪﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻬﺎﺟﻤﻬﺎ؟

ﻭﺧﻼﺻﺔ ﺟﻮﺍﺑﻲ:

ﻫﻲ ﺃﻥَّ ﺃَﻋﻈﻢ ﺧﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻫﻮ ﻓﺴﺎﺩُ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﺗﺰﻋﺰﻉُ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻀﻼﻝ ﻗﺎﺩﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ. ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺇﻧﻘﺎﺫ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻮﺭُ ﻭﺇﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﻨﻮﺭ. ﻓﻠﻮ ﻋُﻤﻞ ﺑﻬﺮﺍﻭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺻﻮﻟﺠﺎﻧﻬﺎ ﻭﺃُﺣﺮﺯ ﺍﻟﻨﺼﺮُ، ﺗَﺪَّﻧﻰ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭُ ﺇﻟﻰ ﺩَﺭَﻙِ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ. ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻖ -ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ- ﺃَﺷﺪُّ ﺧﻄﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﻭﺃَﻓﺴﺪُ ﻣﻨﻪ. ﻓﺼﻮﻟﺠﺎﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺇﺫﻥ ﻻ ﻳُﺼﻠِﺢ ﺍﻟﻘﻠﺐَ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗﺖ، ﺣﻴﺚ ﻳُﻨﺰﻝ ﺍﻟﻜﻔﺮَ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻳﺘﺴﺘﺮ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﻳﻨﻘﻠﺐ ﻧﻔﺎﻗﺎً.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﺷﺨﺼﺎً ﻋﺎﺟﺰﺍً ﻣﺜﻠﻲ، ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻨﻮﺭَ ﻭﺍﻟﻬﺮﺍﻭﺓَ ﻣﻌﺎً ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗﺖ، ﻟﺬﺍ ﻓﺄﻧﺎ ﻣﻀﻄﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﺼﺎﻡ ﺑﺎﻟﻨﻮﺭ ﺑﻤﺎ ﺃَﻣﻠِﻚُ ﻣﻦ ﻗﻮﺓ، ﻓﻴﻠﺰﻡ ﻋﺪﻡَ ﺍﻻﻟﺘﻔﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻫﺮﺍﻭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺃﻳﺎً ﻛﺎﻥ ﻧﻮﻋﻬﺎ. ﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩُ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ، ﻓﺘﻠﻚ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻨﺎﻃﺔً ﺑﻨﺎ ﺣﺎﻟﻴﺎً. ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﺍﻟﻬﺮﺍﻭﺓ ﻫﻲ ﻟﻮﻗﻒ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺮﺗﺪ ﻋﻨﺪ ﺣﺪّﻩ، ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻧﻤﻠﻚ ﺳﻮﻯ ﻳﺪﻳﻦ، ﺑﻞ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻨﺎ ﻣﺎﺋﺔٌ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺪﻱ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﻔﻲ ﺇﻟّﺎ ﻟﻠﻨﻮﺭ ﻓﻼ ﻳﺪَ ﻟﻨﺎ ﺗﻤﺴﻚ ﺑﻬﺮﺍﻭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ.

ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮ:

ﺇﻥَّ ﻫﺠﻮﻡ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﻛﺈﻧﻜﻠﺘﺮﺍ ﻭﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻵﻭﻧﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺤﻤﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺭﻛﻴﺰﺓ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﻣﻨﺒﻊ ﻗﻮﺓ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﺧﻠﺖ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻣﻨﺬ ﺃﻣﺪ ﺑﻌﻴﺪ ﻭﺳﺘُﺼﺒﺢ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻹﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﺎﺋﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ -ﺇﻟﻰ ﺣﺪٍ ﻣﺎ- ﻭﻟﺪﻓﻊ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﻉ.. ﻓﻠِﻢَ ﻋﺎﺭﺿﺖَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺑﺸﺪﺓ ﻭﺳﺄَﻟﺖَ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺗﺤﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﺴﻼﻡ ﻭﺃﻣﺎﻥ. ﻓﻘﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖَ ﻣﻨﺤﺎﺯﺍً ﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻤﺒﺘﺪﻋﻴﻦ، ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻭﺑﻨﺘﺎﺋﺠﻪ ﻣﻮﺍﻻﺓ ﻟﻠﺒﺪﻉ؟

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻧﺤﻦ ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﻭﺍﻟﺒﺸﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻭﺍﻟﻔﺘﺢ، ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﺴﻴﻒ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ.. ﻓﺴﺤﻘﺎً ﻟﺴﻴﻮﻓﻬﻢ ﻭﻟﺘﻜﻦ ﻭﺑﺎﻻ ﻋﻠﻴﻬﻢ. ﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻭﻻ ﻧﺮﺟﻮ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓَ ﻣﻦ ﺳﻴﻮﻓﻬﻢ، ﻷﻥ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻤﺘﻤﺮﺩﻳﻦ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﻠﻄﻮﺍ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺭﺑّﻮﺍ ﺍﻟﺰﻧﺎﺩﻗﺔ ﻓﻲ ﺃﺣﻀﺎﻧﻬﻢ.

ﺃﻣﺎ ﻣﺼﻴﺒﺔُ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺑﻼﺅﻫﺎ، ﻓﻬﻲ ﺿﺮﺭٌ ﺑﺎﻟﻎ ﻟﺨﺪﻣﺘﻨﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ، ﻷﻥَّ ﻣﻌﻈﻢَ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﺍﻟﻤﻀﺤﻴﻦ ﺍﻟﻔﻀﻼﺀ ﻻ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺃﻋﻤﺎﺭُﻫﻢ ﺍﻟﺨﻤﺲ ﻭﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ ﺳﻨﺔ، ﻓﻴﻀﻄﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﻟﻠﺤﺮﺏ ﺗﺎﺭﻛﻴﻦ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ. ﻭﻟﻮ ﺃﻥَّ ﻟﻲ ﻣﺒﻠﻐﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻟﻜﻨﺖ ﺃَﺩﻓﻌﻪ -ﺑﻜﻞ ﺭﺿﺎﻱ- ﻷﺟﻞ ﺇﻧﻘﺎﺫ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻹﺧﻮﺓ ﺍﻷﻛﺎﺭﻡ، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﺪﻝ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ﺃﻟﻒ ﻟﻴﺮﺓ! ﺇﻥ ﺍﻧﺨﺮﺍﻁ ﻣﺌﺎﺕٍ ﻣﻦ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺪﻳﺔ، ﻭﻣﺰﺍﻭﻟﺘﻬﻢ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺧﺴﺎﺭﺓٌ ﻓﺎﺩﺣﺔ ﻟﺨﺪﻣﺘﻨﺎ، ﺃَﺷﻌﺮ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻌﺪِﻝ ﺃﻛﺜﺮَ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻟﻴﺮﺓ. ﺑﻞ ﺇﻥ ﺫﻫﺎﺏ «ﺫﻛﺎﺋﻲ» ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺪﻳﺔ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﻨﺘﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺘﻴﻦ، ﺃﻓﻘﺪﻧﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻟﻒ ﻟﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ.

ﻭﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺫﺍ ﺍﻟﺠﻼﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﻬّﺮ ﻭﺟﻪَ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﻠﺒّﺪ ﺑﺎﻟﻐﻴﻮﻡ ﻭﻳﺒﺮﺯ ﺍﻟﺸﻤﺲَ ﺍﻟﺴﺎﻃﻌﺔ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﻼﻣﻊ ﺧﻼﻝ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭُ ﺃﻳﻀﺎً ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺰﻳﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﻴﻮﻡ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﺍﻟﻤﻈﻠﻤﺔ ﺍﻟﻔﺎﻗﺪﺓ ﻟﻠﺮﺣﻤﺔ، ﻭﻳُﻈﻬﺮ ﺣﻘﺎﺋﻖَ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻛﺎﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮﺓ ﺑﻜﻞ ﻳُﺴﺮ ﻭﺳﻬﻮﻟﺔ ﻭﺑﻐﻴﺮ ﺧﺴﺎﺭﺓ.

ﺇﻧﻨﺎ ﻧﺮﺟﻮ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ، ﻭﻧﺴﺄﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺃﻟّﺎ ﻳﻜّﻠﻔﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺛﻤﻨﺎً ﻏﺎﻟﻴﺎً. ﻭﺃﻥ ﻳﻤﻨﺢ ﺭﺅﻭﺱَ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﺍﻟﻌﻘﻞَ ﻭﻳﻬﺐ ﻟﻘﻠﻮﺑﻬﻢ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥَ. ﻭﻫﺬﺍ ﺣﺴﺒﻨﺎ، ﻭﺣﻴﻨﻬﺎ ﺗﺘﻌﺪﻝ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻭﺗﺴﺘﻘﻴﻢ.

ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮ:

ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ: ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﺃﻳﺪﻳﻜﻢ ﻧﻮﺭﺍً، ﻭﻟﻴﺲ ﻫﺮﺍﻭﺓً ﻭﺻﻮﻟﺠﺎﻧﺎً، ﻓﺎﻟﻨﻮﺭ ﻻ ﻳُﻌﺎﺭَﺽ ﻭﻻ ﻳُﻬﺮَﺏ ﻣﻨﻪ، ﻭﻻ ﻳﻨﺠﻢ ﻣﻦ ﺇﻇﻬﺎﺭﻩ ﺿﺮﺭٌ. ﻓﻠِﻢَ ﺇﺫﻥ ﺗﻮﺻﻮﻥ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀﻛﻢ ﺑﺄﺧﺬ ﺍﻟﺤﺬﺭ ﻭﺗﻤﻨﻌﻮﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺭﺳﺎﺋﻞَ ﻧﻴّﺮﺓٍ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻛﺎﻓﺔ؟.

ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺟﻮﺍﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﻫﻮ: ﺃﻥ ﺭﺅﻭﺱ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﻣﺨﻤﻮﺭﺓ، ﻻ ﻳﻘﺮﺃﻭﻥ، ﻭﺇﺫﺍ ﻗﺮﺃﻭﺍ ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻮﻥ، ﻓﻴﺆﻭّﻟﻮﻧﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﻨﻰ ﺧﻄﺄ، ﻭﻳﻌﺘﺮﺿﻮﻥ ﻭﻳﻬﺎﺟﻤﻮﻥ. ﻭﻟﺴﺪّ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﻫﺠﻮﻣﻬﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﺪﻡ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻟﻬﻢ ﻟﺤﻴﻦ ﺇﻓﺎﻗﺘﻬﻢ ﻭﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺭﺷﺪﻫﻢ. ﺛﻢ ﺇﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻏﻴﺮَ ﻣﻨﺼﻔﻴﻦ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ، ﻳﻨﻜﺮﻭﻥ ﺍﻟﻨﻮﺭ، ﺃﻭ ﻳﻐﻤﻀﻮﻥ ﺃﻋﻴﻨَﻬﻢ ﺩﻭﻧﻪ، ﻷﻏﺮﺍﺽ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ، ﺃﻭ ﺧﻮﻓﺎً ﺃﻭ ﻃﻤﻌﺎً. ﻭﻷﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﺃُﻭﺻﻰ ﺇﺧﻮﺗﻲ ﺃﻳﻀﺎً ﻟﻴﺄﺧﺬﻭﺍ ﺣِﺬْﺭَﻫﻢ ﻭﻳﺤﺘﺎﻃﻮﺍ ﻟﻸﻣﺮ، ﻭﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻟّﺎ ﻳﻌﻄﻮﺍ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖَ ﺃﺣﺪﺍً ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺃﻫﻠﻬﺎ، ﻭﺃﻟّﺎ ﻳﻘﻮﻣﻮﺍ ﺑﻌﻤﻞ ﻳﺜﻴﺮ ﺃﻭﻫﺎﻡَ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺷﺒﻬﺎﺗﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ. (حاشية) ﺣﺎﺩﺛﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺟﺎﺩﺓ:

ﺟﺎﺀﻧﻲ ﺃﻭﻝ ﺃﻣﺲ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻫﻮ ﺻﻬﺮ ﺃﺣﺪ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ، ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺴﺮﻭﺭﺍً ﻭﻣﺒﺸﺮﺍً: ﻟﻘﺪ ﻃﺒﻌﻮﺍ ﻓﻲ ﺇﺳﺒﺎﺭﻃﺔ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻣﻦ ﻛﺘﺒﻚ. ﻭﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻘﺮﺃﻭﻧﻪ. ﻗﻠﺖ: ﺫﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻃﺒﻌﺔً ﻣﺤﻈﻮﺭﺓً، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺃﺧﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺦ، ﻓﻼ ﺗﻌﺘﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ. ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻪ ﺃﻳﻀﺎً: ﺇﻳﺎﻙ ﺃﻥ ﺗﺤﺪﺙ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺻﺪﻳﻘَﻴﻚ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘَﻴﻦ، ﺇﺫ ﻫﻤﺎ ﻳﺘﺤﺮﻳﺎﻥ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻟﻴﺠﻌﻠﻮﻫﺎ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﻬﺠﻮﻡ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻴﺎ ﺇﺧﻮﺗﻲ! ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺻﻬﺮ ﺃﺣﺪ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ، ﻓﻴﻌﺪّ ﻣﻦ ﺃﺣﺒﺎﺑﻲ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻪ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﻬﻨﺘﻪ: ﺍﻟﺤﻼﻗﺔ ﺻﺪﻳﻖ ﻟﻠﻤﻌﻠﻢ ﺍﻟﻔﺎﻗﺪ ﻟﻠﻮﺟﺪﺍﻥ ﻭﻟﻠﻤﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻖ. ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺒﺮﻩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺃﺣﺪ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻭﻥ ﻋﻠﻢ ﻣﻨﻪ. ﻭﺣﺴﻨﺎً ﻓﻌﻞ ﺃﻥ ﺍﺧﺒﺮﻧﻲ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻓﻨﺒﻬﺘﻪ. ﻭﺑﺪﻭﺭﻱ ﻧﺒﻬﺖ ﺍﻹﺧﻮﺓ ﺃﻳﻀﺎً. ﻭﺳﺪّ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ. ﻭﻧﺸﺮﺕ ﺁﻟﺔ ﺍﻟﺮﻭﻧﻴﻮ ﺃﻟﻮﻑ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺗﺤﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺘﺎﺭ.

ﺧﺎﺗﻤﺔ

ﺗﺴﻠﻤﺖ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ «ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺭﺃﻓﺖ»، ﻭﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺳﺆﺍﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﺤﻴﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﺃﻗﻮﻝ: ﺇﻧﻪ ﺛﺎﺑﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ: ﺃﻥ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻘﻄﺖ ﻣﻦ ﻟﺤﻴﺘﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ صلى الله عليه وسلم ﻣﺤﺪﻭﺩٌ، ﻭﻫﻮ ﻋﺪﺩ ﻗﻠﻴﻞ، ﻳﺘﺮﺍﻭﺡ ﺑﻴﻦ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ، ﺃﻭ ﻻ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ﻭﺍﻟﺴﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺕ، ﻭﻟﻜﻦ ﻭﺟﻮﺩَ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺃﻟﻮﻑ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ، ﺍﺳﺘﻮﻗﻔﻨﻲ ﻭﺩﻓﻌﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻪ، ﻓﻮﺭﺩ ﺇﻟﻰ ﺧﺎﻃﺮﻱ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ:

ﺇﻥَّ ﺷﻌﺮﺍﺕ ﺍﻟﻠﺤﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﺍﻵﻥ -ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ- ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﺷﻌﺮﺍﺕِ ﺍﻟﻠﺤﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻭﺣﺪَﻫﺎ، ﺑﻞ ﺭﺑﻤﺎ ﺷﻌﺮﺍﺕٌ ﻣﻦ ﺭﺃﺳﻪ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ صلى الله عليه وسلم، ﺇﺫ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻟﻴﻀﻴّﻌﻮﺍ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻨﻪ صلى الله عليه وسلم ﻗﺪ ﺣﺎﻓﻈﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ -ﻛﻠﻤﺎ ﺣَﻠَﻖَ- ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻘﻰ ﺩﺍﺋﻤﺎً، ﻓﺘﻠﻚ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺕ ﺗﺮﺑﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻟﻮﻑ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻜﺎﻓﺌﺎً ﻟﻠﻤﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ.

ﻭﻭﺭﺩ ﺃﻳﻀﺎً ﺇﻟﻰ ﺧﺎﻃﺮﻱ: ﺗُﺮﻯ ﻫﻞ ﺍﻟﺸَّﻌﺮُ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺟﺎﻣﻊٍ ﺑﺴﻨﺪٍ ﺻﺤﻴﺢ ﻫﻮ ﺛﺎﺑﺖٌ ﺃﻳﻀﺎً ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﻩ صلى الله عليه وسلم ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮﻥ ﺯﻳﺎﺭﺗُﻨﺎ ﻟﻪ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ؟

ﻓﺴﻨﺢ ﺑﺒﺎﻟﻲ ﻓﺠﺄﺓ: ﺃﻥ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺕ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻭﺳﻴﻠﺔٌ، ﻭﻫﻲ ﺳﺒﺐ ﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ صلى الله عليه وسلم، ﻭﻫﻲ ﻣَﺪﺍﺭُ ﻣﺤﺒﺘﻪ ﻭﺗﻮﻗﻴﺮﻩ. ﻓﻼ ﺗُﻨﻈَﺮ ﺇﻟﻰ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﻬﺔ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻭﺳﻴﻠﺔ، ﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻲ ﺷﻌﺮﺓً ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﺍﺗﻪ صلى الله عليه وسلم ﻓﻬﻲ ﺗﺆﺩﻱ ﻭﻇﻴﻔﺔَ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﻣﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﺗﺤﺴﺐ -ﻓﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ- ﻫﻜﺬﺍ، ﻭﺗﻠﻘﺎﻫﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺷﻌﺮﺓً ﻣﻦ ﺷﻌﺮﺍﺗﻪ صلى الله عليه وسلم. ﻓﺘﻜﻮﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﻌﺮﺓ ﻭﺳﻴﻠﺔً ﻟﺘﻮﻗﻴﺮﻩ صلى الله عليه وسلم ﻭﻣﺤﺒﺘﻪ ﻭﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻼ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻟﺴﻨﺪ ﺍﻟﻘﻄﻌﻲ ﻟﺘﺸﺨﻴﺺ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺗﻌﻴﻴﻨﻪ ﺑﻞ ﻳﻜﻔﻲ ﺃﻟّﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻟﻴﻞ ﻗﺎﻃﻊ ﺑﺨﻼﻓﻪ، ﻷﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﻠﻘﺎﻩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻣﺎ ﻗﺒﻠﺘﻪ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺭﺿﻴﺖ ﺑﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﻧﻮﻉٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺠﺔ. ﻭﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺍﻋﺘﺮﺽ ﺑﻌﺾُ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺳﻮﺍﺀً ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﺃﻭ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﺎﻷﺣﻮﻁ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻌﺰﻳﻤﺔ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻳﻌﺘﺮﺿﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺮﺍﺕ ﺧﺎﺻﺔ، ﻭﻟﻮ ﻗﻴﻞ ﺇﻧﻬﺎ ﺑﺪﻋﺔ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺩﺍﺧﻠﺔ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺒﺪﻋﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ، ﻷﻧﻬﺎ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺼﻠﻮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ صلى الله عليه وسلم.

ﻭﻳﻘﻮﻝ «ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺭﺃﻓﺖ» ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ: «ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻗﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﺜﺎﺭَ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ». ﻓﺄﻭﺻﻲ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ: ﺃَﻟّﺎ ﻳﻨﺎﻗﺸﻮﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻨﺠﻢ ﻋﻨﻪ ﺍﻻﻧﺸﻘﺎﻕُ ﻭﺍﻻﻓﺘﺮﺍﻕ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﺍ ﺑﺤﺚ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻧﺰﺍﻉ، ﻭﻋﻠﻰ ﻧﻤﻂ ﺗﺪﺍﻭﻝ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ.


ﺑِﺎﺳْﻤِﻪِ ﺳُﺒْﺤَﺎﻧَﻪُ

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾

ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ

ﺍﺧﻮﺗﻲ ﺍﻷﻋﺰﺍﺀ ﻣﻦ «ﺳﻨﺮﻛﻨﺖ» ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ: ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ، ﺷﻜﺮﻱ، ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺑﻜﺮ، ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺣﺴﻴﻦ، ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺭﺟﺐ.

ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﺳﻠﺘﻤﻮﻫﺎ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺗﻮﻓﻴﻖ، ﻳﻌﺘﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪﻭﻥ ﻣﻨﺬ ﺃﻣﺪ ﺑﻌﻴﺪ:

ﺃﻭﻻﻫﺎ: ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ﺣﺘﻰ ﺍﺫﺍ ﺑَﻠَﻎَ ﻣَﻐْﺮﺏَ ﺍﻟﺸَﻤْﺲِ ﻭَﺟَﺪَﻫﺎ ﺗَﻐْﺮُﺏُ ﻓﻲ ﻋَﻴﻦٍ ﺣَﻤﺌﺔٍ﴾ (ﺍﻟﻜﻬﻒ:86). ﻫﻮ: ﺃﻧﻪ ﺭﺃﻯ ﻏﺮﻭﺏ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﻣﺎﺀِ ﻋﻴﻦٍ ﺫﻱ ﻃﻴﻦ ﻭﺣﺮﺍﺭﺓ.

ﺛﺎﻧﻴﺘﻬﺎ: ﺃﻳﻦ ﻳﻘﻊ ﺳﺪُّ ﺫﻱ ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ؟

ﺛﺎﻟﺜﺘﻬﺎ: ﻧﺰﻭﻝ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻗﺘﻠﻪ ﺍﻟﺪﺟﺎﻝَ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ.

ﺇﻥَّ ﺃﺟﻮﺑﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺸﻴﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﻓﻨﻘﻮﻝ:

ﺇﻥَّ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﺒﻨﻴﺔٌ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﺑﻮﺟﻪٍ ﻳﻔﻬﻤﻪ ﻋﻤﻮﻡُ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻨﻈﺮ، ﻟﺬﺍ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﺎ ﺑُﻴّﻨﺖ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺑﺎﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ.

ﻓﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ﺗﻐﺮﺏ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ ﺣﻤﺌﺔٍ﴾ ﻳﻌﻨﻲ: ﺃﻥَّ ﺫﺍ ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﻗﺪ ﺷﺎﻫﺪ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺗﻐﺮﺏ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﻋﻴﻨﺎً ﻣﻮﺣﻠﺔً ﻭﺣﺎﻣﻴﺔ، ﻋﻨﺪ ﺳﺎﺣﻞ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ، ﺃﻭ ﺷﺎﻫﺪ ﻏﺮﻭﺑَﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ ﺟﺒﻞٍ ﺑﺮﻛﺎﻧﻲ ﺫﻱ ﻟﻬﻴﺐ ﻭﺩﺧﺎﻥ.

ﺃﻱ ﺇﻧﻪ ﺷﺎﻫﺪ ﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻏﺮﻭﺑَﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ، ﻭﻓﻲ ﺟﺰﺀ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﺍﺀﻯ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻛﺄﻧﻪ ﺑِﺮﻛﺔٌ ﺃﻭ ﺣﻮﺽُ ﻋﻴﻦٍ ﻭﺍﺳﻌﺔ، ﻓﺸﺎﻫﺪ ﻏﺮﻭﺑﻬﺎ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ﺧﻠﻒ ﺍﻷﺑﺨﺮﺓ ﺍﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺘﺼﺎﻋﺪﺓ ﻣﻦ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻘﻌﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻋﻨﺪ ﺳﻮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ، ﻟﺸﺪﺓ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺼﻴﻒ.. ﺃﻭ ﺷﺎﻫﺪ ﺍﺧﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺸﻤﺲ -ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ- ﻓﻲ ﻋﻴﻦ ﻣﻠﺘﻬﺒﺔ ﺍﻧﻔﻠﻘﺖ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ ﺟﺒﻞٍ ﺑﺮﻛﺎﻧﻲ ﺗﻘﺬﻑ ﺑﺤﻤﻤﻬﺎ ﻣﺎﺯﺟﺔً ﺍﻟﺘﺮﺍﺏَ ﻭﺍﻟﺼﺨﻮﺭ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﺍﻟﺴﺎﺋﻠﺔ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﺗﻌﺎﺑﻴﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺒﻠﻴﻐﺔ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﺗﺮﺷﺪ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻛﺜﻴﺮﺓ:

ﻓﺄﻭﻻ ﺇﻥ ﺳﻴﺎﺣﺔ ﺫﻱ ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﻟﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻐﺮﺏ.. ﻭﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻋﺰّ ﺍﻟﺤﺮّ.. ﻭﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻘﻌﺎﺕ.. ﻭﻣﻮﺍﻓﻘﺘﻬﺎ ﺃﻭﺍﻥ ﻏﺮﻭﺏ ﺍﻟﺸﻤﺲ.. ﻭﺣﻴﻦ ﺍﻧﻔﻼﻕ ﺟﺒﻞ ﺑﺮﻛﺎﻧﻲ.. ﻛﻞُّ ﻫﺬﺍ ﺗﺸﻴﺮ ﺑﻪ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺎﺋﻞَ ﻣﻠﻴﺌﺔٍ ﺑﺎﻟﻌِﺒﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﺳﺘﻴﻼﺀ ﺫﻱ ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﺳﺘﻴﻼﺀً ﺗﺎﻣﺎً.

ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺩﺓ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﺮﻛﺔٌ ﻇﺎﻫﺮﻳﺔ، ﻭﻫﻲ ﺩﻟﻴﻞٌ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺨﻔﻴﺔ -ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺤﺴﻮﺱ ﺑﻬﺎ- ﻭﻫﻲ ﺗُﺨﺒﺮ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ. ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺣﻘﻴﻘﺔَ ﺍﻟﻐﺮﻭﺏ.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﻛﻠﻤﺔ ﴿ﻋﻴﻦ﴾ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻟﻠﺘﺸﺒﻴﻪ، ﺇﺫ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻳُﺮﻯ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻛﺤﻮﺽ ﺻﻐﻴﺮ، ﻓﺘﺸﺒﻴﻪ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻣﻦ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﻀﺒﺎﺏ ﻭﺍﻷﺑﺨﺮﺓ ﺍﻟﻤﺘﻮﻟﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻘﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒُﺮَﻙ ﺑﻠﻔﺢ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﺑ﴿ﻋﻴﻦ ﺣﻤﺌﺔٍ﴾ ﺃﻱ ﻋﻴﻦ ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ ﻃﻴﻦ، ﻭﻛﺬﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻛﻠﻤﺔ ﴿ﻋﻴﻦ﴾ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ: ﺍﻟﻴﻨﺒﻮﻉ ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﺒﺼﺮ، ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺳﺮّ ﺑﻼﻏﻲ ﺩﻗﻴﻖ ﻭﻋﻼﻗﺔ ﻭﺛﻴﻘﺔ. (حاشية) ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺑ«ﻋﻴﻦ» ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ (ﻋﻴﻦ ﺣﻤﺌﺔ) ﻳﺬﻛّﺮ ﺑﺮﻣﺰٍ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻄﻴﻒ ﻭﺳﺮ ﺩﻗﻴﻖ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ، ﻭﻫﻮ: ﺃﻥ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻪ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺟﻤﺎﻝ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺍﻥ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﻋﻘﺐ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﺗُﻄﺒﻖ ﺍﻟﻌﻴﻨﺎﻥ ﺇﺣﺪﺍﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻓﺘﻄﺒﻖ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ.. ﻓﺎﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺗﺬﻛﺮ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺑﺈﻋﺠﺎﺯ ﺟﻤﻴﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ﻣﺸﻴﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﻬﻰ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ. ﻓﻜﻤﺎ ﺑﺪﺍ ﺍﻟﻐﺮﻭﺏ ﻟﻨﻈﺮ ﺫﻱ ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﻣﻦ ﺑُﻌﺪ ﻫﻜﺬﺍ. ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺟﺮﺍﻡ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ، ﺣﺮﻱٌّ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻱ ﻭﻣﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﻭﺭﻓﻌﺘﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﻤﺴﺨّﺮﺓ ﺳﺮﺍﺟﺎً ﻓﻲ ﻣﻀﻴﻒ ﺭﺣﻤﺎﻧﻲ، ﺗﺨﺘﻔﻲ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ، ﻣﻌﺒﺮﺍً ﺑﺄﺳﻠﻮﺑﻪ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻋﻴﻦ ﺣﺎﻣﻴﺔ. ﻧﻌﻢ ﻫﻜﺬﺍ ﻳﺒﺪﻭ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻟﻠﻌﻴﻮﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ.

ﺣﺎﺻﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ: ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺑ ﴿ﻋﻴﻦ ﺣﻤﺌﺔٍ﴾ ﻟﻠﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺬﻱ ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺃﻯ ﻣﻦ ﺑُﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻛﺄﻧﻪ ﻋﻴﻦُ ﻣﺎﺀ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻗﺮﻳﺐ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻓﻼ ﻳﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮ ﺫﻱ ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﺍﺧﻠﻪ ﺧﺪﺍﻉُ ﺍﻟﺒﺼﺮ، ﺑﻞ ﻷﻧﻪ ﻧﺰﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻣﻄﻠﻌﺎً ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻷﻧﻪ ﻳﺮﻯ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻴﺪﺍﻧﺎً ﺃﻭ ﻗﺼﺮﺍً ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻣﻬﺪﺍً ﺃﻭ ﺻﺤﻴﻔﺔ، ﻓﺈﻥ ﺗﻌﺒﻴﺮﻩ ﺑ ﴿ﻋﻴﻦ﴾ ﻟﻠﺒﺤﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ ﺍﻟﻤﻐﻄﻰ ﺑﺎﻟﻀﺒﺎﺏ ﻭﺍﻷﺑﺨﺮﺓ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺒﻴﻦ ﻋﻠﻮّﻩ ﻭﺭﻓﻌﺘَﻪ ﻭﺳﻤﻮّﻩ ﻭﻋﻈﻤﺘﻪ.