ﺗﺨﺺ ﻧﻜﺘﺘﻴﻦ ﻗﺮﺁﻧﻴﺘﻴﻦ ﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺳﺆﺍﻟﻴﻦ ﺟﺰﺋﻴﻴﻦ ﺳﺄﻟﻬﻤﺎ ﺍﻷﺥ ﺭﺃﻓﺖ

 ﺑِﺎﺳْﻤِﻪِ ﺳُﺒْﺤَﺎﻧَﻪُ

 ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾

  ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺧﻮﺍﻧﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ.

ﺃﺧﻲ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺭﺃﻓﺖ ﺇﻥَّ ﺃﺳﺌﻠﺘﻚ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻌﺼﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻴﻄﻨﻲ، ﺗﺠﻌﻠﻨﻲ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﻣُﺤﺮﺝ ﻷﻥ ﺳﺆﺍﻟَﻴﻜﻢ -ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ- ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺎ ﺟﺰﺋﻴﻴﻦ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻨﻲ ﺭﺃﻳﺘﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ، ﻟﻤﺎ ﻟﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﻧﻜﺘﺘﻴﻦ ﻗﺮﺁﻧﻴﺘﻴﻦ، ﻭﻷﻥ ﺳﺆﺍﻟﻜﻢ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﺓ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻠﺸﺒﻬﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺩ ﻣﻦ ﻋﻠﻤَﻲ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻠﻚ ﺣﻮﻝ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻭﺍﻟﺴﺒﻊ ﺍﻟﻄﺒﺎﻕ. ﻟﺬﺍ ﻧﺒﻴﻦ ﻫﻨﺎ ﺑﻴﺎﻧﺎً ﻋﻠﻤﻴﺎً ﻭﻛﻠﻴﺎً ﻭﻣﺠﻤﻼ ﻧﻜﺘﺘﻴﻦ ﻗﺮﺁﻧﻴﺘﻴﻦ ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ، ﻭﺃﻧﺖ ﺑﺪﻭﺭﻙ ﺗﺄﺧﺬ ﺣﺼﺘﻚ ﻣﻨﻪ ﺇﺯﺍﺀ ﺳﺆﺍﻟَﻴﻚ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﻴﻦ.

  ﺍﻟﻨﻜﺘﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ

  ﻭﻫﻲ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻧﻘﻄﺘﻴﻦ

  ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ:

ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾ (ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺕ:60) ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ (ﺍﻟﺬﺍﺭﻳﺎﺕ:58)

ﺑﺪﻻﻟﺔ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻵﻳﺘﻴﻦ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺘﻴﻦ؛ ﺍﻟﺮﺯﻕُ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻭﺣﺪَﻩ، ﻭﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺧﺰﻳﻨﺔ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﺩﻭﻥ ﻭﺳﺎﻃﺔ. ﻓﺮﺯﻕُ ﻛﻞ ﺫﻱ ﺣﻴﺎﺓ ﺑﻌﻬﺪﺓ ﺭﺑﻪ، ﻓﻴﻠﺰﻡ ﺃﻟّﺎ ﻳﻤﻮﺕ ﺃﺣﺪٌ ﺟﻮﻋﺎً. ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﺟﻮﻋﺎً، ﺃﻭ ﻣﻦ ﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ. ﺇﻥ ﺣﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮ ﻭﻛﺸﻒَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻮ:

ﺇﻥَّ ﺍﻟﺘﻌﻬﺪ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺮﺯﻕ ﻭﺗﻜﻔّﻠَﻪ ﻟﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ. ﻓﻼ ﺃﺣﺪَ ﻳﻤﻮﺕ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﻷﻥ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺳﻠﻪ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺫﻭ ﺍﻟﺠﻼﻝ ﺇﻟﻰ ﺟﺴﻢ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺤﻲ ﻳُﺪّﺧﺮ ﻗﺴﻢٌ ﻣﻨﻪ ﺍﺣﺘﻴﺎﻃﺎً ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺷﺤﻮﻡ ﻭﺩﻫﻮﻥ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ. ﺑﻞ ﻳُﺪّﺧﺮ ﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﻤﺮﺳﻞ ﻓﻲ ﺯﻭﺍﻳﺎ ﺣﺠﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻛﻲ ﻳﺼﺮﻑ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﻭﺍﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻋﻨﺪ ﻋﺪﻡ ﻣﺠﻲﺀ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ.

ﻓﺎﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﺇﺫﻥ، ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﻗﺒﻞ ﻧﻔﺎﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﺍﻟﻤﺪّﺧﺮ، ﺃﻱ ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻻ ﻳﻨﺠﻢ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻣﻦ ﻣﺮﺽٍ ﻧﺎﺷﺊٍ ﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﻋﺎﺩﺓٍ ﺑﺴﻮﺀ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﻔﻄﺮﻱ ﺍﻟﻤﺪّﺧﺮ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺷﺤﻮﻡ ﻓﻲ ﺟﺴﻢ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺤﻲ، ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺪﻭﻡ ﻭﻳﺴﺘﻤﺮ ﺑﻤﻌﺪﻝ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﻛﺎﻣﻼ. ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﺿﻌﻒ ﺫﻟﻚ، ﺇﺛﺮ ﻣﺮﺽ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﻕ ﺭﻭﺣﺎﻧﻲ. ﺣﺘﻰ ﻛﺘﺒﺖ ﺍﻟﺼﺤﻒ -ﻗﺒﻞ ﺗﺴﻊ ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ- ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻗﺪ ﻗﻀﻰ ﻣﺘﺤﺪﻳﺎً ﺳﺒﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﻓﻲ ﺳﺠﻦ ﻟﻨﺪﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺬﻭﻕ ﺷﻴﺌﺎً ﻭﻇﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﻭﻋﺎﻓﻴﺔ.

ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﻔﻄﺮﻱ ﻳﺪﻭﻡ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻞ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﻭﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً، ﻭﺃﻥ ﺗﺠﻠﻲ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﻇﺎﻫﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪّ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﺑﺠﻼﺀ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻳﺘﺪﻓﻖ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳُﺤﺘﺴﺐ ﻣﻦ ﺍﻷﺛﺪﺍﺀ ﻭﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻷﻛﻤﺎﻡ. ﻓﻼﺑﺪ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺳﻢ ﻳﻤﺪّ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﻭﻳﺴﻌﻔﻪ ﻭﻳﺤُﻮﻝ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺟﻮﻋﺎً ﻗﺒﻞ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﻔﻄﺮﻱ، ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺍﻟﻤﺘﻠﺒﺲ ﺑﺎﻟﺸﺮ ﺑﺴﻮﺀ ﻋﻤﻠﻪ.

ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﺎﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﺟﻮﻋﺎً ﻗﺒﻞ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً، ﻻ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻗﻄﻌﺎً، ﺑﻞ ﻣﻦ ﻋﺎﺩﺓ ﻧﺎﺷﺌﺔ ﻣﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﻣﻦ ﻣﺮﺽ ﻧﺎﺷﺊٍ ﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ، ﺇﺫ: «ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﻠﻜﺎﺕ» ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻣﻄﺮﺩﺓ.

ﻓﻴﺼﺢ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﺫﻥ: ﺃﻧﻪ ﻻ ﻣﻮﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﻉ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻧﻪ ﻣﺸﺎﻫَﺪ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻷﻧﻈﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﺗﻨﺎﺳﺒﺎً ﻋﻜﺴﻴﺎً ﻣﻊ ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺭ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ، ﻓﻤﺜﻼ: ﺇﻥ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻮﻟَﺪ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺭ ﺷﻲﺀ، ﺳﺎﻛﻦ ﻓﻲ ﺭﺣﻢ ﺍﻷﻡ، ﻳﺴﻴﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺯﻗُﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺣﺘﻰ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﺷﻔﺘﻴﻪ. ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻔﺘﺢ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺍﻗﺘﺪﺍﺭﺍً ﻭﻻ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍً، ﺇﻟّﺎ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺎﺕ، ﻭﺣﺴّﺎً ﻛﺎﻣﻨﺎً ﻓﻴﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟّﺎ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﺇﻟﺼﺎﻕ ﻓﻤﻪ ﺑﺎﻟﺜﺪﻱ ﻓﺤﺴﺐ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻤﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﺜﺪﻱ ﺗﺘﺪﻓﻖ ﺑﺮﺯﻕ ﻫﻮ ﺃﻛﻤﻞُ ﻏﺬﺍﺀ ﻭﺃﺳﻬﻠُﻪ ﻫﻀﻤﺎً، ﻭﺑﺄﻟﻄﻒِ ﺻﻮﺭﺓ ﻭﺃﻋﺠﺐ ﻓﻄﺮﺓ. ﺛﻢ ﻛﻠﻤﺎ ﻧﻤﺎ ﻟﺪﻳﻪ ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺭ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﺣﺘﺠﺐ ﻋﻨﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺯﻕُ ﺍﻟﻤﻴﺴﻮﺭ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً، ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﺍﻟﻨﺒﻊ ﻭﻳﻐﻮﺭ، ﻓﻴُﺮﺳﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺯﻗُﻪ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻛﻦَ ﺃﺧﺮﻯ. ﻭﻟﻜﻦ ﻷﻥ ﺍﻗﺘﺪﺍﺭﻩ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﻟﻴﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺑﻌﺪُ ﻟﺘﺘﺒﻊ ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻳﺠﻌﻞ ﺷﻔﻘﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ ﻭﺭﺣﻤﺘﻬﻤﺎ ﻣﻤﺪﺓً ﻻﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﻭﻣُﺴﻌﻔﺔ ﻻﻗﺘﺪﺍﺭﻩ. ﺛﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻜﺎﻣﻞ ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺭ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ، ﻓﻼ ﻳﻌﺪﻭ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻧﺤﻮﻩ، ﻭﻻ ﻳﺴﺎﻕ ﺇﻟﻴﻪ، ﺑﻞ ﻳﺴﻜﻦ ﻗﺎﺋﻼ: ﺗﻌﺎﻝ ﺍﻃﻠﺒﻨﻲ، ﻓﺘﺶ ﻋﻨﻲ ﻭﺧﺬﻧﻲ.

ﻓﺎﻟﺮﺯﻕ ﺇﺫﻥ ﻣﺘﻨﺎﺳﺐ ﺗﻨﺎﺳﺒﺎً ﻋﻜﺴﻴﺎً ﻣﻊ ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺭ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺣﻴﻮﺍﻧﺎﺕٍ ﻻ ﺍﻗﺘﺪﺍﺭ ﻟﻬﺎ ﻭﻻ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺗﻌﻴﺶ ﺃﻓﻀﻞَ ﻭﺃﺣﺴﻦ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻛﻤﺎ ﺃﻭﺿﺤﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﻋﺪﺓ.

  ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ:

ﻟﻺﻣﻜﺎﻥ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻭﺃﻗﺴﺎﻡ ﻫﻲ: ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻭﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﻓﻲ ﻭﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ. ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔُ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺿﻤﻦ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗُﺮﺩّ ﻭﺗُﺮﻓﺾ. ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺿﻤﻦ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﻓﻲ ﺃﻳﻀﺎً ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻌﺠﺰﺓ، ﻭﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﺮﺍﻣﺔً ﺑﻴُﺴﺮ. ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻬﺎ ﻧﻈﻴﺮ ﻋُﺮﻓﺎً ﻭﻗﺎﻋﺪﺓً ﻓﻼ ﺗُﻘﺒﻞ ﺇﻟّﺎ ﺑﺒﺮﻫﺎﻥ ﻗﺎﻃﻊ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ.

ﻓﺒﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ، ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺨﺎﺭﻗﺔ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺮﻭﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﺣﻤﺪ ﺍﻟﺒﺪﻭﻱ (ﻗُﺪﺱ ﺳﺮﻩ) ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺬﻕ ﻃﻌﺎﻣﺎً ﻃﻮﺍﻝ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺿﻤﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﻓﻲ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﻛﺮﺍﻣﺔً ﻟﻪ، ﺑﻞ ﺭﺑﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﺎﺩﺓ ﺧﺎﺭﻗﺔ ﻟﻪ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﻣﺘﻮﺍﺗﺮﺓ ﺗُﻨﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﺣﻤﺪ ﺍﻟﺒﺪﻭﻱ (ﻗُﺪﺱ ﺳﺮﻩ) ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﻗﻪ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﺄﻛﻞ ﻛﻞ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﻣﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ. ﻓﺎﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻌﻼ، ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺴﺖ ﺩﺍﺋﻤﺎً، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺣﺪﺛﺖ ﺑﻌﺾَ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ. ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺃﻥ ﺣﺎﻟﺘﻪ ﺍﻻﺳﺘﻐﺮﺍﻗﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺘﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻃﻌﺎﻡ، ﻟﺬﺍ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ.

ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻳﺖ ﺣﻮﺍﺩﺙُ ﻛﺜﻴﺮﺓٌ ﻣﻮﺛﻮﻗﺔٌ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﺎﺭﻗﺔ ﻋﻦ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﺣﻤﺪ ﺍﻟﺒﺪﻭﻱ (ﻗُﺪﺱ ﺳﺮﻩ).

ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﻤﺪّﺧﺮ ﻳﺪﻭﻡ ﺃﻛﺜﺮَ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً -ﻛﻤﺎ ﺃﺛﺒﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ- ﻭﺃﻥ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻃﻮﺍﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﻋﺎﺩﺓً، ﻭﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺭَﻭَﺕْ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﻣﻮﺛﻮﻗﺔ ﻣﻦ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﺃﻓﺬﺍﺫ، ﻓﻼﺑﺪ ﺃﻟّﺎ ﺗُﻨﻜﺮ ﻗﻄﻌﺎً.

  ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻧﺒﻴﻦ ﻣﺴﺄﻟﺘﻴﻦ ﻣﻬﻤﺘﻴﻦ.

ﻟﻤﺎ ﻋﺠﺰ ﺃﺻﺤﺎﺏُ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻠﻚ ﺑﻘﻮﺍﻧﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺻﺮﺓ ﻭﺩﺳﺎﺗﻴﺮﻫﺎ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﻭﻣﻮﺍﺯﻳﻨﻬﺎ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺃﻥ ﻳﺮﻗَﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺳﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺃﻥ ﻳﻜﺸﻔﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻧﺠﻮﻡ ﺁﻳﺎﺗﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ، ﺑﺪﺃﻭﺍ ﻳﺤﺎﻭﻟﻮﻥ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻭﺇﻧﻜﺎﺭﻫﺎ ﺑﺤﻤﺎﻗﺔ ﻭﺑﻼﻫﺔ.

  ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ:

ﺗﺨﺺ ﻛﻮﻥَ ﺍﻷﺭﺽ ﺫﺍﺕ ﺳﺒﻊ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﻛﺎﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ.

ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺗﺒﺪﻭ ﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻏﻴﺮَ ﺫﺍﺕ ﺣﻘﻴﻘﺔ، ﻻ ﺗﻘﺒﻠﻬﺎ ﻋﻠﻮﻣُﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺺ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ. ﻓﻴﺘﺨﺬﻭﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺫﺭﻳﻌﺔً ﻟﻼﻋﺘﺮﺍﺽ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ، ﻟﺬﺍ ﻧﻜﺘﺐ ﺑﻀﻊ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ ﻣﺨﺘﺼﺮﺓ ﺗﺨﺺ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ.

  ﺍﻷﻭﻟﻰ:

  ﺃﻭﻻ: ﺇﻥَّ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻵﻳﺔ ﺷﻲﺀٌ، ﻭﺃﻓﺮﺍﺩُ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﻣﺎ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺎﺕ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ. ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﺮﺩٌ ﻣﻦ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻓﻼ ﻳُﻨﻜَﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻲ. ﻋﻠﻤﺎً ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺳﺒﻌﺔَ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﻇﺎﻫﺮﺓٍ ﻣﺼﺪّﻗﺔ ﻟﻸﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﻟﻠﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻟﻠﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻭﺍﻷﺭﺿﻴﻦ ﺍﻟﺴﺒﻊ.

  ﺛﺎﻧﻴﺎً: ﺇﻥ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ…﴾ (ﺍﻟﻄﻼﻕ:12) ﻻ ﺗﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﺳﺒﻊ ﻃﺒﻘﺎﺕ. ﺑﻞ ﻇﺎﻫﺮﻫﺎ ﻳﻔﻴﺪ: ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﻠﻖ ﺍﻷﺭﺽ ﺟﺎﻋﻼ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺴﻜﻨﺎً ﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ ﻛﺎﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ، ﻓﻼ ﺗﻘﻮﻝ ﺍﻵﻳﺔ: ﺧﻠﻘﺖ ﺍﻷﺭﺽ ﺳﺒﻊ ﻃﺒﻘﺎﺕ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺜﻠﻴﺔ (ﻟﻠﺴﻤﺎﻭﺍﺕ) ﻓﻬﻲ ﺗﺸﺒﻴﻪ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔً ﻭﻣﺴﻜﻨﺎً ﻟﻠﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ.

  ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ:

ﺇﻥَّ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺴﻤﺎﻭﺍﺕ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻌﺪﻟﻬﺎ ﻭﺗﻮﺍﺯﻳﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﻣﻌﺮﺽ ﻟﻠﻤﺼﻨﻮﻋﺎﺕ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻﺗﺤﺪ ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺇﺷﻬﺎﺭﻫﺎ ﻭﻣﺮﻛﺰﻫﺎ. ﻓﻬﻲ ﺑﻬﺬﺍ ﺗﻌﺪﻝ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﺗﻮﺍﺯﻳﻬﺎ، ﺇﺫ ﻫﻲ ﻛﺎﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻱ ﻟﻠﺴﻤﺎﻭﺍﺕ، ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺪﻝ ﻗﻠﺐُ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺠﺴﺪ.

ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﻓُﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﺳﺒﻊ ﻃﺒﻘﺎﺕ:

ﺇﺫ ﺍﻷﺭﺽ ﺳﺒﻌﺔُ ﺃﻗﺎﻟﻴﻢ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﻤﻘﻴﺎﺱ ﻣﺼﻐﺮ.

ﺛﻢ ﻫﻲ ﺳﺒﻊُ ﻗﺎﺭﺍﺕ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭﺃﻭﻗﻴﺎﻧﻮﺳﻴﺎ (ﺃﺳﺘﺮﺍﻟﻴﺎ) ﻭﺁﺳﻴﺘﻴﻦ ﻭﺃﻣﺮﻳﻜﺘﻴﻦ.

ﺛﻢ ﻫﻲ ﺳﺒﻊُ ﻗﻄﻊ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ. ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻭﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ.

ﺛﻢ ﻫﻲ ﺳﺒﻊُ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀً ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﺸﺮﺗﻬﺎ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺛﺎﺑﺖ ﻋﻠﻤﺎً.

ﺛﻢ ﻫﻲ ﺫﺍﺕُ ﻋﻨﺎﺻﺮَ ﺳﺒﻌﺔٍ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻭﺍﻟﻤﺘﻀﻤﻨﺔ ﻟﺴﺒﻌﻴﻦ ﻋﻨﺼﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻫﻲ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.

ﺛﻢ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻢ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﺍﻟﻤﺘﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ -ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺏ- ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﻭﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ.

ﺛﻢ ﻋﻮﺍﻟﻢ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺴﺒﻊ، ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﺴﺎﻛﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍﻟﻌﻔﺎﺭﻳﺖ ﻭﻣﻘﺮﺍﺕ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺫﻭﺍﺕ ﺷﻌﻮﺭ ﻭﺣﻴﺎﺓ.

ﺛﻢ ﺇﻧﻬﺎ ﺳﺒﻊُ ﻃﺒﻘﺎﺕٍ ﺇﺷﺎﺭﺓً ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺳﺒﻊ ﻛﺮﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﻜﺮﺗﻨﺎ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ، ﻫﻲ ﻣﺴﺎﻛﻦ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻣﻘﺮﺍﺕ ﻟﻬﺎ، ﺃﻱ ﺇﻥ ﻛﺮﺓ ﺍﻷﺭﺽ ﺳﺒﻊُ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺳﺒﻊ ﻛﺮﺍﺕ ﺃﺭﺿﻴﺔ.

ﻫﻜﺬﺍ ﻓُﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ. ﻓﺈﺫﻥ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻭﺟﻮﺩُ ﺳﺒﻊِ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﻟﻸﺭﺽ ﻓﻲ ﺳﺒﻌﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﻭﻓﻲ ﺳﺒﻌﺔ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻭﺃﻧﻤﺎﻁ ﻣﻨﻬﺎ.

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻭﻫﻮ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻓﻠﻴﺲ ﺩﺍﺧﻼ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻭﺩﺓ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻟﻪ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ.

  ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ:

ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻻ ﻳُﺴﺮﻑ ﻓﻲ ﺷﻲﺀ، ﻭﻻ ﻳﺨﻠﻖ ﻋﺒﺜﺎً، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺇﻧﻤﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﻟﺬﻭﻱ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ، ﻭﺗﺠﺪ ﻛﻤﺎﻟَﻬﺎ ﺑﺬﻭﻱ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ، ﺑﻞ ﺗﻌﻤَّﺮ ﺑﺬﻭﻱ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ، ﻟﺘﻨﻘﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺚ. ﻭﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻭﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻳﻌﻤّﺮ ﻋﻨﺼﺮَ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﺪ ﻣﻦ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺸﺎﻫﺪ. ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ ﻻ ﻳﺤﻮﻻﻥ ﺩﻭﻥ ﺟﻮﻻﻥ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻛﻤﺎ ﻻ ﺗﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﻛﺎﻟﺘﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺤﺠﺮ ﺳﻴﺮ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ ﻭﺃﺷﻌﺔ ﺭﻭﻧﺘﻜﻦ.. ﻓﻼﺑﺪ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺫﺍ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ ﻭﻻ ﻛﻬﻮﻓﻬﺎ ﻭﻣﻴﺎﺩﻳﻨﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﻭﻋﻮﺍﻟﻤﻬﺎ ﺧﺎﻟﻴﺔً ﺧﺎﻭﻳﺔ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀً ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﺸﺮﺗﻬﺎ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﺴﻜﻨﻨﺎ.

ﻓﻼ ﺟﺮﻡ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻋﻤّﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻢ ﻭﺧﻠﻖ ﻟﻬﺎ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕٍ ﺫﻭﺍﺕ ﺷﻌﻮﺭ ﻳﻨﺎﺳﺒﻬﺎ ﻭﻳﻼﺋﻤﻬﺎ ﻭﺃﺳﻜﻨﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻛﺜﻒَ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﻭﺃﺻﻠﺒﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻛﺎﻟﺒﺤﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﻚ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﻴﺮ. ﺑﻞ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻤﺮﻋﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﺭﺽ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﻛﻨﺴﺒﺔ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺇﻟﻴﻨﺎ، ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺓ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕٌ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ، ﻓﺎﻟﻨﺎﺭ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﺎﻟﻨﻮﺭ ﻟﻬﻢ.

  ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ:

ﻟﻘﺪ ﺫُﻛﺮ ﻓﻲ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ» ﻣﺜﺎﻝ ﺣﻮﻝ ﺗﺼﻮﻳﺮﺍﺕ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺑﻴّﻨﻬﺎ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺧﻼﺻﺘﻪ:

ﺃﻥ ﻛﺮﺓ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺬﺭﺓٌ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﻛﺸﺠﺮﺓ ﺿﺨﻤﺔ ﺗﻀﺎﺭﻉ ﻋﻈﻤﺘُﻬﺎ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻭﺍﻟﺒﺮﺯﺥ، ﻓﻤﺸﺎﻫﺪﺓُ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻔﺎﺭﻳﺖ ﻓﻲ ﻛﺮﺓ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﻤﺴﺎﻓﺔ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻬﻢ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺬﺭﺓ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺺ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﺗﻈﺎﻫﺮٌ ﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻓﺮﻭﻋﻬﺎ ﺍﻟﻤﻤﺘﺪﺓ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ.

ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺒﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ -ﻻ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮﺍً- ﻣﻦ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ ﻗﺪ ﺣﺎﺯﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺁﺧﺮ، ﺃﻻ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺇﺫﻥ ﺇﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻫﻲ ﺳﺒﻊ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺗﻘﺎﺑﻞ ﺳﺒﻊ ﺳﻤﺎﻭﺍﺕ؟. ﻓﺎﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺗﺸﻴﺮ ﺑﺈﻳﺠﺎﺯ ﻣﻌﺠِﺰ، ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﻭﺗﻨﺒّﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺈﻇﻬﺎﺭﻫﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﻣﻜﺎﻓﺌﺔً ﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ.

  ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ:

ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ (ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ:٤٤) ﻭ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:29)

ﻫﺎﺗﺎﻥ ﺍﻵﻳﺘﺎﻥ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟُﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺗﺒﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺳﺒﻊٌ. ﻧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺴﺐ ﺍﺧﺘﺼﺎﺭ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ «ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹﻋﺠﺎﺯ» ﺍﻟﺬﻱ ﺃُﻟّﻒ ﻓﻲ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﺇﺫ ﺟﺎﺀﺕ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻹﺟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﺴﺒﺐ ﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﺤﺮﺏ.

ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻗﺪ ﺗﺼﻮﺭﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺴﻊُ ﺳﻤﺎﻭﺍﺕ، ﻓﺰﺍﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ، ﺍﻟﻌﺮﺵ ﻭﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻉ، ﻓﻜﺎﻥ ﺗﺼﻮﻳﺮﺍً ﻋﺠﻴﺒﺎً ﻟﻬﺎ. ﻭﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻮﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻃﻮﺍﻝ ﻋﺼﻮﺭ ﻣﺪﻳﺪﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻌﺎﺑﻴﺮ ﺍﻟﺮﻧﺎﻧﺔ ﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻭﺣﻜﻤﺎﺋﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﻣﻔﺴﺮﻳﻦ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﺍﺿﻄﺮﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺎﻟﺔ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﺬﻫﺒﻬﻢ ﻣﻤﺎ ﺃﺩﻯّ ﺇﻟﻰ ﺇﺳﺪﺍﻝ ﺳﺘﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ.

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻓﺘﻘﻮﻝ ﺑﻤﺎ ﻳﻔﻴﺪ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺇﺯﺍﺀ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪّﻋﻴﻪ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻏﻴﺮُ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺧﺘﺮﺍﻕ ﻭﺍﻻﻟﺘﺌﺎﻡ. ﻓﻘﺪ ﻓﺮّﻁ ﻫﺆﻻﺀ ﻛﻤﺎ ﺃﻓﺮﻁ ﺃﻭﻟﺌﻚ. ﻭﻋﺠﺰ ﺍﻻﺛﻨﺎﻥ ﻋﻦ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﻴﺎﻧﺎً ﺷﺎﻓﻴﺎً.

ﺃﻣﺎ ﺣﻜﻤﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺪﻉ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﻓﺮﺍﻁ ﻭﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻣﺘﺨﺬﺓ ﺍﻟﺤﺪ ﺍﻟﻮﺳﻂ، ﻓﻬﻲ ﺗﻘﻮﻝ:

ﺇﻥ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ ﺧﻠﻖ ﺳﺒﻊَ ﺳﻤﺎﻭﺍﺕ ﻃﺒﺎﻗﺎً، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻓﻬﻲ ﺗﺴﺒﺢ ﻭﺗﺴﺒّﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻛﺎﻷﺳﻤﺎﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮ. ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ: (ﺇﻥَّ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻣﻮﺝ ﻣﻜﻔﻮﻑ) ﺃﻱ ﻛﺒﺤﺮ ﺍﺳﺘﻘﺮﺕ ﺃﻣﻮﺍﺟُﻪ. ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻧﺜﺒﺘﻬﺎ ﺑﺴﺒﻊ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻭﺑﺴﺒﻌﺔ ﻭﺟﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ، ﻭﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﺷﺪﻳﺪ:

ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ: ﺇﻧﻪ ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻠﻤﺎً ﻭﻓﻠﺴﻔﺔ «ﺣﻜﻤﺔ» ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﻮﺳﻴﻊ ﻣﻤﻠﻮﺀٌ ﺑﻤﺎﺩﺓ ﺗُﺴﻤﻰ ﺍﻷﺛﻴﺮ، ﻭﻟﻴﺲ ﺧﺎﻟﻴﺎً ﻓﺎﺭﻏﺎً ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ.

  ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ﺇﻧﻪ ﺛﺎﺑﺖ ﻋﻠﻤﺎً ﻭﻋﻘﻼ ﺑﻞ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓً؛ ﺃﻥ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻷﺟﺮﺍﻡ ﺍﻟﻌﻠﻮﻳﺔ -ﻛﺎﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﺍﻓﻌﺔ- ﻭﻧﺎﺷﺮﺓَ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻭﻧﺎﻗﻠﺘَﻬﺎ -ﻛﺎﻟﻀﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﻭﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ- ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﺎﺩﺓ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﻣﺎﻟﺌﺔ ﻟﻪ.

  ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: ﺇﻧﻪ ﺛﺎﺑﺖ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺇﻥَّ ﻣﺎﺩﺓ ﺍﻷﺛﻴﺮ -ﻣﻊ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﺃﺛﻴﺮﺍً- ﻟﻬﺎ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﻭﻟﻬﺎ ﺻﻮﺭ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻛﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ، ﻓﻜﻤﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ: ﺍﻟﻐﺎﺯﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﺎﺋﻠﺔ ﻭﺍﻟﺼﻠﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻛﺎﻟﺒﺨﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺜﻠﺞ، ﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻋﻘﻼ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺳﺒﻌﺔُ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﻣﻦ ﻣﺎﺩﺓ ﺃﺛﻴﺮﻳﺔ، ﻭﻻ ﺍﻋﺘﺮﺍﺽ ﻋﻠﻴﻪ.

  ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ: ﺇﻧﻪ ﻟﻮ ﺃُﻧﻌﻢ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻷﺟﺮﺍﻡ ﺍﻟﻌﻠﻮﻳﺔ ﻳُﺮﻯ ﻓﻲ ﻃﺒﻘﺎﺗﻬﺎ ﺗﺨﺎﻟﻒٌ، ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮﻱ ﺩﺭﺏ ﺍﻟﺘﺒﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫَﺪ ﻛﺴﺤﺎﺏٍ، ﻻ ﺗﺸﺒﻪ ﻃﺒﻘﺔَ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﺜﻮﺍﺑﺖ ﺍﻟﺒﺘﺔ، ﺣﺘﻰ ﻛﺄﻥ ﻧﺠﻮﻡ ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﺜﻮﺍﺑﺖ ﺛﻤﺎﺭٌ ﻧﺎﺿﺠﺔ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ ﻛﻔﻮﺍﻛﻪ ﺍﻟﺼﻴﻒ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﺠﻮﻡٌ ﻻ ﺗﺤﺪ ﻟﺪﺭﺏ ﺍﻟﺘﺒﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻛﺴﺤﺎﺏ ﺗﻨﻌﻘﺪ ﻣﺠﺪﺩﺍً ﻭﺗﺘﻜﺎﻣﻞ. ﻭﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﺜﻮﺍﺑﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻻ ﺗﺸﺒﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﺑﺤﺪﺱ ﺻﺎﺩﻕ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳُﺪﺭَﻙ ﺑﺎﻟﺤﺪﺱ ﻭﺍﻟﺤﺲ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻭﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ.

  ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ: ﻟﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﺣﺪﺳﺎً ﻭﺣﺴّﺎً ﻭﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀً ﻭﺗﺠﺮﺑﺔ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺘﺸﻜﻞ ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻓﻲ ﻣﺎﺩﺓ ﺗﺘﻮﻟﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺼﻨﻮﻋﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺄﺧﺬ ﺃﺷﻜﺎﻻ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﻃﺒﻘﺎﺕ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ.

ﻓﻤﺜﻼ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﺸﻜﻼﺕ ﻓﻲ ﻣﻌﺪﻥ ﺍﻷﻟﻤﺎﺱ ﻳﺘﻮﻟﺪ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺮﻣﺎﺩُ ﻭﺍﻟﻔﺤﻢ ﻭﺍﻷﻟﻤﺎﺱ. ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺒﺪﺃ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺑﺎﻟﺘﺸﻜﻞ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺟﻤﺮﺍً ﻭﻟﻬﺒﺎً ﻭﺩﺧﺎﻧﺎً. ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳُﻤﺰَﺝ ﻣﻮﻟﺪ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﻣﻮﻟﺪ ﺍﻟﺤﻤﻮﺿﺔ ﻳﺘﺸﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺜﻠﺞ ﻭﺍﻟﺒﺨﺎﺭ.

ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺘﺸﻜﻞُ ﻓﻲ ﻣﺎﺩﺓٍ ﻣﺎ ﺗﻨﻘﺴﻢ ﺇﻟﻰ ﻃﺒﻘﺎﺕٍ، ﻟﺬﺍ ﻓﺎﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﻔﺎﻃﺮﺓ ﻟﻤﺎ ﺷﺮﻋﺖ ﺑﺎﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﻓﻲ ﻣﺎﺩﺓ ﺍﻷﺛﻴﺮ ﺧﻠﻘﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﺒﻌﺔَ ﺃﻧﻮﺍﻉٍ ﻣﻦ ﺳﻤﺎﻭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾.

ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ: ﺇﻥَّ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓَ ﺗﺪﻝ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﻋﻠﻰ ﺗﻌﺪﺩﻫﺎ، ﻓﺎﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺇﺫﻥ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓٌ ﻗﻄﻌﺎً، ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺨﺒﺮَ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ: ﻫﻲ ﺳﺒﻌﺔ، ﻓﻬﻲ ﺳﺒﻌﺔ.

  ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ: ﺃﻥَّ ﺍﻟﺘﻌﺎﺑﻴﺮ: ﺳﺒﻌﺔ، ﻭﺳﺒﻌﻴﻦ ﻭﺳﺒﻌﻤﺎﺋﺔ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟَﻬﺎ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓَ ﻓﻲ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﺃﻱ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻀﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊَ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻃﺒﻘﺎﺕٌ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً.

ﺣﺎﺻﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ: ﺇﻥَّ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺫﺍ ﺍﻟﺠﻼﻝ ﺧﻠﻖ ﺳﺒﻊَ ﺳﻤﺎﻭﺍﺕ ﻃﺒﺎﻗﺎً ﻣﻦ ﻣﺎﺩﺓ ﺍﻷﺛﻴﺮ، ﻭﺳﻮّﺍﻫﺎ ﻭﻧﻈّﻤﻬﺎ ﺑﻨﻈﺎﻡ ﻋﺠﻴﺐ ﺩﻗﻴﻖ، ﻭﺯﺭﻉ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥُ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺧﻄﺎﺑﺎً ﺃﺯﻟﻴﺎً ﻟﻠﺠﻦ ﻭﺍﻹﻧﺲ ﺑﻄﺒﻘﺎﺗﻬﻢ ﻛﺎﻓﺔً، ﻓﻜﻞ ﻃﺒﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺗﺄﺧﺬ ﺇﺫﻥ ﺣﺼﺘَﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺁﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﻛﻞُّ ﺁﻳﺔ ﺃﻳﻀﺎً ﺗُﺸﺒﻊ ﺃﻓﻬﺎﻡَ ﻛﻞِّ ﻃﺒﻘﺔٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺃﻱ ﻟﻜﻞ ﺁﻳﺔٍ ﻣﻌﺎﻥ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﺿﻤﻨﺎً ﻭﺇﺷﺎﺭﺓ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﺳﻌﺔَ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺷﻤﻮﻝَ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﻭﺇﺷﺎﺭﺍﺗﻪ، ﻭﻣﺮﺍﻋﺎﺗﻪ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺃﻓﻬﺎﻡ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﻋﺎﻣﺔ ﻭﻣﺪﺍﺭﻛِﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺩﻧﻰ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺺ ﺍﻟﺨﻮﺍﺹ ﺗﺒﻴﻦ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺁﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﻭﺟﻪٌ ﻣﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻃﺒﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ.

ﻭﻷﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﻓَﻬﻤﺖْ ﺳﺒﻊُ ﻃﺒﻘﺎﺕٍ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﺳﺒﻊَ ﻃﺒﻘﺎﺕٍ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻟﻶﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ:﴿سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾  ﻛﺎﻵﺗﻲ:

ﻳﻔﻬﻢ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻘﺎﺻﺮ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻧﻬﺎ: ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﺍﻟﻨﺴﻴﻤﻴﺔ.

ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻏﺘﺮﻭﺍ ﺑﻌﻠﻢ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﻳﻔﻬﻤﻮﻧﻬﺎ: ﺍﻟﻨﺠﻮﻡَ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻭﻣﺪﺍﺭﺍﺗﻬﺎ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ.

ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ: ﺳﺒﻊَ ﻛﺮﺍﺕٍ ﺳﻤﺎﻭﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺷﺒﻴﻬﺔٍ ﺑﺄﺭﺿﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻘﺮ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.

ﻭﺗﻔﻬﻤﻬﺎ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ: ﺳﺒﻊَ ﻣﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﺷﻤﺴﻴﺔ ﺃُﻭﻻﻫﺎ ﻣﻨﻈﻮﻣﺘُﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﻭﺍﻧﻘﺴﺎﻡَ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﺒﻊ ﻃﺒﻘﺎﺕ.

ﻭﻃﺎﺋﻔﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺗﻔﻬﻤﻬﺎ: ﺍﻧﻘﺴﺎﻡَ ﺗﺸﻜﻼﺕ ﺍﻷﺛﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺳﺒﻊ ﻃﺒﻘﺎﺕ.

ﻭﻃﺒﻘﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ، ﺗﻔﻬﻢ: ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺮﺋﻴﺔ ﻛﻠَّﻬﺎ، ﺍﻟﻤﺮﺻّﻌﺔَ ﺑﺎﻟﻨﺠﻮﻡ ﻟﻴﺴﺖ ﺇﻟّﺎ ﺳﻤﺎﺀ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺳﺖ ﺳﻤﺎﻭﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻮﻗﻬﺎ ﻻ ﺗُﺮﻯ.

ﻭﻃﺒﻘﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﺫﻭﻭ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻋﺎﻝٍ ﻻ ﻳﺮﻭﻥ ﺍﻧﺤﺼﺎﺭ ﺳﺒﻊ ﺳﻤﺎﻭﺍﺕ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﺳﺒﻊُ ﺳﻤﺎﻭﺍﺕ ﺗﺴﻘّﻒ ﻭﺗﺤﻴﻂ ﺑﺎﻟﻌﻮﺍﻟﻢ ﺍﻷﺧﺮﻭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻔﻲ ﻛﻠﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻣﻌﺎﻥٍ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺜﻴﺮﺓٌ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﺟﺪﺍً ﺷﺒﻴﻬﺔٌ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺍﻋﻲ ﺃﻓﻬﺎﻡ ﺳﺒﻊِ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻓﻜﻞٌ ﻳﺴﺘﻔﻴﺾ ﺑﻘﺪﺭ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻩ ﻣﻦ ﻓﻴﺾ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻳﺄﺧﺬ ﺭﺯﻗَﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺮﺓ.

ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺗﺤﻮﻱ ﻣﻌﺎﻧﻲَ ﻣﺼﺪّﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪ، ﻓﺈﻥ ﺇﻧﻜﺎﺭَ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺮﻭﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺟﺤﻮﺩَ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﺍﻟﻤﺨﻤﻮﺭﻳﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ، ﻭﺍﺗﺨﺎﺫَ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﻜﺎﺭ ﻭﺳﻴﻠﺔَ ﺗﻌﺮﺽٍ ﻷﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ، ﺇﻥ ﻫﻮ ﺇﻟّﺎ ﻛﺮﻣﻲ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﻱ ﺍﻟﻤﺰﺍﺝ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡَ ﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻲ ﺑﺎﻟﺤﺠﺎﺭﺓ ﺑﻐﻴﺔَ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﺫﻟﻚ:

ﻷﻥَّ ﻣﻌﻨﻰً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺇﻥْ ﻛﺎﻥ ﺻﺪﻗﺎً ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺪﻗﺎً ﻭﺻﻮﺍﺑﺎً، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺃﻥ ﻓﺮﺩﺍً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ، ﻻﻭﺟﻮﺩَ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺇﻟّﺎ ﻓﻲ ﺃﻟﺴﻨﺔِ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﺍﺧﻼ ﺿﻤﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻲ، ﺭﻋﺎﻳﺔً ﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ. ﻓﻜﻴﻒ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺮﻯ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﺟﺪﺍً ﻣﻦ ﺃﻓﺮﺍﺩﻩ ﺻﺪﻗﺎً ﻭﺣﻘﻴﻘﺔً.

ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﻐﻤﻮﺭﻳﻦ ﺑﺴُﻜﺮ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻠﻚِ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻨﺼﻔﻮﻥ، ﻛﻴﻒ ﻳﻘﻌﻮﻥ ﻓﻲ ﺧﻄﺄ ﻓﻴﻐﻤﻀﻮﻥ ﻋﻴﻮﻧَﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺣﻖٌ ﻭﺣﻘﻴﻘﺔٌ ﻭﺻﺪﻕ، ﻓﻼ ﻳﺮﻭﻥ ﻣﺼﺪِّﻗﺎﺕ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً، ﻭﻳﺘﻮﻫﻤﻮﻥ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻵﻳﺔ ﻣﻨﺤﺼﺮﺍً ﻓﻲ ﻓﺮﺩٍ ﺧﻴﺎﻟﻲ ﻋﺠﻴﺐ. ﻓﺮﺷﻘﻮﺍ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺑﺎﻟﺤﺠﺎﺭﺓ، ﻓﺎﺭﺗﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺳِﻬﻢ ﻓﻜﺴﺮﺗْﻬﺎ، ﻓﻔﻘﺪﻭﺍ ﺻﻮﺍﺑَﻬﻢ ﻭﺇﻳﻤﺎﻧﻬﻢ.

  ﻣﺤﺼﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ: ﻟﻤﺎ ﻋﺠﺰ ﺃﺭﺑﺎﺏُ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪﺓ ﻛﺎﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﻭﺍﻟﺠﻦ، ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻭﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻭﺍﻷﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ، ﺟﻬﻠﻮﺍ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻥٍ. ﻓﻴﺨﺒﺮﻭﻥ ﺃﺣﻜﺎﻣﺎً ﻛﺎﺫﺑﺔً ﺧﺎﻃﺌﺔ. ﻓﻴﻨﺰﻝ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺳﻬﻢ ﺷﻬﺎﺏٌ ﺭﺻﺪٌ ﻣﻦ ﻧﺠﻮﻡ ﺗﻠﻚ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺑﺎﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓﺘﺤﺮﻗﻬﻢ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺮﻗﻲُّ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺑﻔﻠﺴﻔﺔ ﻓﻼﺳﻔﺔ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﺃﻓﻜﺎﺭﺍً ﺷﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﺧﺒﻴﺜﺔ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺼﻌﻮﺩُ ﺇﻟﻰ ﻧﺠﻮﻡ ﺗﻠﻚ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺑﻤﻌﺮﺍﺝ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﺠﻨﺎﺡ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ.

 ﺍﻟﻠّﻬﻢَّ ﺻَﻞِّ ﻋﻠﻰ ﺷﻤﺲ ﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﻗﻤﺮ ﻓﻠﻚ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﻧﺠﻮﻡ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﻟﻤﻦ ﺍﻫﺘﺪﻯ.

 ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾

 ﺍﻟﻠّﻬﻢ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺿﻴﻦ ﺯﻳّﻦ ﻗﻠﻮﺏ ﻛﺎﺗﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺭﻓﻘﺎﺋﻪ ﺑﻨﺠﻮﻡ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ… ﺁﻣﻴﻦ.