الفصل الأول

المولد والنشأة

سنة 1877م/1294هـ

هويته الشخصية

«الاسم واللقب: بديع الزمان سعيد..

اسم الوالد: ميرزا.([1])

اسم الوالدة: نورية.([2])

تاريخ الولادة: سنة 1293.

مسقط الرأس: قرية «نُوْرْس» التابعة لناحية «إسباريت» المرتبطة بقضاء «خيزان» من أعمال ولاية «بتليس».

الملة: مسلم.

الشكل: طويل القامة، عسليّ العيون، حنطي اللون.

العلامات الفارقة: بلا.

[وعلاوة على ما سبق سجل في الوثيقة التي أملاها في «دار الحكمة الإسلامية» المعلومات الآتية:]

اسمي: «سعيد»، لقبي: «بديع الزمان» اسم والدي: «ميرزا»

لا أنتسب إلى سلالة معروفة -شافعي المذهب- أحد مواطني الدولة العلية العثمانية.

في مستهل دراستي العلمية درستُ عند أخي عبدالله ما يقارب السنتين في ناحية إسپاريت. ثم انضممت إلى حلقة تدريس الشيخ محمد الجلالي  فأكملت الدروس المقررة كلها، وذلك في قصبة «بايزيد» التابعة لولاية «أرضروم». ثم بدأت بتدريس شتى العلوم في مدينة «وان» طوال خمس عشرة سنة.

وعندما أعلنت الحرب الحاضرة -العالمية الأولى- اشتركت فيها بصفة قائد المتطوعين. ووقعتُ أسيراً بيد الروس في «بتليس» ثم هربت من الأسر وعدت إلى إسطنبول. وأصبحت عضواً في دار الحكمة الإسلامية منذ تأسيسها.

فقدتُ إجازتي العلمية التي أخذتها من الشيخ محمد الجلالي في أثناء الأسر.

لي سبعة عشر مؤلفاً باللغة العربية، هي: إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز، تعليقات، قزل إيجاز، الخطبة الشامية.

وبقية المؤلفات باللغة التركية وهي: نقطة، شعاعات، سنوحات، مناظرات، محاكمات، طلوعات، لمعات، رموز، إشارات، خطوات ستة، إيكي مكتب شهادتنامه سي [المحكمة العسكرية العرفية] حقيقت جكردكلري [نوى الحقائق].

أتكلم باللغة التركية والكردية كما أقرأ وأكتب باللغة العربية والفارسية».

أسرته

«إنني لم أشاهد والدتي الرؤوفة منذ التاسعة من عمري، فلم أحظ بتبادل الحوار اللطيف معها في جلساتها، فبتّ محروماً من تلك المحبة الرفيعة.

ولم أتمكن من مشاهدة أخواتي الثلاث([3]) منذ الخامسة عشرة من عمري، حيث ذهبن  مع والدتي إلى عالم البرزخ. فبتّ محروماً من كثير من ألطاف الرحمة والاحترام التي تشيع في أجواء الجلسات الأخوية الطيبة اللذيذة في الدنيا.

ولم أشاهد أيضاً أخويّ من ثلاثة إخوة([4]) منذ خمسين سنة -رحمهم الله- فبتّ محروماً من السرور المنبثق من الأخوة الودود والشفقة العطوف في مجالسة أولئك الأعزاء المتقين العلماء.

وعندما كنت أتجول اليوم مع أبنائي المعنويين الأربعة الذين يعاونونني في شؤوني، أُخطر على قلبي بيقين جزءٌ من بذرة الجنة التي ينطوي عليها الإيمان، مثلما أظهرتها رسائل النور.

وحيث إنني قضيت حياتي عزباً فلم أنجب الأولاد. لذا بتّ محروماً من مَذاقات محبتهم البريئة ومن ابتهاجهم وانشراحهم.

ومع كل هذا ما كنت أشعر بهذا النقص قط، حيث أنعم سبحانه وتعالى عليّ في هذا اليوم معنىً في منتهى الذوق واللذة فضمد جراحاتي الأربعة المذكورة من جهات ثلاث:

الأولى: إنه عوضاً عن اللذة الآتية من العطف الخاص لوالدتي، أحسن الرحيم سبحانه وتعالى عليّ، أُلوفاً من الوالدات اللائي يستفدن من رسائل النور استفادة تفوق المعتاد ويتذوقن منها أذواقاً روحية خالصة، بـمثل ما جاء في الحديث الشريف «عليكم بدين العجائز» المذكور في رسائل النور.

وعوضاً عن السرور والبهجة والعطف الأخوي الناشئ من مجالسة أخواتي الثلاث -رحمهن الله- أحسن المولى الكريم عليّ بالألوف من السيدات والشابات، وجعلهن سبحانه وتعالى في موضع أخوات لي، فأستفيد من دعواتهن وتعلقهن بـرسائل النور ألوفاً من الفوائد والثمرات المعنوية والمسرات الروحية، وهناك أمارات عديدة على صدق هذا القسم الثاني يعرفها إخوتي.

وعوضاً عن حرماني من العون المادي والمعنوي الذي كان يمدني به في الدنيا أخَوايَ المرحومان ومن عطفهما ورأفتهما، فقد أحسن سبحانه وتعالى عليّ بمئات الألوف من إخوة حقيقيين مضحين في خدمة رسائل النور يحملون عطفاً خالصاً ويـمدّون إليّ يد العون بل يفدون رأسمال حياتهم الأخروية فضلاً عن حياتهم الدنيوية.

وعوضاً عن حرماني من أذواق العطف والحنان النابعة من الأولاد -حيث لا أولاد لي في الدنيا- أنعم سبحانه وتعالى عليّ بمئات الألوف من الأولاد الأبرياء، من حيث استفادتهم من رسائل النور مستقبلاً. فحوّل سبحانه وتعالى هذه العواطف الثلاث والشفقة الرؤوفة الجزئية إلى مئات الألوف منها».

أخوه عبد المجيد  

«إن أخي عبد المجيد، قد شعر بانهيار واضطراب شديدين بسبب انتقال ابن أخي عبد الرحمن إلى رحمة الله. ولأحوال أليمة وأوضاع محزنة ألـمّت به، كان يأمل مني ما لا أقدر عليه من هـمة ومدد معنوي. ومع أني ما كنت أتراسل معه، إلا أنني بعثت إليـه فجأة بضع رسائل من «الكلمات». كتب إليّ بعد أن قرأها: لقد نجوتُ -والحمد لله- فقد كنت على وشك الجنون، ولكن بفضل الله أخذت كل كلمة من تلك «الكلمات» موقع مرشد لي. ولئن فارقت مرشداً واحداً فقد وجدت -دفعة واحدة- مرشدين كثيرين([5]) فنجوت والحمد لله. وأنا بدوري تأملت في حاله، فعلمت أنه حقاً قد دخل مسلكاً جميلاً وقد نجا بفضل الله من أوضاعه السابقة. وهو من طلابي العاملين المخلصين المضحين.. كان يملك داراً أنيقة جميلة في «وان» وحالته المعاشية على ما يرام، فضلاً عن أنه كان يزاول مهنة التدريس.. فعندما استوجبت خدمة القرآن ذهابي إلى مكان بعيد عن المدينة «وان» على الحدود، أردت استصحـابه، إلا أنه لم يوافق. وكأنه رأى أنه من الأفضل عدم ذهابي أنا كذلك، حيث قد يشوب العمل للقرآن شيء من السياسة وقد يعرّضه للنفي، وفضّل المكوث حيث هو ولم يشترك معنا. ولكن جاءته اللطمة الرحمانية بما هو ضد مقصوده، وعلى غير توقع منه، إذ أُخرج من المدينة وأُبعد عن منـزله الجميل وأُرغم على الذهاب إلى «أرغاني»».

ابن أخته عُبيد

«كان ابن أختي «عبيد» أحد طلابي، قد استشهد بقربي بدلاً عنى، في الحرب العالمية الأولى. فرأيت في المنام رؤيا صادقة عندي: أنني قد دخلت قبره الشبيه بمنـزل تحت الأرض، رغم أنى في الأسر على بعد مسيرة ثلاثة أشهر منه، وأجهل مكان دفنه. ورأيته في طبقة حياة الشهداء. وقد كان يعتقد أنني ميت، وذكر أنه قد بكى عليّ كثيـراً، ويعتقد أنه ما زال على قيد الحياة، إلّا أنه قد بنى له منـزلاً جميلاً تحت الأرض حذراً من استيلاء الروس».

ابن أخيه عبد الرحمن

«لقد تركني ابن أخي «عبد الرحمن» منذ ثماني سنوات، وعلى الرغم من تلوثه بغفلات الدنيا وشبهاتـها وأوهامها فإنه كان يحمل تجاهي ظناً حسناً بما يفوق حدي بكثير. لذا طلب مني أن أسعفه وأمده بما ليس عندي وليس في طوقي من همة. ولكن همة القرآن ومدده قد أغاثه، وذلك بأن أُوصِلَ إليه «الكلمة العاشرة» التي تخص «الحشر» قبل وفاته بثلاثة أشهر. فأدت تلك الرسالة دورها في تطهيره من لوثات معنوية وكدورات الأوهام والشبهات والغفلة، حتى كأنه قد ارتفع إلى ما يشبه مرتبة الولاية، حيث أظهر ثلاث كرامات في رسالته التي كتبها إليّ قبل وفاته، وقد أدرجت رسالته تلك ضمن فقرات المكتوب السابع والعشرين فليراجَع».

نسبه ([6])

«إن الخبراء في محكمة «دنيزلي» قالوا عن طلاب النور -حسب اعتقاد بعضهم-: إذا ادّعى سعيد النُّورْسِيّ أنه المهدي فإن جميع طلابه يصدّقونه برحابة صدر. وأنا قد قلت لهم في المحكمة: إنني لا أستطيع أن أعدّ نفسي من آل البيت حيث إن الأنساب مختلطة في هذا الزمان بما لا يمكن تمييزها، بينما مهدي آخر الزمان سيكون من آل البيت. رغم أنني بـمثابة ابن معنوي لسيدنا علي كرم الله وجهه وتلقيت درس الحقيقة منه، وإن معنىً من معاني آل محمد ﷺ يشمل طلاب النور الحقيقيين، فأعدّ أنا أيضاً من آل البيت، إلّا أن هذا الزمان هو زمان الشخص المعنوي، وليس في مسلك النور -بأية جهة كانت- الرغبة في الأنانية وحب الشخصية والتطلع إلى المقامات والحصول على الشرف وذيوع الصيت، وكل ذلك منافٍ لسر الإخلاص تماماً.

فأنا أشكر ربي الجليل بما لا نهاية له من الشكر أنه لم يجعلني أُعجب بنفسي، لذا لا أتطلع إلى مثل هذه المقامات الشخصية التي تفوق حدي بدرجات لا تعد ولا تحصى، بل لو أُعطيت مقامات رفيعة أخروية فإنني أجد نفسي مضطراً إلى التخلي عنها لئلا أخلّ بالإخلاص الذي في النور. هكذا قلت للخبراء وسكتوا…»

مخايل النبوغ في عهد الصبا

«لقد حدّثتُ خيالي في عهد صباي: أيَّ الأمْرين تُفضّل؟ قضاء عمر سعيد يدوم ألف ألف سنة مع سلطنة الدنيا وأبهتها على أن ينتهي ذلك إلى العدم، أم وجوداً باقياً مع حياة اعتيادية شاقة؟ فرأيته يرغب في الثانية ويضجر من الأولى، قائلاً: إنني لا أريد العدم بل البقاء ولو كان في جهنم!.

وحينما كنت صبياً خُسف القمر، فسألت والدتي: ما هذا الذي حدث للقمر؟.

قالت: ابتلعته الحية!.

قلت: ولكنه يتبين!

قالت: إن الحيات في السماء شفافة كالزجاج تشف عما في بطنها.

كنت أتذكر هذه الحادثة كثيراً وأسائل نفسي: كيف تدور خرافة بعيدة عن الحقيقة إلى هذه الدرجة على لسان والدتي الحصيفة الجادة في كلامها؟.

ولكن حينما طالعت علم الفلك رأيت أن الذين يقولون كما تقول والدتي، قد تلقوا التشبيه حقيقةً واقعيةً؛ لأن الفلكيين شبهوا القوسين الناشئين من تداخل دائرة الشمس، وهي منطقة البـروج ومدار درجاتها، مع دائرة القمر وهي ميل القمر ومدار منازله، شبهوهما تشبيهاً لطيفاً بحيتين ضخمتين، وسموهما تنينين، وأطلقوا على إحدى نقطتي تقاطع تلك الدائرتين «الرأس» والأخرى «الذنب». فحينما يبلغ القمر الرأس والشمس الذنب تحصل حيلولة الأرض -كما يصطلح عليها الفلكيون- أي تقع الأرض بينهما تماماً، وعندها يخسف القمر. أي كأن القمر يدخل في فم التنين، حسب التشبيه السابق.

وهكذا عندما سرى هذا التشبيه العلمي الراقي بمرور الزمن إلى كلام العوام غدا التشبيه تنيناً عظيماً مجسماً يبتلع القمر!.

وفي حوالي التاسعة من عمري وجميع الأهلين وأقاربي ينتسبون إلى الطريقة النقشبندية ويستمدون من شيخ مشهور هناك هو «الغوث الخيزاني» كنت على خلافهم أقول: أيها الشيخ الكيلاني أقرأ لك سورة الفاتحة جد لي ما ضيعتُه من جوز مثلاً أو أي شيء تافه آخر. وإنه لأمر عجيب فوالله لقد أمدني الشيخ بدعائه وهمته ألف مرة. ولهذا ما قرأت من أوراد وأذكار طوال حياتي إلّا وأهديتها أولاً إلى حضرة الرسول الأعظم ﷺ ثم إلى الشيخ الكيلاني، وعلى الرغم من أنني منتسب إلى الطريقة النقشبندية بثلاث جهات فإن محبة الطريقة القادرية ومشربَـها يجري فيّ حكمه دون اختيار مني، إلّا أن الانشغال بالعلم كان يعيق الاشتغال بالطريقة الصوفية.

ومع ذلك كنت أحمل حالة روحية تتسم بالفخر والاعتـزاز، يوم كنت في العاشـرة من عمري، بل حتى أحياناً بصورة حب للمدح والثناء. فكنت أتقلد طور بطل عظيم ورائد كبير وصاحب عمل عظيم خلاف رغبتي.

فكنت أقول لنفسي: ما هذا الظهور والاختيال ولاسيما في الشجاعة، وأنت لا تساوي شروى نقير؟ فكنت حائراً وجاهلاً بالجواب. ولكن منذ شهرين، أجيبت تلك الحيرة، بأن رسائل النور كانت تُشعر بنفسها بحس مسبَق. أما أنت فلست إلّا بذرة صغيرة لا تساوي شيئاً ولكن لإحساسك قبل الوقوع تعدّ تلك العناقيد الفردوسية رسائل النور كأنها ملكك، فتزهو وتتباهى.

أما قريتنا «نورس» فإن أهلها وطلابي القدامى يعرفون أن أهالينا كانوا يحبون المدح والثناء عليهم كثيراً لإظهارهم أنهم السابقون في الشجاعة والإقدام، فيرغبون تقلّد طور البطولة وكأنهم قد فتحوا مملكة كبيرة.

فكنت أعجب من نفسي ومن طورها هذا. والآن عرفت السر بإخطار حقيقي:

أن أولئك النُّورْسِيّين، يتباهون لأن قريتهم «نورس» ستكسب فخراً عظيماً بنور رسائل النور، حتى إن الذين لم يسـمعوا باسم الولاية والناحية سيعرفون تلك القرية باهتمام بالغ. فهؤلاء النُّورْسِيّون يظهرون شكرانهم -بحس مسبق- لتلك النعمة الإلهية على صورة زهو وتباهٍ.

نعم، إنه عندما كان جميع كردستان يتخذ وضع المفتخر المختال بغزارة الطلاب والأئمة والعلماء المتخرجين بهمة وجهود «الشيخ عبد الرحمن تاغي» الشهير والملقب بـ«سيدا» في ناحيتنا «إسباريت» التابعة لقضاء «خيزان» كنت أشعر بينهم أيضاً ضمن تلك المناظرات العالية والهمة العالية والدائرة الواسعة العلمية والصوفية، كأن أولئك العلماء سيفتحون الأرض كلها. فكنت أستمع -وأنا لم أتجاوز العاشرة من عمري- مناقب العلماء القدامى المشهورين والأولياء العظام والسـادة الأقطاب، ويرد إلى قلبي: أن هؤلاء الطلاب العلماء سيفتحون آفاقاً عظيمة في العلم والدين. إذ لو تفوق أحدهم بشيء من الذكاء فالاهتمام يوجّـه إليه، وإن ظهر أحدهم في مسألة لدى مناظرة علمية يفتخر ويزهو كثيراً. فكنت أتحيّر من هذا، إذ كانت عندي تلك المشاعر أيضاً. حتى كان بين شيوخ الطرق الصوفية وضمن دائرتهم في ناحيتنا وقضائنا وولايتنا مسابقة تثير الحيرة لم أقف عليها في مدن أخرى إلى هذا الحد. فإن شئت فاذهب بخيالك إلى مجلس «سيدا» قدّس سره في قرية «نورشين».. وما أظهرت من المدنية الإسلامية بصحبته القدسية، تَـرَ فيها ملوكاً في زي الفقراء وملائكة في زي الأنـاسي. ثم اذهب إلى «باريس» وادخل في لجنة الأعاظم تَـرَ فيها عقارب، تلبسوا بلباس الأناسي، وعفاريت تصوروا بصور الآدميين».

سنة 1885م/1303هـ

خطواته نحو العلم وشيوخه

«أقسم بالله إن أرسخ درس أخذته، وكأنه يتجدد عليّ، إنما هو تلقينات والدتي رحمها الله ودروسها المعنوية، حتى استقرت في أعماق فطرتي وأصبحت كالبذور في جسدي، في غضون عمري الذي يناهز الثمانين رغم أنى قد أخذت دروساً من ثمانين ألف شخص، بل أرى يقينا أن سائر الدروس إنما تبنى على تلك البذور. بمعنى أنى أشاهد درس والدتي -رحمها الله- وتلقيناتها لفطرتي وروحي وأنا في السنة الأولي من عمري، البذور الأساس ضمن الحقائق العظيمة التي أراها الآن وأنا في الثمانين من عمري.

وكانت بداية تحصيل العلم سنة (1885م-1303هـ) بتعلّم القرآن الكريم «حيث ساقته حالته الروحية إلى مراقبة ما يستفيضه أخوه الكبير عبد الله من العلوم فأعجب بمزاياه الراقية وتكامل خصاله الرفيعة بتحصيله العلوم، وشاهد كيف أنه بزّ أقرانه في القرية وهم لا يستطيعون القراءة والكتابة. فدفعه هذا الإعجاب إلى شوق عظيم جاد لتلقي العلم؛ لذا شدّ الرحال إلى طلبه في القرى المجاورة لـ«نورس» حتى حطها في قرية تاغ عند مدرسة الملا محمد أمين أفندي إلّا أنه لم يتحمل المكوث فيها، فتركها.

فعاد إلى قريته «نورس» وهي المحرومة من كتّاب أو مدرسة لتلقي العلم، واكتفى بما يدرّسه له أخوه الكبير «الملا عبد الله» في أثناء زيارته الأسبوعية للعائلة.

وبعد مدة قصيرة ذهب إلى قرية برمس ومن بعدها إلى «مراعي شيخان» -أي شيخ تاغي- ثم إلى قرية نورشين وبعدها إلى قرية خيزان ولرفضه التحكم به تشاجر في قرية «برمس» مع أربعة من الطلاب، حيث اتفق هؤلاء الأربعة على مشاكسته باستمرار مما دفعه إلى المثول بين يدي الشيخ سيد نور محمد شاكياً إليه هؤلاء الأربعة قائلاً باعتزاز: «أيها الشيخ المحترم! أرجو أن تقول لهؤلاء ألّا يأتوا للشجار معي جميعاً فليأتوا مثنى مثنى!».

انشرح الشيخ سيد نور محمد من هذه الرجولة المبكرة في «سعيد الصغير» وقال ملاطفاً: «أنت تلميذي، لن يتعرض لك أحد».

وبعد هذه الحادثة أُطلق عليه «تلميذ الشيخ» فظل في هذه المدرسة مدة، ثم تركها ذاهباً مع أخيه الملا عبد الله إلى قرية «نورشين».

وكان يحق لكل عالم حصل على إجازة العالِمية أن يفتح كتّاباً «مدرسة» في القرية التي يرغب فيها حسبةً لله. وتقع مصاريف الطلاب عليه إن كان قادراً على ذلك، وإلّا فالأهلون يتداركونها من الزكاة والصدقات والتبـرعات. بمعنى أن العالم عليه التدريس مجاناً والأهلون يتعهدون بدفع احتياجات الطلاب ولوازمهم. إلّا أن سعيداً الصغير كان ينفرد من بين الطلاب جميعهم في عدم أخذه الزكاة من أحد».

الإباء والشمم

على الرغم من أن سعيداً القديم كان فقير الحال منذ أيام طفولته، كما أن والده كان فقير الحال كذلك، فإن عدم قبوله الصدقات والهدايا من الآخرين، بل عدم استطاعته قبولها إلا بمقابل، رغم حاجته الشديدة جدا، وعدم ذهاب «سعيد» قط في أي وقت من الأوقات لأخذ الأرزاق من الناس وعدم تسـلمه الزكاة من أحد -عن علم- كما كانت العادة جارية في كردستان، حيث كانت أرزاق طلاب العلم تدفع من بيوت الأهلين وتسد مصاريفهم من أموال الزكاة. أقول إني على قناعة تامة الآن من أن حكمة هذا الأمر هي:

عدم جعل رسائل النور -التي هي خدمة سامية خالصة للإيمان والآخرة- في آخر أيامي وسيلة لمغانم الدنيا، وعدم جعلها ذريعة لجرّ المنافع الشخصية.

فلأجل هذه الحكمة أُعطيتْ لي هذه الحالة، حالة النفور من تلك العادة المقبولة وتلك السجية غير المضرة، والهروب منها، وعدم فتح يد المسألة من الناس. فرضيتُ بالعيش الكفاف وشدة الفقر والضنك. وذلك لئلا يفسد الإخلاص الحقيقي الذي هو القوة الحقيقية لرسائل النور.

وأشعر كذلك أن في هذا الأمر إشارة فيها مغزى، بأن هذه الحاجة هي التي ستدفع أهل العلم في الأزمان الآتية إلى الانهماك بهموم العيش حتى يُغلبوا على أمرهم.

سنة 1891م/1308هـ

بشارة الرسول الكريم ﷺ

ظل مدة في «نورشين» ثم انتقل إلى «خيزان» ثم ترك الحياة الدراسية وعاد إلى كنف والديه في قرية «نورس» وظل فيها حتى اخضرّ الربيع.

وفي هذه الأثناء رأى فيما يرى النائم: أن القيامة قد قامت، والكائنات بعثت من جديد. ففكر كيف يتمكن من زيارة الرسول الأعظم ﷺ، ثم تذكر أن عليه الانتظار في بداية الصراط الذي يـمرّ عليه كل فرد، فأسرع إليه.. وهكذا مرّ به جميع الأنبياء والرسل الكرام فزارهم واحداً واحداً وقبّل أيديهم وعندما حظي بزيارة الرسول الأعظم ﷺ هوى على يديه فقبلهما ثم طلب منه العلم. فبشّره الرسول ﷺ: «سيوهب لك علم القرآن ما لم تسأل أحداً».

فجّرت هذه الرؤيا شوقاً عظيماً فيه نحو طلب العلم. فاستأذن والده للذهاب إلى ناحية «أرواس» لتلقي العلم من الملا محمد أمين أفندي ولكن عندما أوصى الأخير أحد طلابه بتدريسه شعر سعيد الصغير بأنه قد ترفّع عن تدريسه فثقل عليه الأمر وحزّ في نفسه، حتى إنه اعترض على أستاذه في إحدى الدروس قائلاً: «إنه ليس كذلك.. ياسيدى! ثم ذكّره بترفعه عن تدريسه».

وبعد مدة وجيزة قضاها في «أرواس» قصد مدرسة «مير حسن ولي»، ولما شاهد هناك عدم الاهتمـام بالطلاب الجدد أيضاً ترك سبعةً من دروس الكتب المقررة وبدأ بالكتاب الثامن، ثم ذهب للاستجمام في قصبة وسطان (كَواش) لمدة شهر. ومن بعده توجّه برفقة صديقه «الملا محمد» نحو بايزيد وهي قضاء على الحدود الإيرانية تابعة لولاية «أغري».

الدراسة الحقة

بدأت دراسته الحقة في «بايزيد»، إذ لم يكن قد قرأ حتى الآن سوى مبادئ النحو والصرف، وقد قرأ إلى «الإظهار».

وفي ذلك الوقت لم يبد على سعيد ذكاء خارق أو قوة معنوية وحدها بل ظهرت عليه أيضاً حالة عجيبة كانت خارجة عن نطاق استعداده وقابليـاته كلها، بحيث إنه بعد اطلاعه على مبادئ الصرف والنحو خلال سنة أو سنتين، ظهرت عليه الحالة العجيبة، فكأنه أكمل قراءة ما يقرب من خمسين كتابا خلال ثلاثة أشهر، وقد استوعبها وأُجيز عليها وتسلم الشهادة بإكمالها.

«دامت هذه الدراسة الجادة والمكثفة ثلاثة أشهر على يد الشيخ محمد الجلالي» والغريب أنه أتم قراءة جميع الكتب المقررة للطلاب في شرقي الأناضول، ابتداءً من «ملا جامي»  إذ كان يقرأ من كل كتاب درساً أو درسين وربما إلى عشرة دروس، من دون أن يتم الكتاب ثم يبدأ بغيـره. وعندما استفسر منه أستاذه «الشيخ محمد الجلالي» عن سبب قيامه بهذا العمل -المخالف للعرف السائد- أجاب: «ليس في طوقي قراءة جميع هذه الكتب وفهمها، فهذه الكتب شبيهة بصندوق الجواهر، ومفتاحها لديكم. وكل ما أرجوه منكم إرشادي إلى ما يحتويه هذا الصندوق، أعني ماذا تبحث هذه الكتب، لكي أختار منها ما يوافق طبعي».

وعندما سأله أستاذه: «أيّ من هذه العلوم يوافق طبعك؟» أجاب: «لا أستطيع التمييز بين هذه العلوم، فكلها سواء عندي، فإما أن أفهم جميعها حق الفهم أو لا أفهم
منها شيئا».

كان يقرأ في هذه الشهور الثلاثة يومياً ما يقارب مئتي صفحة أو يزيد من متون أمهات الكتب أمثال: «جمع الجوامع» و«شرح المواقف» و«ابن حجر» مع الفهم التام من دون معونة أحد. إلى حد أنه ما كان يُسـأل سؤالا عن أي علم كان إلّا ويجيب عنه إجابة شافية، فاستغرق في القراءة والدراسة حتى انقطعت علاقته مع الحياة الاجتماعية.

وكان نادراً ما يتكلم، ويقضي معظم أوقاته عند ضريح الشيخ «أحمد الخاني»  الأديب الكردي الشهير وخاصة في الليالي، علماً أن الناس يترهبون من دخوله نهاراً. ولهذا كان الناس يقولون: إنه حظي بفيض من «أحمد الخاني» ويسندون وضعه هذا إلى كرامة الشيخ.

ثم قرر الذهاب إلى بغداد -لزيارة علمائها- وتزيا بزي الدراويش وانطلق يقطع الجبال الوعرة والغابات الكثيفة ليل نهار مشياً على الأقدام، سالكاً مسلك الزهاد، حيث بدأ بمزاولة الرياضة الروحية وممارسة التزهد، حتى هزل يوماً بعد يوم ونحل جسمه ولم يعد يطيق هذا النوع من الرياضـة، إذ كان يكتفي بقطعة من الخبز طوال ثلاثة أيام، سعياً لبلوغ حالة الحكماء الذين ينظرون إلى الرياضة الروحية إنها توقد الفكر.

واتخذ القاعدة النبوية الجليلة «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» دستوراً لحياته من زاوية التصوف الذي وصفه الإمام الغزالي في كتابه «إحياء علوم الدين» فترك كل ما فيه شبهة، حتى بدأ يقتات على الأعشاب، إلى أن وصل بتليس.

زي العلماء

«عندما كنت في الرابعة عشرة من العمر وجدت موانع حالت دون قيام أحد من الأساتذة على وضع العمامة ولفِّها على رأسي وإلباسي الجبة، كدليل على الشهادة العلمية، كما كانت العادة جارية سابقاً. فما كان لبس الجبة الخاصة بالعلماء والكبار يلائم سني الصغير..

كان العلماء في ذلك الوقت، قد اتخذوا موقف المنافس لي أو التسليم التام فلم يتمكنوا أن يتقلدوا طور الأستاذ. وحيث إن عدداً من الأولياء العظام قد ارتحلوا من الدنيا، لذا لم يجد أحد في نفسه الكفاءة ليلبسني الجبة أو يضع على رأسي العمامة.

«كان ذلك في «بتليس» عندما توجه إلى الشيخ محمد أمين أفندي وحضر يومين في حلقة درسه، وكلّفه الشيخ أن يلبس زي العلماء «الجبة» ويدع زي الدراويش ولكنه ردّ تكليفه قائلا: «إنني لم أبلغ بعدُ الحُلم، فلا أجدني لائقا بلبس ملابس العلماء، وكيف أكون عالماً وأنا مازلت صبياً؟»».

إلى الأخ الملا عبد الله

ثم ذهب إلى أخيه «الملا عبدالله» في مدينة شيروان فقال له الملا عبد الله:

لقد أنهيتُ كتاب «شرح الشمسية» فما قرأت أنت؟

بديع الزمان: لقد قرأت ثمانين كتاباً!

الملا عبد الله: ماذا تعني؟

بديع الزمان: لقد أنهيت الكتب المقررة كلها بل قرأت كتباً أخرى علاوة عليها.

الملا عبد الله: إذن سأمتحنك.

بديع الزمان: أنا مستعد. سل ما بدا لك!

ثم امتحنه الملا عبد الله بتوجيه الأسئلة إليه، ولما أصغى إلى أجوبته السديدة، قدّر فيه كفاءته العلمية، حتى اتخذه أستاذاً له، مع أن بديع الزمان كان قبل ثمانية أشهر تلميذاً لديه.

[وجرت بينهما في هذه الفترة المحاورة الآتية:]

ميزان دقيق في محاورة

«جرت بيني وبين أخي الكبير الملا عبد الله رحمه الله هذه المحاورة، سأوردها لكم:

كان أخي المرحوم من خواص مريدي الشيخ ضياء الدين  قدس سره. وهو من الأولياء الصالحين. وأهلُ الطرق الصوفية لا يرون بأساً في الإفراط في حب مرشدهم والمبالغة في حسن الظن بهم، بل يرضون بهذا الإفراط والمبالغة، لذا قال لي أخي ذات يوم: «إن الشيخ ضياء الدين على علم واسع جداً واطلاع على ما يجري في الكون، بمثل اطلاع القطب الأعظم!..»، ثم سرد الكثير من الأمثلة على خوارق أعماله وعلو مقامه.. كل ذلك ليغريني بالانتساب إليه والارتباط به.

ولكني قلت له: «يا أخي الكريم، أنت تغالي! فلو قابلت الشيخ ضياء الدين نفسه لألزمته الحجة في كثير من المسائل، وإنك لا تحبه حباً حقيقياً مثلي! لأنك يا أخي الكريم تحب ضياء الدين الذي تتخيله في ذهنك على صورة قطب أعظم له علم بما في الكون! فأنت مرتبط معه بهذا العنوان وتحبه لأجل هذه الصفة، فلو رُفع الحجاب وبانت حقيقته، لزالت محبتك له أو قلّت كثيراً! أما أنا -يا أخي- فأُحب ذلك الشخص الصالح والولي المبارك حباً شديداً بمثل حبك له، بل أوقره توقيراً يليق به وأجلّه وأحترمه كثيراً، لأنه مرشد عظيم لأهل الإيمان في طريق الحقيقة المستهدية بالسنة النبوية الشريفة. فليكن مقامه الحقيقي ما يكون، فأنا مستعد لأن أضحي بروحي لأجل خدمته الإيمانَ. فلو أُميط اللثام عن مقامه الحقيقي فلا أتراجع ولا أتخلى عنه ولا أقلل من محبتي له، بل أوثق الارتباط به أكثر، وأُوليه محبة أعظم وأبالغ في توقيره. فأنا إذن يا أخي الكريم أُحب ضياء الدين كما هو وعلى حقيقته؛ أما أنت فتحب ضياء الدين الذي في خيالك».([7])

ولما كان أخي المرحوم عالماً منصفا حقاً، فقد رضي بوجهة نظري وقبلها وقدرها».

الرجولة المبكرة

«إن مناظرة «سعيد» في ذلك الزمن البعيد لعلماء أجلاء وهو بعدُ في فترة الصبا، وإجابته عن أسئلتهم الغامضة -من دون أن يسأل أحداً- إجابة صائبة رغم كونـها في أعقد المسائل، هذه الحالة التي ظهرت، أعترف اعترافا قاطعا، وأعتقد جازماً أنها ليست ناشئة من حدة ذكائي، ولا من خارق استعدادي قط. فأنا الذي كنت صبياً صغيراً، مبتلىً بأمور كثيرة، مبتدِئاً بعد في العلوم، سارح الفكر، ومثيراً للمناقشات، فما كان في طوقي قطعا الإجابة على أسئلة علماء أفذاذ، بل كنت أُغلب في مناقشات صغار العلماء وصغار طلاب العلم، لذا فأنا على اقتناع تام بأن إجاباتي الصائبة تلك، ليست ناشئة من استعدادي ولا من ذكائي.

فلقد كنت طوال السنوات السبعيـن الماضية في حيرة من هذا الأمر، ولكن الآن -بفضل الله وإحسانه- فهمت حكمة منها وهي: أنه ستُمنح شجرةٌ طيبة لعلوم المدارس الدينية التي هي بمثابة بذرة العلوم وسيكون لخادم تلك الشجرة حسّاد ومعارضون كثيرون.

وهكذا فإن قيام أصحاب المشارب والمسالك المختلفة بين المسلمين في هذا الزمان بانتقاد عمل خدام تلك الشجرة (شجرةِ النور) ولاسيما من علماء الدين سواء بسبب المنافسة أو بسبب اختلاف المشارب، فضلا عما تثير رسائل النور كثيراً من عرق علماء الدين، كما كان دأب أهل السنة والمعتزلةِ سابقًا في دحض بعضهم بعضًا ونشرِ مؤلفاتٍ في تفنيد آراء الآخرين والظهور عليهم.. أقول بينما كان الأمر لا بد أن يؤول إلى هذا أراد الله سبحانه أن يجري الأمر على خلاف تلك العادة المتبعة منذ القدم. فألْفُ شكر وشكر لله سبحانه. وأنا على اعتقاد جازم أن سبب عدم تأليفهم أيّ كتاب لنقد رسائل النور أو الاعتراض عليها إنما هو: إجابةُ سعيد الصغير إجابة صائبة على علماء عظام، في ذلك الوقت. إذ تلك الإجابات السديدة قد فتّت من عضد شجاعتهم وجرأتهم، حتى إنهم لم يتصدوا لرسائل النور ولم يعارضوها رغم مخالفتهم لها مشرباً، ورغم ما يحملون من روح المنافسة والغيرة العلميتين.

لذا اقتنعتُ اقتناعا تاماً أن هذه هي حكمة واحدة لعدم قيام العلماء بالاعتراض على الرسائل، إذ لو بدأ الاعتراض لكان أعداؤنا المتسترون والملحدون ومن يوالونـهم يتخذون ذلك الاعتراض ذريعة مهمة جداً لتهوين شأن رسائل النور وعلماء الدين معا. فالحمد لله حمداً لا حد له، لم يقاوم رسائل النور حتى أولئك العلماء الرسميون الذين تعرضت لهم الرسائل كثيراً».


[1]  وكان والده «الصوفي ميرزا» ورعاً يُضرب به المثل، لم يذق حراماً، ولم يطعم أولاده من غير الحلال. حتى إنه إذا ما عاد بمواشيه من المرعى شد أفواهها لئلا تأكل من مزارع الآخرين.(ش) 54. وقد توفي في العشرينات ودفن في مقبرة قرية «نورس» وشاهد قبره مكتوب عليه «مرزه».

[2]  عندما سئلت والدته: ما طريقتك في تربيـة أولادك حتى حازوا هذا الذكاء النادر؟ أجابت: لم أفارق صلاة التهجد طوال حياتي إلا الأيام المعذورة شرعا. ولم أرضع أولادي إلا على طهر ووضوء. (ب/59).

[3]  وهن: درية: هي والدة «عُبيد» توفيت قبل الحرب العالمية الأولى. وخانم: وهي العالمة الفاضلة التي توفيت في الحج أثناء الطواف سنة 1945 «الشعاعات، الشعاع الحادي عشر، المسألة الحادية عشرة» ومرجان: وهي أصغرهن جميعاً.

[4]  وهم: عبد الله: توفي عام 1914 وهو والد «عبد الرحمن» تلميذ الأستاذ النورسي وابنه المعنوي. ومحمد: توفي سنة1951. وعبد المجيد: توفي سنة 1967. فأبناء السيد ميرزا بالتسلسل هم: درية، خانم، عبد الله، سعيد، محمد، عبد المجيد، مرجان.

[5]  حيث نفي إلى أرغاني ونفي الأستاذ النورسي إلى بوردور. ويقصد بالمرشدين الكثيرين رسائل النور.

[6]  ينقل شهود كثيرون أن الأستاذ النورسي كان قد ذكر في مجالسه الخاصة: أن نسبه ينتهي من جهة الأب إلى الإمام الحسن ومن جهة الأم إلى الإمام الحسين رضي الله عنهما إلا أنه لم يصرح بذلك في رسائله حفاظاً على الإخلاص وتجنبا عن إحراز مقام معنوي في نظر الناس. فمثلاً: «يا أخي إن المنتسب إلى سيدنا علي رضي الله عنه هو أنا، فما أتاني من شئ إلا من سبيله..». «Son Şahitler 1 ص240».

   ومثلا: «يا أخي صالح إنك سيد -من أهل البيت- حقاّ، ونورية كذلك سيدة، ومرزا أيضا سيد». Son Şahitler 3 ص 201 « ومثلا: «إنني سيد -من أهل البيت- ولكن احذر أن تذكر هذا لأحد، فوالدتي حسينية، ووالدي حسني». «Son Şahitler 3 ص 238».

  وقد حقق الباحثون نجم الدين شاهين أر وعبد القادر بادللي، ومحمد ملا زاهد الملازكردي، نسب الأستاذ النورسي وتوصلوا إلى الآتي: «والده: صوفي ميرزا بن علي بن خضر بن ميرزا خالد بن ميرزا رشان، من عشيرة إسباريت. أما والدته: فهي نورية بنت ملا طاهر من قرية «بلكان» التي تبعد عن قرية «نورس» ثلاث ساعات. وهي من عشيرة خاكيف. والعشيرتان من قبائل الأكراد الهكارية».

[7]  لأنك تطلب لمحبتك ثمناً غالياً جداً، إذ تفكر أن يقابل محبتك بما يفوق ثمنها مائة ضعف، والحال أن أعظم محبة لمقامه الحقيقي تظل زهيدة جداً. (المؤلف).