[ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻣﺒﺎﺣﺚ ﺫﺍﺕ ﻋـلاﻗﺎﺕ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ].

  ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ ﺍلأﻭﻝ

 ﺑِﺎِﺳْﻤِﻪِ ﺳُﺒﺤَﺎﻧَﻪُ

 ﴿ﻭَﺍِﻥْ ﻣِﻦْ ﺷَﻲﺀٍ ﺍِلا ﻳُﺴَﺒِّﺢُ ﺑِﺤَﻤْﺪِﻩُِ﴾

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (ﻓﺼﻠﺖ:36)

  ﺣﺠﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺣِﺰﺑﻪ

ﺇﻥَّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ ﺍلأﻭﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻠﺰﻡ ﺇﺑﻠﻴﺲَ ﻭﻳُﻔﺤﻢ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥَ ﻭﻳُﺴﻜﺖ ﺃﻫﻞَ ﺍﻟﻄﻐﻴﺎﻥ، ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻌـلا، ﺭﺩّﺍً ﻋﻠﻰ ﺩﺳﻴﺴﺔ ﺷﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﺭﻫﻴﺒﺔ، ﺳﺎﻗﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺣﻴﺎﺩﻳﺔ. ﻭﻗﺪ ﻛﺘﺒﺖُ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻗﺒﻞ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻣُﺠﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻮﺍﻣﻊ ﻭﺃﺫﻛﺮﻫﺎ ﺍلآﻥ:

ﻗﺒﻞ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺑﺈﺣﺪﻯ ﻋﺸﺮﺓ ﺳﻨﺔ ﻛﻨﺖُ ﺃﻧﺼﺖ ﻳﻮﻣﺎً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻦ ﺣﻔّﺎﻅ ﻛﺮﺍﻡ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﺑﺎﻳﺰﻳﺪ ﺑﺎﺳﺘﺎﻧﺒﻮﻝ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻲ ﺃﺳﻤﻊ ﻛﺄﻥ ﺻﻮﺗﺎً ﻣﻌﻨﻮﻳﺎً، ﺻﺮﻑَ ﺫﻫﻨﻲ ﺇﻟﻴﻪ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﺭﻯ ﺷﺨﺼَﻪ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ، ﻓﺄﻋﺮﺕُ ﻟﻪ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﺧﻴﺎلا، ﻭﻭﺟﺪﺗُﻪ ﻳﻘﻮﻝ:

– ﺇﻧﻚ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺳﺎﻣﻴﺎً ﺟﺪﺍً ﻭلاﻣﻌﺎً ﺟﺪﺍً، ﻓﻬﻠّﺎ ﻧﻈﺮﺕَ ﺇﻟﻴﻪ ﻧﻈﺮﺓ ﺣﻴﺎﺩﻳﺔ، ﻭﻭﺍﺯﻧﺘَﻪ ﺑﻤﻴﺰﺍﻥ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺣﻴﺎﺩﻳﺔ. ﺃﻋﻨﻰ: ﺍﻓﺮﺽ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥَ ﻗﻮﻝ ﺑﺸﺮ، ﺛﻢ ﺍﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻫﻞ ﺗﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺰﺍﻳﺎ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺳﻦ؟!

ﺍﻏﺘﺮﺭﺕ ﺑﻪ -ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ- ﻓﺎﻓﺘﺮﺿﺖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻗﻮﻝَ ﺑﺸﺮ، ﻭﻧﻈﺮﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻲ ﺃﺭﻯ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﻇـلاﻡ ﺩﺍﻣﺲ. ﻓﻘﺪ ﺍﻧﻄﻔﺄﺕ ﺃﺿﻮﺍﺀُ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺴﺎﻃﻌﺔ، ﻭﻋﻢّ ﺍﻟﻈـلاﻡ ﺍلأﺭﺟﺎﺀَ ﻛﻤﺎ ﻳﻌﻢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﻛﻠَّﻪ ﺇﺫﺍ ﻣﺲ ﺃﺣﺪُﻫﻢ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ.

ﻓﻌﻠﻤﺖ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺃﻥَّ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ﻣﻌﻲ ﻫﻮ ﺷﻴﻄﺎﻥٌ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻮﻗﻌﻨﻲ ﻓﻲ ﻫﺎﻭﻳﺔ. ﻓﺎﺳﺘﻌﺼﻤﺖُ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻨﻮﺭ ﻳﻘﺬﻓﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ، ﺃﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻪ، ﻗﻮﻳﺎً ﻗﺎﺩﺭﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ. ﻭﺣﻴﻨﻬﺎ ﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮﺓُ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍلآﺗﻲ:

ﻗﻠﺖ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ! ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺩﻳﺔ، ﺩﻭﻥ ﺍﻧﺤﻴﺎﺯ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ، ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﻣﻮﺿﻊٍ ﻭﺳﻂ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ، ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮ ﺇﻟﻴﻬﺎ -ﺃﻧﺖ ﻭﺗـلاﻣﻴﺬﻙ ﻣﻦ ﺍلإﻧﺲ- ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡُ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ. ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺣﻴﺎﺩﻳﺔ، ﺑﻞ ﺧﺮﻭﺝٌ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺆﻗﺘﺎً، ﺫﻟﻚ لأﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻧﻪ ﻛـلاﻡُ ﺑﺸﺮ ﻭﺇﺟﺮﺍﺀ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺿﻮﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻟّﺎ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﺃﺳﺎﺳﺎً، ﻭﺍﻟﺘﺰﺍﻡٌ ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ ﺃﺻـلا. ﻭﻟﻴﺲ ﺃﻣﺮﺍً ﺣﻴﺎﺩﻳﺎً، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺍﻧﺤﻴﺎﺯ ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ ﻭﻣﻮﺍلاﺓ ﻟﻪ.

ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ: ﺍﻓﺮﺿﻪ ﻛـلاﻣﺎً ﻭﺳﻄﺎً، لا ﺗﻘﻞ ﺃﻧﻪ ﻛـلاﻡ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭلا ﻛـلاﻡ ﺑﺸﺮ.

ﻗﻠﺖ: ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻳﻀﺎً لا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﻄﻌﺎً. لأﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻭُﺟِﺪ ﻣﺎﻝٌ ﻣﻨﺎﺯَﻉ ﻓﻴﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺪّﻋﻴﺎﻥ ﻣﺘﻘﺎﺭﺑَﻴﻦ ﺃﻱ ﻗﺮﻳﺒﻴﻦ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻜﺎﻧﺎً، ﺣﻴﻨﺌﺬٍ ﻳﻮﺿﻊُ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻟﺪﻯ ﺷﺨﺺ ﻏﻴﺮِﻫﻤﺎ. ﺃﻭ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﺗﻨﺎﻟﻪ ﺃﻳﺪﻳﻬُﻤﺎ. ﻓﺄﻳّﻤﺎ ﺍﻟﻄﺮﻓَﻴﻦ ﺃﻗﺎﻡ ﺍﻟﺤﺠﺔَ ﻋﻠﻰ ﺍلآﺧﺮ، ﻭﺃﺛﺒﺖَ ﺩﻋﻮﺍﻩ، ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻤﺎﻝَ. ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺪّﻋﻴﺎﻥ ﻣﺘﺒﺎﻋﺪَﻳﻦ، ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻋﻦ ﺍلآﺧﺮ ﻏﺎﻳﺔَ ﺍﻟﺒﻌﺪ، ﻛﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﺪُﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ ﻭﺍلآﺧﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﻳُﺘﺮﻙ ﺍﻟﻤﺎﻝُ ﻟﺪﻯ «ﺫﻱ ﺍﻟﻴﺪ» ﻣﻨﻬﻤﺎ، ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ. ﺫﻟﻚ لأﻧﻪ لا ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺮﻙَ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊٍ ﻭﺳﻂ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻣﺘﺎﻉٌ ﺛﻤﻴﻦ ﻭﺑﻀﺎﻋﺔٌ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻭﻣﺎﻝٌ ﺭﻓﻴﻊ ﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺒُﻌﺪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ، ﺑﻌﺪٌ ﻣﻄﻠﻖ لا ﻳﺤﺪّﻩ ﺣﺪ، ﺇﺫ ﻫﻮ ﺍﻟﺒُﻌﺪ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻛـلاﻡ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﻛـلاﻡ ﺑﺸﺮ. ﻭﻟﻬﺬﺍ لا ﻳﻤﻜﻦ ﻭﺿﻊُ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ، ﺇﺫ لا ﻭﺳﻂَ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺇﻃـلاﻗﺎً. لأﻧﻬﻤﺎ ﻛﺎﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺍﻟﻌﺪﻡ، ﻓـلا ﻭﺳﻂ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ. ﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻴﺪ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍلإﻟﻬﻲ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻘﺒﻞ ﺍلأﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ﻭﺳَﻮﻕ ﺍلأﺩﻟﺔ ﻓﻲ ﺿﻮﺋﻬﺎ ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﺑﻴﺪﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ. ﺇﻟّﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻄﺮﻑُ ﺍلآﺧﺮ ﺩﺣﺾَ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺒﺮﺍﻫﻴﻦ ﺍﻟﻤﺸﻴﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻛـلاﻡ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺗﻔﻨﻴﺪﻫﺎ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺗﻠﻮ ﺍلآﺧﺮ، ﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻤﺪّ ﻳﺪَﻩ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺇﻟّﺎ ﻓـلا.

ﻫﻴﻬﺎﺕ! ﻣﻦ ﺫﺍ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺰﺣﺰﺡ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﺭّﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺜﺒﺘﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮﺵ ﺍلأﻋﻈﻢ ﺑﺂلاﻑ ﻣﻦ ﻣﺜﺒﺘﺎﺕ ﺍﻟﺒﺮﺍﻫﻴﻦ ﺍﻟﺪﺍﻣﻐﺔ، ﻭﺃﻧّﻰ لأﺣﺪٍ ﺍﻟﺠﺮﺃﺓ ﻋﻠﻰ ﻫﺪﻡ ﺩلاﺋﻞ ﺍلأﻋﻤﺪﺓ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ، ﻟﻴﺴﻘﻂ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﺭّﺓ ﺍﻟﻨﻔﻴﺴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺍﻟﺴﺎﻣﻲ.

ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ! ﺇﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍلإﻧﺼﺎﻑ ﻳﺤﺎﻛﻤﻮﻥ ﺍلأﻣﻮﺭ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻔﻚ. ﺑﻞ ﻳﺰﺩﺍﺩﻭﻥ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺄﺻﻐﺮ ﺩﻟﻴﻞ.

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻧﺖ ﻭﺗـلاﻣﻴﺬﻙ، ﺃﻱ ﻟﻮ ﺍﻓﺘﺮﺽ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛـلاﻡ ﺑﺸﺮ، ﻭﻟﻮ ﻟﻤﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﺃﻱ ﻟﻮ ﺃﺳﻘﻄﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﺭﺓ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮﺵ، ﺇﻟﻰ ﺍلأﺭﺽ، ﻓﻴﻠﺰﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻗﻮﻱ ﻭﻋﻈﻴﻢ ﻳﻌﻠﻮ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺒﺮﺍﻫﻴﻦ ﻭﻳﺘﺴﻊ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺪلاﺋﻞ، ﻛﻲ ﻳﻘﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍلاﺭﺗﻔﺎﻉ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺍلأﺭﺽ ﻭﻳﺜﺒﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻱ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻭﺣﺪﻩ ﻳﻨﺠﻮ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺃﻭﻫﺎﻣﻪ ﻭﻳﺒﻠﻎ ﻧﻮﺭ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﻳﺪﺭﻛﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﻋﺴﻴﺮ ﻗﻠّﻤﺎ ﻳﻮﻓﻖ ﺍﻟﻤﺮﺀُ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﻔﻘﺪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺇﻳﻤﺎﻧَﻬﻢ ﺑﺪﺳﻴﺴﺘﻚ ﺍﻟﻤﻠﻔﻌﺔ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺩﻳﺔ.

ﺍﻧﺒﺮﻯ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻗﺎﺋـلا: ﺇﻥَّ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﺒﻴﻪٌ ﺑﻜـلاﻡ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻓﻬﻮ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺤﺎﻭﺭﺍﺗﻪ ﻓﻲ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﻣﺤﺎﻭﺭﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻓﺈﺫﻥ ﻫﻮ ﻛـلاﻡُ ﺑﺸﺮ! ﺇﺫ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻛـلاﻡُ ﺍﻟﻠﻪ، ﻟﻜﺎﻥ ﺧﺎﺭﻗﺎً ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺟﻬﺎﺗﻪ، ﺑﻤﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭلا ﻳﺸﺒﻪ ﻛـلاﻡَ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻣﺜﻠﻤﺎ لا ﺗﺸﺒﻪ ﺻﻨﻌﺔُ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻨﻌﺔَ ﺑﺸﺮ!

ﻓﻘﻠﺖ ﺟﻮﺍﺑﺎً: ﺇﻥَّ ﺭﺳﻮﻟﻨﺎ ﺍلأﻋﻈﻢ صلى الله عليه وسلم ﻇَﻞَّ ﻓﻲ ﻃﻮﺭ ﺑﺸﺮﻳﺘﻪ ﻓﻲ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﻭﺃﻃﻮﺍﺭﻩ ﻛﻠِّﻬﺎ -ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﻣﻌﺠﺰﺍﺗﻪ ﻭﺧﺼﺎﺋﺼﻪ- ﻓﺎﻧﻘﺎﺩَ ﺍﻧﻘﻴﺎﺩ ﻃﺎﻋﺔٍ ﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﻭﺍﻣِﺮﻩ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻨﻴﺔ، ﻛﺄﻱ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺁﺧﺮ. ﻓﻜﺎﻥ ﻳﻘﺎﺳﻲ ﺍﻟﺒﺮﺩَ ﻭﻳﻌﺎﻧﻲ ﺍلأﻟﻢ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻟﻢ ﻳُﻮﻫﺐ ﻟﻪ ﺧﻮﺍﺭﻕُ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﻭﺃﻃﻮﺍﺭﻩ ﻛﻠِّﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻗﺪﻭﺓً ﻟـلاﻣﺔ ﺑﺄﻓﻌﺎﻟﻪ، ﻭﻣﺮﺷﺪﺍً ﻟﻬﻢ ﺑﺄﻃﻮﺍﺭﻩ، ﻭﻫﺎﺩﻳﺎً ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻛﺎﻓﺔ ﺑﺤﺮﻛﺎﺗﻪ ﻭﺳﻜﻨﺎﺗﻪ. ﺇﺫ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺧﺎﺭﻗﺎً ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﻃﻮﺍﺭﻩ ﻟَﻤَﺎ ﺗﺴﻨّﻰ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻣﺎﻣﺎً ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻛﺎﻓﺔ، ﻭﻗﺪﻭﺓً ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺷﺆﻭﻧﻪ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ، ﻭﻟَﻤَﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺮﺷﺪﺍً ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻛﺎﻓﺔ، ﻭﻟَﻤَﺎ ﻛﺎﻥ ﺭﺣﻤﺔً ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ.

ﻛﺬﻟﻚ ﺍلأﻣﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ، ﺇﺫ ﻫﻮ ﺇﻣﺎﻡُ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﻭﻣﺮﺷﺪُ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍلإﻧﺲ ﻭﻫﺎﺩﻱ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﻴﻦ ﻭﻣﻌﻠﻢُ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻓﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻧﻤﻂ ﻣﺤﺎﻭﺭﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺃﺳﻠﻮﺑﻪ، لأﻥ ﺍلإﻧﺲ ﻭﺍﻟﺠﻦ ﻳﺴﺘﻠﻬﻤﻮﻥ ﻣﻨﺎﺟﺎﺗﻬﻢ ﻣﻨﻪ، ﻭﻳﺘﻌﻠﻤﻮﻥ ﺩﻋﻮﺍﺗِﻬﻢ ﻣﻨﻪ، ﻭﻳﺬﻛﺮﻭﻥ ﻣﺴﺎﺋﻠﻬﻢ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ، ﻭﻳﺘﻌﺮّﻓﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﺁﺩﺍﺏ ﻣﻌﺎﺷﺮﺗﻬﻢ.. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺘﺨﺬﻩ ﻛﻞ ﻣﺆﻣﻦ ﺑﻪ، ﺇﻣﺎﻣﺎً ﻟﻪ ﻭﻣﺮﺟﻌﺎً ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ.

ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥُ ﻋﻠﻰ ﻧﻤﻂ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﺍلإﻟﻬﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻤﻌﻪ ﺳﻴﺪُﻧﺎ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻓﻲ «ﺟﺒﻞ ﺍﻟﻄﻮﺭ» ﻟﻤﺎ ﺃﻃﺎﻕ ﺍﻟﺒﺸﺮُ ﺳﻤﺎﻋَﻪ ﻭلا ﻗَﺪَﺭ ﻋﻠﻰ ﺍلإﻧﺼﺎﺕ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭلا ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻣﺮﺟﻌﺎً ﻟﺸﺆﻭﻧﻪ ﻛﺎﻓﺔ. ﻓﺴﻴﺪُﻧﺎ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ، ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻟﻌﺰﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﻞ، ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻤﻞ ﺇﻟّﺎ ﺳﻤﺎﻉ ﺑﻌﺾٍ ﻣﻦ ﻛـلاﻣﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ: ﺃﻫﻜﺬﺍ ﻛـلاﻣﻚ؟ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ: ﻟﻲ ﻗﻮﺓ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﻟﺴﻨﺔ.

ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻋﺎﺩ ﻗﺎﺋـلا: ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺬﻛﺮﻭﻥ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﺃلا ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺒﺸﺮ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺸﻲﺀ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ؟

ﻓﻘﻠﺖ ﻣﺴﺘﻠﻬﻤﺎً ﻣﻦ ﻓﻴﺾ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ:

 ﺃﻭلا: ﺇﻥ ﺫﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻳﺒﻴّﻦ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻳﻘﻮﻝ: ﺍﻟﺤﻖ ﻛﺬﺍ، ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻜﺬﺍ، ﻭﺃﻣﺮُ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﺬﺍ.. ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺑﺪﺍﻓﻊ ﺣﺒِّﻪ ﻟﻠﺪﻳﻦ، ﻭلا ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﺴﺐ ﻫﻮﺍﻩ، ﻭلا ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻃﻮﺭَﻩ ﺑﻤﺎ لا ﺣﺪّ ﻟﻪ، ﺑﺄﻥ ﻳﺪّﻋﻲ ﺃﻧﻪ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻭ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻨﻪ ﻓﻴﻘﻠّﺪﻩ ﻓﻲ ﻛـلاﻣﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﺑﻞ ﺗﺮﺗﻌﺪ ﻓﺮﺍﺋﺼُﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍلإﻟﻬﻲ ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ﴾ (ﺍﻟﺰﻣﺮ:32).

ﺛﺎﻧﻴﺎً: ﺇﻧَّﻪ لا ﻳﻤﻜﻦ ﺑﺤﺎﻝ ﻣﻦ ﺍلأﺣﻮﺍﻝ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺸﺮٌ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺛﻢ ﻳﻮﻓّﻖ ﻓﻴﻪ، ﺑﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺤﺎﻝ. لأﻥ ﺃﺷﺨﺎﺻﺎً ﻣﺘﻘﺎﺭﺑﻴﻦ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻘﻠﺪ ﺃﺣﺪُﻫﻢ ﺍلأﺧﺮ. ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻤﻦ ﻫﻢ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﻭ ﺻﻨﻒ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﻤّﺺ ﺃﺣﺪُﻫﻢ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍلآﺧﺮ، ﻓﻴﺴﺘﻐﻔﻠﻮﺍ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺆﻗﺘﺎً. ﻭﻟﻜﻦ لا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻐﻔﻞ ﺃﺣﺪُﻫﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺩﺍﺋﻤﺔ. ﺇﺫ ﺳﻴﻈﻬﺮ لأﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﺼﻨﻊ ﻭﺍﻟﺘﻜﻠﻒ ﻓﻲ ﺃﻃﻮﺍﺭﻩ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ لا ﻣﺤﺎﻟﺔ. ﻭلاﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻨﻜﺸﻒ ﻛﺬﺑُﻪ ﻳﻮﻣﺎً، ﻓـلا ﺗﺪﻭﻡ ﺣﻴﻠﺘُﻪ ﻗﻂ. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺒﻌﺪ، ﻛﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﺨﺼﺎً ﺍﻋﺘﻴﺎﺩﻳﺎً ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻠﺪ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﺃﻭ ﺭﺍﻋﻴﺎً ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻈﻬﺮ ﺑﻤﻈﻬﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻓﻲ ﻣُﻠﻜﻪ، ﻓـلا ﻳﺘﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺨﺪﻉ ﺃﺣﺪﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺑﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﺳﺘﻬﺰﺍﺀ ﻭﺳﺨﺮﻳﺔ، ﺇﺫ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﺳﺘﺼﺮﺥ: ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺧﺪّﺍﻉ.

ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻣﺤﺎﻝ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻴﺮﺍﻋﺔ (ﺫﺑﺎﺑﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ) لأﻫﻞ ﺍﻟﺮﺻﺪ ﻭﺍﻟﻔﻠﻚ ﺑﻤﻈﻬﺮ ﻧﺠﻢ ﺣﻘﻴﻘﻲ، ﻃﻮﺍﻝ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ، ﺩﻭﻥ ﺗﻜﻠﻒ! ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻣﺤﺎﻝ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺬﺑﺎﺏ ﺑﻤﻈﻬﺮ ﺍﻟﻄﺎﻭﻭﺱ ﻟﺬﻭﻱ ﺍلأﺑﺼﺎﺭ، ﻃﻮﺍﻝ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﺩﻭﻥ ﺗﺼﻨﻊ! ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻣﺤﺎﻝ ﺗﻘﻤﺺ ﺟﻨﺪﻱ ﺍﻋﺘﻴﺎﺩﻱ ﻃﻮﺭ ﻣﺸﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﺍﻋﺘـلاﺀ ﻣﻘﺎﻣﻪ، ﻣﺪﺓ ﻣﺪﻳﺪﺓ، ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﺸﻒ ﺃﺣﺪٌ ﺧﺪﺍﻋﻪ. ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻣﺤﺎﻝ ﻇﻬﻮﺭ ﻣﻔﺘﺮٍ ﻛﺎﺫﺏ لا ﺇﻳﻤﺎﻥ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻃﻮﺭ ﺃﺻﺪﻕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﺃﺭﺳﺨﻬﻢ ﻋﻘﻴﺪﺓ، ﻃﻮﺍﻝ ﺣﻴﺎﺗﻪ، ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻧﻈﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﻔﺤﺼﻴﻦ ﺍﻟﻤﺪﻗﻘﻴﻦ، ﺑـلا ﺗﺮﺩﺩ ﻭلا ﺍﺿﻄﺮﺍﺏ، ﻭﻳﺨﻔﻲ ﺗﺼﻨﻌﻪ ﻋﻦ ﺃﻧﻈﺎﺭ ﺍﻟﺪﻫﺎﺓ..

ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻣﺜﻠﺔ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺤﺎﻝ، ﻭلا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺼﺪّﻗﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﺴﻜﺔ ﻣﻦ ﻋﻘﻞ، ﺑﻞ لاﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺤﻜﻢ ﺃﻧﻬﺎ ﻫﺬﻳﺎﻥ ﻭﺟﻨﻮﻥ.. ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛـلاﻡ ﺑﺸﺮ -ﺣﺎﺵ ﻟﻠﻪ ﺃﻟﻒ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ ﺣﺎﺵ ﻟﻠﻪ- ﺇﺫ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﻋﺪّ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﺒﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻧﺠﻢ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟـلاﻣﻊ، ﺑﻞ ﺷﻤﺲُ ﺍﻟﻜﻤﺎلاﺕ ﺍﻟﺴﺎﻃﻌﺔ، ﺗﺸﻊ ﺩﻭﻣﺎً ﺃﻧﻮﺍﺭَ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻓﻲ ﺳﻤﺎﺀ ﻋﺎﻟﻢ ﺍلإﺳـلاﻡ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺸﺎﻫﺪ.. ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻋﺪّ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﺴﺎﻃﻊ ﺑﺼﻴﺼﺎً ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻣﺘﺼﻨﻊ، ﻳﺼﻮﻏﻪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﺨﺮﺍﻓﺎﺕ (ﺣﺎﺵ ﻟﻠﻪ ﺃﻟﻒ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ) ﻭﺍلأﻗﺮﺑﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﻭﺍﻟﻤﺪﻗﻘﻮﻥ لأﺣﻮﺍﻟﻪ لا ﻳﻤﻴﺰﻭﻥ ﺫﻟﻚ، ﺑﻞ ﻳﺮﻭﻧﻪ ﻧﺠﻤﺎً ﻋﺎﻟﻴﺎً ﻭﻣﻨﺒﻌﺎً ﺛﺮﺍً ﻟﻠﺤﻘﺎﺋﻖ! ﻭﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺇﻟّﺎ ﻣﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺤﺎﻝ. ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻧﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﺇﻥ ﺗﻤﺎﺩﻳﺖ ﻓﻲ ﺧﺒﺜﻚ ﻭﺩﺳﺎﺋﺴﻚ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍلآﻥ، ﻓﻠﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺠﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﻣﻤﻜﻨﺎً، ﻭﻟﻦ ﺗﻘﻨﻊ ﺑﻪ ﻋﻘـلا ﺳﻠﻴﻤﺎً ﻗﻂ. ﻭﻟﻜﻨﻚ ﺗﻐﺮﺭ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﺑﺈﺭﺍﺀﺗﻬﻢ ﺍلأﻣﻮﺭ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻓﺘﺮﻳﻬﻢ ﺍﻟﻨﺠﻢ ﺍﻟـلاﻣﻊ ﺻﻐﻴﺮﺍً ﻛﺎﻟﻴﺮﺍﻋﺔ.

ﺛﺎﻟﺜﺎً: ﺇﻥَّ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛـلاﻡ ﺑﺸﺮ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻭﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺫﻱ ﺍﻟﻤﺰﺍﻳﺎ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ، ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﻟﻜﻞ ﺭﻃﺐ ﻭﻳﺎﺑﺲ، ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ ﺁﺛﺎﺭ ﺟﻠﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍلإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺑﺎﻫﺮﺓ ﻭﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﻃﻴﺒﺔ ﻣﺒﺎﺭﻛﺔ ﻭﻧﺘﺎﺋﺞ ﻗﻴﻤﺔ -ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺸﺎﻫﺪ- ﺇﺫ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻔﺚ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﻳﺒﻌﺚ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻳﻮﺻﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ.. ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻭﺣﻘﺎﺋﻘﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﺧﺘـلاﻕ ﻭﺍﻓﺘﺮﺍﺀ ﺇﻧﺴﺎﻥ لا ﻋﻠﻢ ﻟﻪ ﻭلا ﻣﻌﻴﻦ، ﻭﻳﻠﺰﻡ ﺃﻟّﺎ ﻳﺸﺎﻫِﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺪﻫﺎﺓ ﺍﻟﻔﻄﻨﻮﻥ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻤﺘﻔﺤﺼﻮﻥ لأﺣﻮﺍﻟﻪ، ﺃﻳﺔ ﻋـلاﻣﺔ ﻣﻦ ﻋـلاﺋﻢ ﺍﻟﺨﺪﺍﻉ ﻭﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻪ ﺑﻞ ﻳﺮﻭﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺇﺧـلاﺻﻪ ﻭﺛﺒﺎﺗﻪ ﻭﺟﺪّﻳﺘﻪ. ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺤﺎﻝ ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻇﻬﺮ ﻓﻲ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﻭﺃﻗﻮﺍﻟﻪ ﻭﺣﺮﻛﺎﺗﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﻃﻮﺍﻝ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍلأﻣﺎﻧﺔ ﻭﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍلأﻣﺎﻥ ﻭﺍلإﺧـلاﺹ ﻭﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍلاﺳﺘﻘﺎﻣﺔ، ﻭﺃﺭﺷﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺭﺑّﻰ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺼﺎﻝ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ.. ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ -ﺑﺬﻟﻚ ﺍلاﻓﺘﺮﺍﺽ- ﻣﻤﻦ لا ﻳﻮﺛﻖ ﺑﻪ، ﻭلا ﺇﺧـلاﺹ ﻟﻪ ﻭلا ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻘﻴﺪﺓ.. ﻭﻣﺎ ﺫﻟﻚ ﺇﻟّﺎ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻀﺎﻋﻒ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻭﻣﺎ ﺫﻟﻚ ﺇﻟّﺎ ﻫﺬﻳﺎﻥ ﻛﻔﺮﻱ ﻳﺨﺠﻞ ﻣﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ.. ﺫﻟﻚ لأﻥ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ لا ﻭﺳﻂ ﻟﻬﺎ. ﺇﺫ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ -ﺑﻔﺮﺽ ﻣﺤﺎﻝ- ﻛـلاﻡ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻬﻮﻯ ﺳﺎﻗﻄﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺍلأﻋﻈﻢ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺭﺽ. ﻭلا ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺳﻂ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻣﻨﺒﻊ ﺍﻟﺨﺮﺍﻓﺎﺕ، ﻭﻫﻮ ﻣﺠﻤﻊ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻤﺤﻀﺔ، ﻭﻛﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻇﻬﺮ ﺫﻟﻚ ﺍلأﻣﺮ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺭﺳﻮلا -ﺣﺎﺵَ ﻟﻠﻪ ﺛﻢ ﺣﺎﺵ ﻟﻠﻪ- ﻳﻠﺰﻡ ﺑﻬﺬﺍ ﺍلاﻓﺘﺮﺍﺽ- ﺃﻥْ ﻳﻬﻮﻱ ﻣﻦ ﺃﻋﻠﻰ ﻋﻠﻴﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﻔﻞ ﺳﺎﻓﻠﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻨﺒﻊ ﺍﻟﻜﻤﺎلاﺕ ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺪﻥ ﺍﻟﺪﺳﺎﺋﺲ، ﻭلا ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺳﻂ. ﺫﻟﻚ لأﻥَّ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺘﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻳﻜﺬﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﺴﻘﻂ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﻧﻰ ﺍﻟﺪﺭﻛﺎﺕ.

ﺇﻥَّ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺬﺑﺎﺏ ﻃﺎﻭﻭﺳﺎً ﺭﺅﻳﺔ ﺩﺍﺋﻤﺔ، ﻭﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺃﻭﺻﺎﻑ ﺍﻟﻄﺎﻭﻭﺱ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﺑﺎﺏ ﻛﻢ ﻫﻲ ﻣﺤﺎﻝ ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺃﻳﻀﺎً ﻣﺤﺎﻝ ﻣﺜﻠﻪ، ﻭلا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﺍﺣﺘﻤﺎلا ﻗﻂ ﺇﻟّﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺳﻜﻴﺮﺍً ﻓﺎﻗﺪ ﺍﻟﻌﻘﻞ.

ﺭﺍﺑﻌﺎً: ﺇﻥَّ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻛـلاﻡ ﺑﺸﺮ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥْ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﻭﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﻟـلاﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ، ﺍﻟﻤﻤﺜﻠﺔ لأﻋﻈﻢ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻭﺟﻴﺶ ﻓﻲ ﺑﻨﻰ ﺁﺩﻡ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻘﻮﺍﻧﻴﻨﻪ ﺍﻟﺮﺻﻴﻨﺔ ﻭﺩﺳﺎﺗﻴﺮﻩ ﺍﻟﺮﺍﺳﺨﺔ ﻭﺃﻭﺍﻣﺮﻩ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﺃﻥ ﻳﻐﺰﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻛـلا ﺍﻟﻌﺎﻟَﻤﻴﻦ ﻭﻳﻔﺘﺢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍلآﺧﺮﺓ، ﺑﻤﺎ ﺃﻋﻄﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﻧﻈﺎﻡ ﻟﺘﺴﻴﻴﺮ ﺃﺣﻮﺍﻟﻬﻢ ﻭﺗﻨﺴﻴﻖ ﺷﺆﻭﻧﻬﻢ، ﻭﺑﻤﺎ ﺟﻬّﺰﻫﻢ ﺑﺄﻋﺘﺪﺓ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﻭﻣﺎﺩﻳﺔ، ﻭﻋﻠّﻢ ﻋﻘﻮﻝَ ﺍلأﻓﺮﺍﺩ -ﻛﻞ ﺣﺴﺐ ﺩﺭﺟﺘﻪ- ﻭﺭﺑّﻰ ﻗﻠﻮﺑَﻬﻢ ﻭﺳﺨّﺮ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ ﻭﻃﻬّﺮ ﻭﺟﺪﺍﻧﻬﻢ ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﻡ ﺟﻮﺍﺭﺣﻬﻢ -ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺸﺎﻫﺪ- ﻓﻴﻠﺰﻡ ﺑﺬﻟﻚ ﺍلاﻓﺘﺮﺍﺽ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛـلاﻣﺎً ﻣﻠﻔﻘﺎً لا ﻗﻮﺓ ﻟﻪ ﻭلا ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻭلا ﺃﺻﻞ -ﺣﺎﺵ ﻟﻠﻪ ﺛﻢ ﺣﺎﺵ ﻟﻠﻪ- ﺃﻱ ﻳﻠﺰﻡ ﻗﺒﻮﻝ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻝ. ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﻀﻰ ﺣﻴﺎﺗَﻪ ﻣﻨﻘﺎﺩﺍً ﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﺮﺷﺪﺍً ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻭﻋﻠّﻢ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺩﺳﺎﺗﻴﺮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﺑﺄﻓﻌﺎﻟﻪ ﺍﻟﺨﺎﻟﺼﺔ ﻭﺃﻇﻬﺮ ﺃﺻﻮﻝ ﺍلاﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺑﺄﻗﻮﺍﻟﻪ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﺍﻟﻤﻌﻘﻮﻟﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺧﺸﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻪ ﻭﺃﻋﺮﻓﻬﻢ ﺑﻪ، ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺮّﻓﻪ ﺑﻬﻢ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺳﻴﺮﺗﻪ ﺍﻟﻌﻄﺮﺓ ﺣﺘﻰ ﺍﻧﻀﻮﻯ ﺗﺤﺖ ﻟﻮﺍﺋﻪ ﺧُﻤﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﻧﺼﻒ ﺍﻟﻜﺮﺓ ﺍلأﺭﺿﻴﺔ ﻃﻮﺍﻝ ﺃﻟﻒ ﻭﺛـلاﺋﻤﺎﺋﺔ ﻭﺧﻤﺴﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً، ﻓﻜﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺎﺋﺪﺍً ﺭﺍﺋﺪﺍً ﻟـلأﻣﺔ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻫﺰّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﺟﻤﻊ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺣﻘﺎً ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ، ﺑﻞ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ.. ﻓﻴﻠﺰﻡ ﺑﻬﺬﺍ ﺍلاﻓﺘﺮﺍﺽ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺭﻑ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭلا ﻳﺨﺸﻰ ﻋﺬﺍﺑﻪ ﻭﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻋﺎﺩﻱ، ﺃﻱ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﺭﺗﻜﺎﺏ ﻣﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺤﺎﻝ. لأﻥ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ لا ﻭﺳﻂ ﻟﻬﺎ، ﺇﺫ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻛـلاﻡ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺳﻘﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺍلأﻋﻈﻢ، لا ﻳﻘﺪﺭ ﺃﻥ ﻳﻈﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺑﻞ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻀﺎﻋﺔ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻜﺬﺍﺑﻴﻦ ﻓﻲ ﺍلأﺭﺽ.

ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻟﻮ ﺗﻀﺎﻋﻔﺖ ﺩﺳﺎﺋﺴﻚ ﻣﺎﺋﺔ ﺿﻌﻒ ﻟَﻤَﺎ ﺃﻗﻨﻌﺖ ﺑﻬﺬﺍ ﺍلاﻓﺘﺮﺍﺽ ﻣﻦ ﻳﻤﻠﻚ ﻋﻘـلا ﻟﻢ ﻳﻔﺴﺪ ﻭﻗﻠﺒﺎً ﻟﻢ ﻳﺘﻔﺴﺦ.

ﺍﻧﺒﺮﻯ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻗﺎﺋـلا:

ﻛﻴﻒ لا ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﻏﻮﻳﻬﻢ؟ ﻓﻠﻘﺪ ﺩﻓﻌﺖُ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﻌﻘـلاﺀ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ ﺧﺎﺻﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺇﻧﻜﺎﺭ ﻧﺒﻮﺓ ﻣﺤﻤﺪ

  ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ:

  ﺃﻭلا: ﺇﺫﺍ ﻧُﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻛﺒﺮ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺑﻌﻴﺪﺓ، ﻳﻈﻬﺮ ﻛﺄﻧﻪ ﺷﻲﺀ ﺻﻐﻴﺮ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ. ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻤﻦ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻧﺠﻢ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﺿﻮﺀﻩ ﻛﺎﻟﺸﻤﻌﺔ.

  ﺛﺎﻧﻴﺎً: ﺇﻥَّ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﺒﻌﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻄﺤﻲ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝَ ﻛﺎﻟﻤﻤﻜﻦ. ﻳﺮﻭﻯ ﺃﻥَّ ﺷﻴﺨﺎً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻟﺮﺅﻳﺔ ﻫـلاﻝ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﻭﻗﺪ ﻧﺰﻟﺖ ﺷﻌﺮﺓٌ ﺑﻴﻀﺎﺀ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺒﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﻴﻨﻪ، ﻓﻈﻨﻬﺎ ﺍﻟﻬـلاﻝ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻟﻘﺪ ﺷﺎﻫﺪﺕُ ﺍﻟﻬـلاﻝ!!

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﺃﻥْ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﻌﺮﺓ ﻫـلالا. ﻭﻟﻜﻦ لأﻧﻪ ﻗﺪ ﻗﺼﺪ ﻓﻲ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﺍﻟﻬـلاﻝ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻭﺗﺮﺍﺀﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﻌﺮﺓ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻓﻈﻬﺮﺕ ﻟﻪ ﻇﻬﻮﺭﺍً ﺗﺒﻌﻴﺎً -ﺃﻱ ﺛﺎﻧﻮﻳﺎً- ﻟﺬﺍ ﺗﻠﻘّﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﻣﻤﻜﻨﺎً.

ﺛﺎﻟﺜﺎً: ﺇﻥَّ ﺍلإﻧﻜﺎﺭ ﺷﻲﺀ ﻭﻋﺪﻡَ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﻓﺾَ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ. ﺇﺫ ﺇﻥَّ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻫﻮ ﻋﺪﻡُ ﻣﺒﺎلاﺓ، ﻓﻬﻮ ﺇﻏﻤﺎﺽ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻭﻧﻔﻲٌ ﺑﺠﻬﺎﻟﺔ، ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺤُﻜﻢ. ﻭﺑﻬﺬﺍ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺘﺮ ﻛﺜﻴﺮٌ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎلاﺕ ﺗﺤﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺘﺎﺭ، ﺇﺫ لا ﻳُﺸﻐﻞ ﻋﻘﻠَﻪ ﺑﺘﻠﻚ ﺍلأﻣﻮﺭ.

ﺃﻣﺎ ﺍلإﻧﻜﺎﺭ ﻓﻬﻮ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪﻡِ ﻗﺒﻮﻝ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻗﺒﻮﻝُ ﺍﻟﻌﺪﻡ، ﻓﻬﻮ ﺣُﻜﻢ، ﻳﻀﻄﺮ ﺻﺎﺣﺒُﻪ ﺇﻟﻰ ﺇﺷﻐﺎﻝ ﻋﻘﻠﻪ ﻭﺇﻋﻤﺎﻝ ﻓﻜﺮﻩ.

ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻣﺜﻠﻚ ﺃﻥ ﻳﺴﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻌﻘﻞَ، ﺛﻢ ﻳﺨﺪﻋﻪ ﺑﺎلإﻧﻜﺎﺭ.

ﺛﻢ ﺇﻧﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻗﺪ ﺧﺪﻋﺖ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺸﻘﺎﺓ ﻣﻦ ﺍلأﻧﻌﺎﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻓﻲ ﺻﻮﺭ ﺍلأﻧﺎﺳﻲ ﻓﻤﻬّﺪﺕ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻜﻔﺮَ ﻭﺍلإﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻮﻟﺪﺍﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﺟﺪﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎلاﺕ، ﺑﺎﻟﻐﻔﻠﺔ ﻭﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻔﺴﻄﺔ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﺩ ﻭﺍﻟﻤﻐﺎﻟﻄﺔ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺑﺮﺓ ﻭﺍلإﻏﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺳﺎﺋﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﺮﻱ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺣﻘﺎً ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﻣﻤﻜﻨﺎً.

ﺭﺍﺑﻌًﺎ: ﺇﻥَّ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻛـلاﻡ ﺑﺸﺮ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳُﺘﺼﻮﺭ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻳﺮﺷﺪ -ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺸﺎﻫﺪ- ﺍلأﺻﻔﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﺪﻳﻘﻴﻦ ﻭﺍلأﻗﻄﺎﺏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘـلألأﻭﻥ ﻛﺎﻟﻨﺠﻮﻡ ﻓﻲ ﺳﻤﺎﺀ ﺍلإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻭﻳﻌﻠّﻢ ﺑﺎﻟﺒﺪﺍﻫﺔ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍلاﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭﺍلأﻣﻦ ﻭﺍلأﻣﺎﻥ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ، ﻭﻳﺤﻘﻖ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﺍﺭﻳﻦ ﺑﺤﻘﺎﺋﻖ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﺩﺳﺎﺗﻴﺮ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍلإﺳـلاﻡ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﻤﺒﻴﻦ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺰﻛﻴﺔ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﺓ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺬﻱ لا ﻳﺄﺗﻴﻪ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﻭلا ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻪ.. ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳُﺘﺼﻮﺭ -ﺑﻬﺬﺍ ﺍلاﻓﺘﺮﺍﺽ- ﺧـلاﻑ ﺃﻭﺻﺎﻓﻪ ﻭﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺗﻪ ﻭﺃﻧﻮﺍﺭﻩ، ﺃﻱ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺗﺼﻮُّﺭﻩ ﺃﻧﻪ ﺍﻓﺘﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﺧﺪّﺍﻉ.. ﻭﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺇﻟّﺎ ﻣﺤﺎﻝ ﺷﻨﻴﻊ ﻳﺨﺠﻞ ﻣﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﻮﻥ ﻭﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ، ﺇﺫ ﻫﻮ ﻫﺬﻳﺎﻥ ﻛﻔﺮﻱ ﺗﺮﺗﻌﺪ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺺُ. ﺯﺩ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻳﻠﺰﻡ ﺑﺬﻟﻚ ﺍلاﻓﺘﺮﺍﺽ، ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﺭﺳﺦ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﻭﺃﻣﺘﻦ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﺃﺻﺪﻕ ﻛـلاﻣﺎً ﻭﺁﻣﻦ ﻗﻠﺒﺎً، ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻐﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺗﻰ ﺑﻬﺎ ﻭﺑﺪلاﻟﺔ ﻣﺎ ﺃﻇﻬﺮﻩ -ﺑﺎلاﺗﻔﺎﻕ- ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﺍﻟﺨﺎﺭﻗﺔ، ﻭﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﺼﺔ، ﻭﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺃﺧـلاﻗﻪ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﺍﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﻭﺍلأﻋﺪﺍﺀ، ﻭﺑﺘﺼﺪﻳﻖ ﻣﻦ ﺭﺑّﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ.. ﻳﻠﺰﻡ -ﺑﺬﻟﻚ ﺍلاﻓﺘﺮﺍﺽ- ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﺎﻗﺪﺍً ﻟﻠﻌﻘﻴﺪﺓ، لا ﻳﻮﺛﻖ ﺑﻪ، ﻭلا ﻳﺨﺸﻰ ﺍﻟﻠﻪ (ﺣﺎﺵ ﻟﻠﻪ ﺛﻢ ﺃﻟﻒ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ ﺣﺎﺵ ﻟﻠﻪ) ﻭﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺇﻟّﺎ ﺍﺭﺗﻜﺎﺏ لأﻗﺒﺢِ ﻣﺤﺎﻝ ﻣﻤﺠﻮﺝ ﻭﺿـلاﻟﺔ ﻣﻮﻏﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ.

  ﻧﺤﺼﻞ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ: ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺫﻛﺮ ﻓﻲ «ﺍلإﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻋﺸﺮﺓ» ﻣﻦ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ»، ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ لا ﻳﻤﻠﻚ ﺇﻟّﺎ ﻗﺪﺭﺓ ﺍلاﺳﺘﻤﺎﻉ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﺇﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻗﺪ ﻗﺎﻝ: ﺇﺫﺍ ﻗﻴﺲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥُ ﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﺳﻤﻌﺘُﻪ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ، ﻧﺮﺍﻩ لا ﻳﺸﺒﻪ ﺃﻳﺎً ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﺘﺐ. ﻟﺬﺍ ﻓﺎﻟﻘﺮﺁﻥ: ﺇﻣﺎ ﺃﻧﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ، ﺃﻭ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﻖ ﺍلأﻭﻝ، ﻓﻤﻊ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺤﺎلا لا ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺣﺘﻰ ﺍلأﻋﺪﺍﺀ -ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟﻪ- ﻟﺬﺍ ﻓﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﺭﻓﻊ ﻭﺃﺳﻤﻰ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﺘﺐ. ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﻣﻌﺠﺰﺓ.

ﻭﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻫﺬﺍ ﻧﻘﻮﻝ ﻣﺴﺘﻨﺪﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﺣﺠﺔ ﻗﺎﻃﻌﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻰ (ﺑﺎﻟﺴﺒﺮ ﻭﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ) ﺣﺴﺐ ﻋﻠﻢ ﺍلأﺻﻮﻝ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ:

ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﻳﺎ ﺗـلاﻣﻴﺬ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ!

ﺇﻥَّ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺇﻣﺎ ﺃﻧﻪ ﻛـلاﻡُ ﺍﻟﻠﻪ ﺁﺕٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺍلأﻋﻈﻢ، ﻣﻦ ﺍلاﺳﻢ ﺍلأﻋﻈﻢ، ﺃﻭ ﺃﻧﻪ ﺍﻓﺘﺮﺍﺀُ ﺷﺨﺺ لا ﻳﺨﺸﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭلا ﻳﺘﻘﻴﻪ ﻭلا ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﻪ ﻭلا ﻳﻌﺮﻓﻪ (ﺣﺎﺵ ﻟﻠﻪ ﺃﻟﻒ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ ﺣﺎﺵ ﻟﻠﻪ) ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜـلاﻡ لا ﺗﻘﺪﺭ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻟﻪ ﻭﻟﻦ ﺗﻘﻮﻟﻪ ﻗﻄﻌﺎً ﺣﺴﺐ ﺍﻟﺤﺠﺞ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺍﻟﻘﺎﻃﻌﺔ. ﻟﺬﺍ ﻭﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻭﺑـلا ﺃﺩﻧﻰ ﺷﺒﻬﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻛـلاﻡ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﺫﻟﻚ لأﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺳﻂٌ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ، ﺇﺫ ﻫﻮ ﻣﺤﺎﻝ لا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺤﺪﺙ ﻗﻂ، ﻛﻤﺎ ﺃﺛﺒﺘﻨﺎﻩ ﺇﺛﺒﺎﺗﺎً ﻗﺎﻃﻌﺎً، ﻭﻗﺪ ﺷﺎﻫﺪﺗَﻪ ﺑﻨﻔﺴﻚ ﻭﺍﺳﺘﻤﻌﺖ ﺇﻟﻴﻪ.

ﻭﻛﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً صلى الله عليه وسلم ﺇﻣﺎ ﺃﻧﻪ ﺭﺳﻮﻝُ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻴﺪ ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ ﻭﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﺃﻭ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻓﺘﺮﺍﺿﻪ (ﺣﺎﺵ ﻟﻠﻪ ﺛﻢ ﺣﺎﺵ ﻟﻠﻪ) ﺑﺸﺮﺍً ﻣﻔﺘﺮﻳﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ لا ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻭلا ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﻪ ﻭلا ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻌﺬﺍﺑﻪ، ﻓﺴﻘﻂ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﻔﻞ ﺳﺎﻓﻠﻴﻦ (حاشية) ﺍﺿﻄﺮﺭﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻌﺎﺑﻴﺮ ﺑﻔﺮﺽ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﻭﻓﺮﺍﺋﺼﻲ ﺗﺮﺗﻌﺪ، ﻭﺫﻟﻚ ﺇﻇﻬﺎﺭﺍً ﻟﻤﺤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻜﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻝ ﺍﻟﻜﻔﺮﻱ ﻭﺑﻴﺎﻥ ﻓﺴﺎﺩﻩ ﺑﺎﻟﻤﺮﺓ، ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍً ﺇﻟﻰ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻟﻜﻔﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ، ﻭﺗﻌﺎﺑﻴﺮﻫﻢ ﺍﻟﻐﻠﻴﻈﺔ ﺍﻟﻤﻤﺠﻮﺟﺔ، لأﺟﻞ ﺩﺣﻀﻬﺎ. ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ لا ﺗﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﻳﺎ ﺇﺑﻠﻴﺲ، لا ﺃﻧﺖ ﻭلا ﻣﻦ ﺗﻌﺘﺰ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻓـلاﺳﻔﺔ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﻣﻨﺎﻓﻘﻲ ﺁﺳﻴﺎ، لأﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻨﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﺛﻢ ﻳﺼﺪّﻗﻪ ﻗﻂ.

لأﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻔـلاﺳﻔﺔ ﻓﺴﺎﺩﺍً ﻭﺃﻓﺴﺪ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻭﺟﺪﺍﻧﺎً ﻳﻌﺘﺮﻓﻮﻥ ﺑﺄﻥَّ ﻣﺤﻤﺪﺍً صلى الله عليه وسلم ﻛﺎﻥ ﻓﺬﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺁﻳﺔ ﻓﻲ ﺍلأﺧـلاﻕ.

ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣﻨﺤﺼﺮﺓ ﻓﻲ ﺷﻘﻴﻦ ﻓﻘﻂ، ﻭﺃﻥَّ ﺍﻟﺸﻖ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺤﺎﻝ ﻗﻄﻌﺎً، لا ﻳﺪّﻋﻴﻪ ﺃﺣﺪ، ﻭﺃﻥَّ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ لا ﻭﺳﻂ ﻓﻴﻬﺎ -ﻛﻤﺎ ﺃﺛﺒﺘﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺑﺤﺠﺞ ﻗﺎﻃﻌﺔ- ﻓـلاﺑﺪ ﻭﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻭﺭﻏﻢ ﺍﻧﻔﻚ ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻧﻒ ﺣﺰﺑﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﻭﺑﺎﻟﺒﺪﺍﻫﺔ ﻭﺑﺤﻖ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﻓﺈﻥَّ ﻣﺤﻤﺪﺍً صلى الله عليه وسلم ﺭﺳﻮﻝُ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻴﺪ ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ ﻭﻓﺨﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻭﺍﻟﺴـلاﻡ ﺑﻌﺪﺩ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺍلإﻧﺲ ﻭﺍﻟﺠﺎﻥ.

ﺍﻋﺘﺮﺍﺽٌ ﺛﺎﻥٍ ﺗﺎﻓﻪٌ ﻟﻠﺸﻴﻄﺎﻥ

﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ * وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ * وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ *  أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ (ﻕ:18-24)

ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺗﻠﻮ ﻫﺬﻩ ﺍلآﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺳﻮﺭﺓ (ﻕ) ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ:

– ﺇﻧﻜﻢ ﺗﺮﻭﻥ ﺳـلاﺳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻭﺿﻮﺣَﻪ ﺃﻫﻢ ﺭﻛﻦ ﻓﻲ ﻓﺼﺎﺣﺘﻪ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻨﻘـلاﺕ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻭﺍﻟﻄﻔﺮﺍﺕ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍلآﻳﺎﺕ. ﻓﺘﺮﻯ ﺍلآﻳﺔ ﺗﻌﺒُﺮ ﻣﻦ ﺳﻜﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻧﻔﺦ ﺍﻟﺼُﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﺧﺘﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ، ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﺬﻛﺮ ﺍلإﻟﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﺟﻬﻨﻢ.. ﺃﻳﺒﻘﻰ ﻟﻠﺴـلاﺳﺔ ﻣﻮﺿﻊ ﺿﻤﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘـلاﺕ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ؟ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺐ ﻣﻮﺍﺿﻌﻪ ﻧﺮﻯ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻋﻦ ﺍلأﺧﺮﻯ، ﻓﺄﻳﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﺴـلاﺳﺔ ﻭﺍﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ؟.

  ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺇﻥَّ ﺃﻫﻢ ﺃﺳﺎﺱ ﻓﻲ ﺇﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻤﺒﻴﻦ ﻫﻮ ﺍلإﻳﺠﺎﺯ ﺑﻌﺪ ﺑـلاﻏﺘﻪ ﺍﻟﻔﺎﺋﻘﺔ، ﻓﺎلإﻳﺠﺎﺯ ﺃﻫﻢ ﺃﺳﺎﺱ لإﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺃﻗﻮﺍﻩ، ﻓﻬﺬﺍ ﺍلإﻳﺠﺎﺯ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻛﺜﻴﺮ ﻭﻟﻄﻴﻒ ﺟﺪﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻨﺒﻬﺮ ﺃﻣﺎﻣَﻪ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﺪﻗﻴﻖ.

ﻓﻤﺜـلا ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (ﻫﻮﺩ:٤٤)

ﻓﻬﺬﻩ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺗﺒﻴّﻦ ﻓﻲ ﺑﻀﻊ ﺟﻤﻞ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺍﻟﻄﻮﻓﺎﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ، ﻭﺗﻮﺿﺤﻬﺎ ﺑﺈﻳﺠﺎﺯ ﻣﻌﺠﺰ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﺣﺘﻰ ﺳﺎﻗﺖ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒـلاﻏﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺠﻮﺩ ﻟﺮﻭﻋﺔ ﺑـلاﻏﺘﻬﺎ.

ﻭﻛﺬﺍ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا﴾ (ﺍﻟﺸﻤﺲ:11-15)

ﺗﺒﻴﻦ ﻫﺬﻩ ﺍلآﻳﺎﺕ ﺑﻴﺎﻧﺎً ﻣﻌﺠﺰﺍً، ﻓﻲ ﺇﻳﺠﺎﺯ ﺑﻠﻴﻎ، ﻓﻲ ﺑﻀﻊ ﺟﻤﻞ ﻗﺼﻴﺮﺓ، ﺍﻟﺤﻮﺍﺩﺙَ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻟﻘﻮﻡ ﺛﻤﻮﺩ ﻭﻋﺎﻗﺒﺔ ﺃﻣﺮﻫﻢ، ﺗﺒﻴّﻨﻬﺎ ﺑﺈﻳﺠﺎﺯ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺇﺧـلاﻝ ﺑﺎﻟﻔﻬﻢ ﻭﻓﻲ ﺳـلاﺳﺔ ﻭﻭﺿﻮﺡ.

ﻭﻣﺜـلا ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ (ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ:87)

ﺇﻥ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﻠﺔ: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ﴾ ﻫﻨﺎﻙ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﺍﻟﻤﻄﻮﻳﺔ. ﻓﺘﻠﻚ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ لا ﺗﺨﻞ ﺑﺎﻟﻔﻬﻢ ﻭلا ﺗﺴﻲﺀ ﺇﻟﻰ ﺳـلاﺳﺔ ﺍلآﻳﺔ، ﺇﺫ ﺗﺬﻛﺮ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﺤﻮﺍﺩﺙ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻭﺗﺤﻴﻞ ﺍﻟﺒﻘﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ.

ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﺳﻒ، ﻓﺈﻥ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﴿فَأَرْسِلُونِ﴾ ﺇﻟﻰ ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ﴾ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺎ ﻳﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﺟﻤﻞ ﻗﺪ ﺍﻧﻄﻮﺕ، ﻭﻟﻜﻦ ﺩﻭﻥ ﺇﺧـلاﻝ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭلا ﺇﻓﺴﺎﺩ ﻟﺴـلاﺳﺔ ﺍلآﻳﺔ.

ﻭﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻧﻤﺎﻁ ﻣﻦ ﺍلإﻳﺠﺎﺯ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﻫﻲ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﺟﺪﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ.

ﺃﻣﺎ ﺍلآﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺼﺪﺭﺓ، ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ (ﻕ) ﻓﺈﻥ ﺇﻳﺠﺎﺯﻫﺎ ﻋﺠﻴﺐ ﻭﻣﻌﺠِﺰ، ﺇﺫ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺍﻟﺮﻫﻴﺐ ﺟﺪﺍً ﻭﺍﻟﻤﺪﻳﺪ ﺟﺪﺍً، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﻳﻮﻣﺎً ﻣﻨﻪ ﺧﻤﺴﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ، ﻓﺘﺬﻛﺮ ﺍلآﻳﺔ ﻣﺎ ﺗﺤﺪﺙ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻧﻘـلاﺑﺎﺕ ﻭﺗﺤﻮلاﺕ ﻭﺣﻮﺍﺩﺙ ﺟﻠﻴﻠﺔ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻢ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺴﻴّﺮ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻣﺬﻫﻠﺔ ﻛﺎﻟﺒﺮﻕ ﻓﻮﻕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻮﺍﺩﺙ ﺍﻟﺮﻫﻴﺒﺔ ﻭﺗﺠﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﺟﺪﺍً ﻛﺄﻧﻪ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﺃﻣﺎﻡ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ. ﻭﺗﺤﻴﻞ ﺍﻟﺤﻮﺍﺩﺙ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ، ﻓﺘﺒﻴّﻨﻬﺎ ﺑﺴـلاﺳﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ. ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (ﺍلأﻋﺮﺍﻑ:204) ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻗﻞ ﻣﺎ ﺑﺪﺍ ﻟﻚ!

ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ: ﺇﻧﻨﻲ لا ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﻗﺎﻭﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪلاﺋﻞ ﻭﺍﻟﺒﺮﺍﻫﻴﻦ ﻭلا ﺃﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﺗﺠﺎﻫﻬﺎ. ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻤﻘﻰ ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ ﻳﻨﺼﺘﻮﻥ ﺇﻟﻲّ ﻭﻛﺜﻴﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺍلإﻧﺲ ﻳﻤﺪﻭﻧﻨﻲ ﻭﻳﻌﺎﻭﻧﻮﻧﻨﻲ ﻭﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻔـلاﺳﻔﺔ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮﻋﻨﻴﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﻭﺭﻳﻦ ﻳﺘﻠﻘّﻮﻥ ﻣﻨﻲ ﺍﻟﺪﺭﻭﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﺗـلاﻃﻒ ﻏﺮﻭﺭﻫﻢ ﻭﺗﻨﻔﺦ ﻓﻴﻪ.

ﻭﻟﻬﺬﺍ لا ﺍﺳﺘﺴﻠﻢ، ﻭلا ﺃﺳﻠّﻢ ﻟﻚ ﺍﻟﺴـلاﺡ!

 ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾