[شهادة]

إخوتى الأعزاء الأوفياء!

أهنئكم بالعيد السعيد، وأذكّركم بما أخبرتكم سابقا عن قبولي كلا منكم -حسب درجته- سعيدا، ووارثا لي، ومحافظا لرسائل النور بدلا عني، وذلك بناء على خاطرة معنوية. أبيّن لكم الآن أيضا:

لما كنتم قد أعطيتم لي أستاذية -بما يفوق حدي بكثير- في العلوم الإيمانية والخدمة القرآنية، بناء على حُسن ظنكم المفرط. فأنا كذلك أمنح كلا منكم شهادة -كما كان الأساتذة يمنحون الشهادة العلمية إلى من يستحقها من الطلاب- وأبارككم بكل ثقتي ووجداني وروحي.

فلقد سعيتم في سبيل نشر رسائل النور إلى الآن سعيا يفوق الحد، مع الالتزام بالوفاء التام والإخلاص الكامل. وستستمرون عليه بأسطع صورة وأبهاها، فتصبحون بإذن الله ألوفا من «سعيدين» مقتدرين أقوياء جادين في مهمتهم بدلا من هذا «السعيد» العاجز الضعيف المتقاعد.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

المكاتيب التي كتبت في أميرداغ

بعد سجن أفيوُن

باسمه سبحانه

إلى رئيس الشؤون الدينية

إخوتي الأعزاء الأوفياء!

ليذهب أحدُكم بدلا عنى إلى رئاسة الشؤون الدينية، وليبلّغ تحياتي واحتراماتي إلى رئيسها السيد أحمد حمدي وليبلّغه الآتي:

إنكم تفضلتم قبل سنتين بطلبِ مجموعة كاملة من كليات رسائل النور، وقد أحضرتُها لكم. ولكن على حين غرّة زجّونا في السجن، فلم أستطع تصحيحها، لذا لم أبعثها إلى حضرتكم. وأنا الآن منشغلٌ بتصحيحها، ولكن يبدو أنني لا أتمكن من إتمامها بسرعة لتدهور صحتي من جراء التسمم. وسوف نقدّمها لكم حالما تنتهي مهمةُ التصحيح بإذن الله. وحيث إن مَن لا يقبل الهدية لا يهدي، فإن ثمن هذا التفسير المعنوي القيّم، سيكون ثمنا معنويا ساميا، وهو ما تبذلونه من مساعٍ لإطلاق نشر رسائل النور بصفتكم رئيس العلماء في هذه البلاد الإسلامية. ونرسل معها أيضا ثلاثة أجزاء من المصحف الشريف، سبق أن أريناكموه، راجين بذل الهمة والسعي لطبعه.

وأبيّن لشخصكم الفاضل بوضوح:

أنه لم يحدث تعدٍ غادر فاضح في التاريخ تجاه علم الحقيقة والحقائق الإيمانية كما يحدث في قضيتنا نحن، لذا فمن مقتضى ديوانكم العلمي وموقع رئاستكم أداءُ هذه الوظيفة الدينية والعلمية قبل أي شيء آخر.

وفي أثناء تسممي الأخير فكرت في أجَلي، وتسلّيت بأن «أحمد حمدي» سيتبنّى رسائل النور بدلا عني.

وأبعث لكم أيضا نسخة كاملة من «دفاعاتي» في المحكمة، سبق أن أرسلت إلى ديوانكم أجزاء منها. وهي عينُ الحقيقة. أبعثها لكم على أمل إبرازها كمرجع لمن يسعى لإطلاق نشر رسائل النور بإشرافكم.

* * *

رسالة صونغور من أنقرة إلى الأستاذ

[تباشير طبع الرسائل]

باسمه سبحانه

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ

حضرة الفاضل أستاذي العزيز المشفق المبارك المحبوب!

لقد سلّمت رسالتكم الغراء إلى حضرة السيد أحمد حمدي رئيس ديوان الشؤون الدينية، مع مجموعة من الرسائل. فوضعها بفرح بالغ في مكتبته الخاصة وقال: «سأعطي -إن شاء الله- هذه المجموعة إخوتي الخاصين لقراءتها، وسنحاول -على هذه الصورة- طبعها تدريجياً» وقد قال أيضاً؛ يا سيدي ويا أستاذي المحبوب: إنه سيعمل حسب ما ورد في رسالتكم الكريمة، إلّا أنه لا يمكن نشر هذه المجموعات دفعة واحدة في الوقت الحاضر، إلّا أنني سأجعل إخوتي الخواص يقرؤونها، وننشرها حسب اهتمام الناس بها والطلب عليها، وبإذن الله سأسعى لنشرها على أفضل ما يكون.

صونغور

* * *

[محاولة ترجمة القرآن الكريم]

تُكتب النكتة الآتية في مقدمة المقام الثاني للمكتوب التاسع والعشرين عقب السؤال والجواب مباشرة:

إن سبب تأليف هذه الرسالة هو نوع من الرد على الخطة الرهيبة بجعل قراءة ترجمة القرآن في الجوامع بدلا من القرآن نفسه. ولكن دخلتْ في الرسالة تفاصيل وبحوث ليست من صلب الموضوع…

وخطر على القلب: أن المقام الأول للمكتوب التاسع والعشرين، هذا المقام المهم الضروري الساطع الخارق يُزيل نقائص المقام الثاني وإسرافه.

فشكرت ربي بسرور كامل ونسيت تلك النقائص.

* * *

رسالة شخصية إلى رئيس الشؤون الدينية

باسمه سبحانه

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حضرة السيد أحمد حمدي المحترم!

سأبين لكم حادثة روحية جرت لي:

قبل مدة مديدة كانت فكرة اتباعِ الرخصة الشرعية -بناء على الضرورة- وتركِ العزيمة لا ينسجم مع فكري، مثلما سلكتموه أنتم وعلماء معكم. فكنت أغضب وأحتدّ عليكم وعليهم. وأقول: لِمَ يتركون العزيمة متبعين الرخصة؟. لذا ما كنت أبعث إليكم رسائل النور مباشرة.

ولكن قبل حوالي أربع سنوات ورد إلى قلبي أسف شديد مشحون بالانتقاد. وفجأة خطر على القلب ما يأتي:

إن هؤلاء الأفاضل أصدقاؤك وزملاؤك في المدرسة الشرعية، وفي مقدمتهم السيد أحمد حمدي، قد هوّنوا الخطر الداهم -على الإسلام- إلى الرُّبع. وذلك بصرفهم قسماً من الوظيفة العلمية -حسب المستطاع- من أمام التخريبات الرهيبة العنيفة، حفاظاً على المقدسات، متبعين الدستور الشرعي: «أهون الشرين»، وسيكون عملهم هذا -إن شاء الله- كفارة لبعض نقائصهم وتقصيراتهم التي اضطروا إليها.

فبدأتُ من ذلك الوقت أنظر إليكم وإلى أمثالكم نظرةَ أُخوّةٍ حقيقية -كالسابق- فأنتم إخوتي في المدرسة الشرعية وزملائي في الدراسة.

وحيث إنني كنت أترقب وفاتي من وراء تسميمي هذا، عزمت على تقديم مجموعة كاملة إليكم قبل ثلاث سنوات آملاً أن تكونوا الصاحب الحقيقي لرسائل النور وحاميها بدلاً عني. غير أن المجموعة ليست مصححة ولا كاملة، إلّا أنني قمت بشيء من التصحيح لمجموعة كاملة أكثر أجزائها استنسخها -قبل خمس عشرة سنة- ثلاثة طلاب لرسائل النور لهم شأنهم..

فما كنت أعطي هذه المجموعة النفيسة غيرَك، حيث إن كتابتها من قبل هؤلاء الثلاثة الأعزاء جعلتْ قيمتها تعادل عشر مجموعات كاملة. ومقابل هذا فإن ثمنها المعنوي
ثلاثة أمور:

الأول: استنساخ ثلاثين نسخة تقريباً من كل منها بالرونيو بالحروف القديمة إن أمكن، وإلّا فبالحروف الجديدة، وتوزيعها على شُعب رئاسة الشؤون الدينية في البلاد. بشرط أن يكون أحد إخواننا الخواص مُعيناً على إجراء التصحيح وقائماً بأمره. لأن نشر أمثال هذه المؤلفات من مهمة رئاسة الشؤون الدينية.

الثاني: لما كانت رسائل النور بضاعة المدرسة الشرعية وملكها، وأنتم أساس المدرسة الشرعية ورؤساؤها وطلابها، فالرسائل إذن ملككم الحقيقي. فانشروا ما ترتأون منها وأجّلوا الأخرى!

الثالث: ليُطبع المصحف الشريف الذي يبين التوافقات في لفظ الجلالة، بالصورة الفوطوغرافية لتشاهَد لمعة الإعجاز في التوافقات. ويرجى عدم طبع التعاريف التركية حول التوافقات الموجودة في البداية مع المصحف الشريف، بل الأفضل طبعها في كراس مستقل باللغة التركية أو تترجم ترجمة أمينة إلى العربية.

* * *

[سرّ الإخلاص والحذر في هذا العمر]

إخوتي الأعزاء الأوفياء!

لقد أُخطر على قلبي أن أبيّن لكم بعض المسائل التي تخصّني بالذات:

إن سر الإخلاص يمنعني منعا باتا أن أجعل رسائلَ النور والخدمة الإيمانية أداةً لرتب دنيوية ولمقامات أخروية لشخصي، كما أرفض رفضًا قاطعا جعْلَ تلك الخدمة المقدسة وسيلة لراحتي بالذات وقضاء حياتي الدنيوية مرتاحا هنيئا، حيث إن صرفَ الحسنات الأخروية وثمراتها الخالدة في سبيل نيل لذائذ جزئية لحياة فانية ينافي سر الإخلاص، لذا أبلّغكم جازما:

أن خداما روحانيين من الجن -ممن يرغب فيهم المعتكفون المنـزوون من تاركي الدنيا- لو حضروا أوان جرحي وأَتوني بأفضل دواءٍ لي فإنني أجد نفسي مضطرا إلى عدم قبولهم تحقيقا للإخلاص الحقيقي. بل لو تمثّل قسمٌ من الأولياء ممن هم في البرزخ وأعطوني أفضل الحلويات، فلا أَقبلها منهم مع تقبيلي أيديهم، وذلك لئلا آكل ثمراتٍ أُخروية باقية في دنيا فانية. وقد أبدت نفسي أيضا رضاها كقلبي في عدم قبولها.

ولكني أَقبل الإكرامات الرحمانية القادمة من حيث العناية الإلهية -كالبركة- من دون أن نقصدها وننويها، أقبلها بروحي -بشرط عدم تدخل النفس الأمارة- ذلك لأنها علامةُ قبول الخدمة والرضى عنها.

وعلى كل حال يكفى هذا القدر لهذه المسألة.

ثانيا: في أثناء الحرب العالمية الأولى كنت مع الشهيد المرحوم الملا حبيب، نندفع بالهجوم على الروس في جبهة «پاسينلر». فكانت مدفعيتهم تواصل رمي ثلاث قذائـف علينا في كل دقيقة أو دقيقتين، فمرّت ثلاث قذائف مِن على رؤوسنا تـماماً وعلى ارتفاع مترين. وتَراجع جنودنا القابعون في الخندق. قلت للملا حبيب للتجربة والامتحان: ما تقول يا ملا حبيب، لن أختبئ من قنابل هؤلاء الكفار؟ فقال: وأنا كذلك لن أتخلف عنك ولن أفارقك. فوقعت الثانية على مقربة منا. فقلت للملا حبيب واثقاً من الحفظ الإلهي لنا: هيا نتقدم إلى الأمام! إن قذائف الكفار لا تقتلنا، نحن لن نتدنى إلى الفرار والتخلف.

وكذا الأمر في معركة «بتليس» وفي الجبهة الأمامية منها، فقد أصابت ثلاثُ طلقات للروس موضعاً مميتاً مني وثقبت إحداها سروالي ومرت من بين رجليّ. كنت أحمل حينها -في تلك الحالة الخطرة- حالة روحية تترفع عن النـزول إلى الخندق، حتى قال القائد «كَل علي» والوالي «ممدوح» من الخلف: لينسحب، أو ليدخل الخندق فوراً! ورغم قولهم هذا، وقولي: قذائف الكفار لا تقتلنا، وعدم اكتراثي بالحذر والحيطة، فلم أحاول الحفاظ على حياتي البهيجة أيام شبابي تلك. ولكن الآن رغم الثمانين التي بُلّغتُها أتّخذ منتهى الحذر والحيطة لحفظ حياتي، حتى أتجنّب المخاطر بحساسية شديدة.

فالذي يراقب هاتين الحالتين يجد التضاد العجيب. إذ من يضحي بأيام شبابه دون إحجام ويحاول الحفاظ بحساسية شديدة على بضع سنين من حياة الشيخوخة الفاقدة للذوق، لا شك أن الأمر نابع من حكمة، وفيه مقصدان ساميان اثنان أو ثلاث:

المقصد الأول

إن حياتي، حياة الشيخوخة والضعف تكون سببا لنجاة طلاب رسائل النور -إلى حدٍ ما- من الدسائس التي يحيكها الظالمون المتسترون -غير الرسميين وقسم من الرسميين- ومن هجماتهم التي يشنونها على شخصي بالذات حيث يظنون أن لي شأنا -جهلا منهم- فينشغلون بي بدلا عن طلاب رسائل النور.

المقصد الثاني

على الرغم من أن كلا من إخوتي الخواص هم أصحاب رسائل النور وبمثابة «سعيد» كامل، فإنني أشعر بضرورة حفظ حياتي المريضة الضعيفة الهرمة، لترسيخ التساند والترابط الذي هو أعظم قوتنا -بعد الإخلاص- ولئلا يصيبه شيء من التصدع -كما حدث في السجن- من جراء اختلاف المشارب، ولربما تلحق أضرار جسيمة بخدمة النور.. ولأجل أن تظهر مجموعات «الكلمات» و«اللمعات».. وليدفع بلاء الترويع من رسائل النور لدى العلماء النابعُ من الخوف والمنافسة.

ذلك لأن أعدائي -طوال الامتحانات المديدة في المحاكم- عجزوا عن رؤية تقصيراتي الخفية، فلم يستطيعوا من التهوين من شأني بحفظ الله وعنايته، فلا يستطيعون أيضا التغلب على رسائل النور. فأحاول الحفاظ على حياتي التي لا أهمية لها لقلقي على أن أعداءنا ربما يستطيعون الإضرار برسائل النور بالتهوين من شأن قسم من وارثيّ السعيدين الشباب، باختلاق الافتراءات عليهم في الحياة الاجتماعية، لأمور لا تُعرف ماهيتها، حتى رأيت ضرورة حمل مسدس آخر علاوة على ما عندي. وستبقى المؤامرات التي يحيكها الأعداء بائرة بإذن الله ثم بفضل دعوات إخواني كما حصل في إبطال مفعول السم.

* * *

[تباشير تيار جديد]

إخوتي الأعزاء الأوفياء!

ثالثا: رغم أنني لم أكترث بالحوادث السياسية الجارية منذ ثلاثين سنة ولم أتعقبها، فإن مصادرتهم لمصحفنا الشريف الذي يُظهر التوافقات في لفظ الجلالة وعدمَ إعادته إلينا، والتعذيبَ الدنيء الذي قاسيناه بيد محكمة أفيوُن ومنعَها لكتبنا.. كل ذلك أثّر فيّ أثرا بليغا، فنظرت مرتين أو ثلاثا إلى دنيا السياسة خلال ما يقرب من خمسة عشر يوما. ورأيت عجبا:

إن تيار الزندقة الذي يحكم بالاستبداد المطلق والرشوة العامة قد سعى لتعذيبنا وإفنائنا في سبيل إرضاء الماسونية والشيوعية، كما ذكرتُه في دفاعاتي، ولكني رأيت تباشير ظهور تيار آخر سيكسر قوة التيار الأول.. ولم أنظر أكثر من هذا، إذ لا رخصة لي من حيث مسلكي.

الباقي هو الباقي

أخوكم المريض

سعيد النُّورْسِيّ

 * * *

[برقية إلى رئيس الجمهورية]

جلال بايار

رئيس الجمهورية

نهنئكم وندعو الله تعالى أن يوفقكم لخدمة الإسلام والوطن والأمة.

عن طلاب النور

سعيد النُّورْسِيّ

إلى السيد رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الوزراء – أنقرة

نحن طلاب النور أصبحنا هدفاً لما لا مثيل له من ضروب التعذيب والإهانة طوال عشرين سنة، فصَبَرنا تجاه ذلك حتى أتى المولى الكريم بكم لمعاونتنا.

ونقدم محكمة التمييز ومحكمة دنيزلي شاهدَين على عدم وجود أي سبب كان لتلك الإهانات منذ خمس وعشرين سنة، حيث لم تتمكن ثلاث محاكم من وجدان السبب، لا حقيقة ولا قانوناً بعد تدقيقاتهم في مائة وثلاثين كتاباً وألوف المكاتيب.

وعلى الرغم من أنني تركت السياسة منذ ثلاثين سنة، فإنني أقدم تهانيّ إلى رئيس الجمهورية وإلى مجلس الوزراء الذين تولوا رئاسة الأحرار، وأقرن التهنئة بالإفصاح عن «حقيقة» وهي الآتية:

إن الذين يُغِيرون علينا ويعذبوننا في المحاكم قالوا: «ربما يَستغل طلابُ النور الدينَ في سبيل أغراض سياسية»! ونحن قلنا ونقول لأولئك الظالمين في دفاعاتنا ونسند قولنا بأُلوف الحجج:

إننا لا نجعل الدين أداة للسياسة، فليس لنا غاية إلّا رضاه تعالى، ولن نجعل الدين أداة لا للسياسة ولا للسلطة ولا للدنيا برمتها. هذا هو مسلكنا. وقد تحقق لدى أعدائنا، أنهم على الرغم من تدقيقاتهم المغرضة طوال ثلاث سنوات في ثلاثة أكياس مليئة بالكتب والمكاتيب لا يستطيعون إدانتنا، بل لا يجدون مبرراً للأحكام الاعتباطية التي حكموا علينا بها. وحيث إنهم لم يجدوا أي شيء علينا، فسخت محكمة التمييز ذلك الحكم. فنحن لا نجعل الدين أداة للسياسة بل نتخذ السياسة آلة للدين وفي مصالحة ووئام معه عندما نجد أنفسنا مضطرين اضطراراً قاطعاً إلى أن ننظر إلى السياسة تجاه الذين يجعلون السياسة المستبدة أداة للإلحاد، إضراراً للبلاد والعباد. فعمَلُنا يحقق رابطة أخوية لثلاثمائة وخمسين مليونا مع إخوانهم في هذه البلاد.

حاصل الكلام: أننا سعينا لأجل إسعاد هذه الأمة والبلاد بجعل السياسة أداة للدين وفي وئام معه تجاه أولئك الذين جعلوا السياسة المستبدة آلة للإلحاد وعذّبونا.

* * *

[بشارة إعادة الأذان الشرعي]

باسمه سبحانه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أبدا دائما

إخوتي الأعزاء الأوفياء!

أولا: نهنئكم ملء كياننا وأرواحنا بحلول شهر رمضان المبارك الذي يحقق ثمانين ونيفاً من عمر باقٍ مليء بالعبادة، ونتضرع إليه تعالى أن يجعل كل ليلة من ليالي هذا الشهر الكريم مثمرةً وبمثابة ليلة القدر. ونسأله تعالى برحمته الواسعة ونرجوه أن يجعلكم تحظَون بالأخوة الحقة والإخلاص الكامل، حتى يشارك كل طالب نور خاص -بسر تشريك المساعي- بالمكاسب المعنوية لجميع الطلاب، وكأنه يؤدي العبادة ويدعو ربَّه ويستغفره ويسبّحه بألوف الألسنة.

ثانيا: مع غلبة رسائل النور وظهورها ظهوراً معنوياً كاملاً يحاول ملحدو الماسونيين وزنادقة الشيوعيين أن يستهولوا صغائر الأمور، فيَحُولوا دون حرية نشر رسائل النور. حتى إنهم سببوا تأجيل محكمتنا -هذه المرة أيضاً- لخمسة وثلاثين يوماً. وأحدثوا ضجة ومشادة مع محامينا، ليمنعوا إعادة مصحفنا الشريف. إلّا أن العناية الإلهية جعلت جميع خططهم عقيمة بائرة، حيث إن رسائل النور في إسطنبول وأنقرة تستقرئ نفسها للشباب بشوق كامل وترشدهم إلى الصواب. حتى أدّت الغلبة المعنوية هذه إلى إرسال البرقيات من قبل مئات الشباب المثقفين تعبيراً عن تهانيهم وشكرانهم إلى رئيس الوزراء الذي سعى لإعادة الأذان المحمدي «على الوجه الشرعي».

* * *

[إسبارطة مباركة بالنسبة لي]

إخوتي الأعزاء الأوفياء!

أولاً: نبارك لكم بمناسبة ارتفاع الأذان المحمدي بكل بهجة وسرور وانشراح من فوق عشرات الألوف من المنائر في البلاد. فكما أن هذه بشرى لظهور الشعائر الإسلامية وسطوعها مجددا في البلاد فهو مقدمة لأعياد جليلة لكم ولهذه البلاد وللعالم الإسلامي إن شاء الله.

ونحن هنا نقول: آمين آمين آمين اللهم آمين لعباداتكم ودعواتكم المرفوعة في هذا الشهر المبارك، شهرِ رمضان الذي يُكسب المرء ثمانين ونيفاً من رأسمال عمر معمور بالعبادة، ونتضرع إلى رحمته تعالى أن تُكسب كلَّ ليلة من لياليه المباركة ثواب ليلة القدر، وأرجو منكم مدّ يد العون المعنوي لي، حيث لا أستطيع مواصلة السعي في العبادة والدعاء في هذا الشهر لشدة المرض ولشدة الضعف الذي انتابني.

ثانيا: إن أُمنيتي الكبيرة هي أن أقضي نهاية حياتي في إسبارطة وحواليها. فقد قلت كما قال بطل النور:

إن إسبارطة مباركة بالنسبة لي بقضّها وقضيضها بترابها وحجرها. حتى إنني متى ما اعتراني الغضب والحدّة على الإهانة والتعذيب الذي أُلاقيه من الحكومات السابقة منذ خمس وعشرين سنة، ما كنت أغضب على حكومة إسبارطة والمسؤلين فيها، بل كنت أنسى بقية المسؤولين لأجل تلك البقعة الطيبة، فما كنت أدعو عليهم. ولاسيما الوطنيين الحقيقيين الذين بدأوا بتعمير ما هدم أولئك الأحرارُ الذين يتسمَّون بالديمقراطيين. فأنا شاكر أولئك الناشدين للحرية ويقدّرون النور وطلاب النور حق قدرهم وأدعو ربي كثيرا لتوفيقهم. وسيرفع أولئك الأحرارُ الاستبدادَ المطلق بإذن الله. ويصبحون وسيلة للحرية الشرعية.

ثالثا: إن مكوثي هنا لعدة أيام بعد العيد ضروري، بناء على سبب. أما بعد شهر أو شهرين فهذا موكول إلى قرارِ أركانِ مدرسة الزهراء وموافقة السعيدِين الشباب من جامعة إسطنبول وأنقرة. فأيّ موضع يرتأونه مناسبا لي للبقاء فسأرضى به؛ إذ لما كنتم وارثيّ الحقيقيين وتؤدون مهمتي في هذه الدنيا أفضل مما أؤديها بألف مرة، فسأدَع موضع منـزلي الأخير في هذه الحياة الفانية حسب رأيكم.

رابعا: أخوّلكم في الجواب عن التهاني والرسائل القادمة ممن يعبّرون عن علاقتهم الشديدة بالنور.

* * *

[تأليف الطلاب سيرة أستاذهم]

إخوتي الأعزاء الأوفياء!

أولا: نتضرع إلى المولى القدير وأسأله تعالى برحمته؛ أن يقبل إحياءَ كل منكم مع جميع طلاب النور لليلة القدر التي تكسب ثمانين ونيفا من سني العبادة، والتي توافق النصف الأخير من شهر رمضان ولاسيما في العشر الأواخر منه ولاسيما في الليالي المفردة ولاسيما في السابع والعشرين منه، وأرجو أن تجعلوا أخاكم هذا الضعيف المقصّر المريض ضمن دعواتكم المقرونة بألوف «آمين».

ثانيا: إن طلاب النور في الجامعة يمثلون «سعيدين» شباب، فهم يؤدون مهمة مدرسة الزهراء حق الأداء، سواء في إسطنبول أو في أنقرة، ولا يدعون حاجة إلى هذا السعيد الضعيف.

نرسل طيّ هذه الرسالة البيانَ الذي وجهه الطلابُ الجامعيون إلى النواب والذي يمثل نموذجا لكفاية رسائل النور، ونرفقه بـ«تاريخ حياة» الذي يعدّ من تأليفهم أيضا والمستنسَخ باليد، لإعطائه إلى سبعين من النواب في البرلمان. فإذا ارتأيتم اجعلوا ذلك البيان ودفاع مصطفى صونغور الذي قدّمه إلى وزارة المعارف (التربية)، وعريضة مصطفى عثمان المقدّمة إلى وزارة العدل، ذيلا لكتاب «تاريخ حياة» المستنسخ باليد أو بالرونيو في إينوبولو.

ثالثا: إن أركان مدرسة الزهراء هم وكلاء حقيقيون لشخصي، فليكتبوا جواب الرسائل الواردة إلى شخصي بالذات.

* * *

[الإخوان المسلمون وطلاب النور]

إخوتي الأعزاء الأوفياء!

أولا: بارك الله فيكم ألف ألف مرة على إنجازكم مجموعة «الكلمات» على أفضل وجه وأصحّه. وحمدًا كثيرا لله على إنقاذكم قسما من المجموعات من المصادَرة والتلف.

ثانيا: بالنسبة للتهنئة التي كتبها إليّ من حلب أحدُ أعضاء الإخوان المسلمين، فإننا نهنئه بالمقابل ونهنئ الإخوان المسلمين من صميم قلوبنا وأرواحنا ونقول لهم:

بارك الله فيكم ألف مرة. إن طلاب النور -الذين هم بمثابة خَلَف الاتحاد المحمدي السابق- يمثلون الاتحاد الإسلامي في الأناضول. أما في البلاد العربية فالإخوان المسلمون هم الذين يمثلون الاتحاد الإسلامي.. إن طلاب النور والإخوان المسلمين -من بين صنوف عديدة- يشكّلان صفّين مترافقين ومتوافقين ضمن حزب القرآن، وضمن دائرة الاتحاد الإسلامي المقدسة. وقد سعدنا باهتمامهم الجدّي برسائل النور وبعزمهم على ترجمة بعضها إلى اللغة العربية، ونحن نحمل لهم شعور العرفان بالجميل. لذا فأرسِلوا جوابا لمن أرسل إليّ بطاقة التهنئة باسم جمعية الإخوان المسلمين، وأرجو منهم أن يقوموا برعاية طلاب النور ورسائل النور هناك.

* * *

[سعيدون شباب]

أخي العزيز الوفي عثمان نوري!

لقد جمع الله سبحانه حولك سعيدِين شباب، لهم شأنهم بفضل ما يحملون من نية سامية وإخلاص تام. وحيث إنكم ترون وجودي في أنقرة ضروريا، فأنا بدوري أُرسِل إليكم نسخي الخاصة من رسائل النور والتي تداركتُها بنفقتي الخاصة، أرسلها إلى تلك المدرسة النورية الصغيرة بدلا عني. فتكون لك أصحاب وجيران بعدد تلك النسخ.

وفي الوقت نفسه أُودِع لديك سعيدِين شباباً وهم: صونغور، جيلان، صالح، عبد الله، أحمد، ضياء. هؤلاء أثبتوا -إلى الآن- بخدماتهم أنهم مضحون أوفياء يفوق وفاء الأبناء لآبائهم. فكل منهم بمثابة عشرة «عبد الرحمن». أُودعهم لديك ليكونوا طلابا، ووكلاء عني، يؤدون مهمة النظارة -بدلا عني- في تلك المدرسة الصغيرة، وجعلِها مدرسة نورية صغيرة، والأمر أدَعه إلى رأيكم.

الباقي هو الباقي

أخوكم

سعيد النُّورْسِيّ

* * *